الثلاثاء 16 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

رقصة تايتنك وعزلة كورونا.. الفيروس ليس قاتلا

القاهرة 24
الخميس 19/مارس/2020 - 12:48 م

في إيطاليا نحو 60 مليون مواطن تحت العزل الطبي .. الخدمات التقليدية والتجمعات المفروضة كالجنائز والأفراح والتعزية باتت مجرمة قانونا .. الموتى في توابيت بانتظار من يدفنهم لأن ذويهم في الحجر الصحي .. طوابير المصابين بالفيروس ومستحقو جلسات التنفس الاصطناعي محتشدة بالآلاف والقوائم متكدسة أمام المستشفيات .. صفحات الوفيات في الجريدة الرسمية من صارت 10 صفحات بدلًا من 3 والوفيات يوميًا بالعشرات بمتوسط 150 حالة .. هناك شبه انهيار للمنظومة الصحية في بلد الرومانسية والجمال والحضارة.

لكن ما الذي حدث في هذا البلد وكيف تم هذا الانهيار؟ منذ الإعلان عن انتشار المرض.. الإيطاليون تعاملوا باستهتار.. المولات كانت مزدحمة والناس مكتظة في الأماكن العامة والمنتجعات السياحية والمحلية في كل الأماكن .. لم ينتشر الحذر، ولم يخش الناس، إذ نقلت وكالات الأنباء تقارير مصورة لمواطنين طليان وهم يتراقصون في سيناريو شبيه بالسفينة “تايتنك” حيث كان من على متنها يلهوون ويرقصون “الفالس” بينما هي تواجه الانهيار في الأسفل.

لم تأخذ أكثر الدول الأوروبية عرضة للوباء الكارثي التحذيرات في عين الاعتبار، وضرب مواطنوها بها عرض الحائط، وكأن الأمر أشبه بشوط ينتهي سريعًا، لكن الأمر بات كارثي بمعنى الكلمة وفرص الحل والمواجهة صارت صعبة مستعصية شبه مستحيلة.

سر التحول السريع للوباء من بلد كان عاصمة الفيروس وحاضنته “الصين”، التي أعلنت “صفرية المرض، وبين تسببه في إصابة نحو أكثر من 80 ألف شخص ووفاة أكثر من 3200 آخرين في إيطاليا يرجع في المقام الأول إلى المواطن، وتنفيذه اجراءات دولته فما بين التزامه في الصين واستهتاره واستهوانه في إيطاليا بما يواجهه العالم بات يحصد نتيجة الخطأ والخطر. أما في مصر.

في ظني أن التجربة الإيطالية من الممكن أن تتكرر في مصر –لا قدر الله- إذ استمرت الاستهانة والاستهوان، المواطنون في الشوارع يمارسون حياتهم بارتياحية .. يقيمون أفراحهم وعزاءهم .. يتجمعون ويلهون .. لا يخلو تجمع من الحكي عن كورونا، لكنهم في نفس الوقت يتبادلون تدخين الشيشة، والسلامات والأحضان والقبلات والتعانق.. كأنهم يتحدثون عن حدث غريب في بلد بعيد لا ولن يقترب منهم.

يثير غضبك عندما تنصح أحدهم فيرد عليك جملته المعتادة “ياعم ماحدش هيموت ناقص عمر”، ويدخل معك في مباراة جدلية سوفسطائية عقيمة يستند فيها إلى آيات حفظ تفسيرها خطئًا، واعتاد ترديدها بلا تأمل، فلا ينتج إلا مزيدا من التأخر والجهل والمرض والفقر، وكأن الله لم ينصحنا بالأخذ بالأسباب، والتعقل والتوكل القائم على أسس الحياة والعبادة وعمارة الأرض. وفقًا للبيانات الرسمية والتصريحات الحكومية التي تؤكدها منظمة الصحة العالمية فإن الأمر في مصر – أعتقد إنه تحت السيطرة حتى الآن – لكن الأمر ليس بهذه البساطة، وليس بعيدًا عن الخطر ما لم يأخذ الناس بأسباب الوقاية والحماية والنظافة والالتزام بالتعليمات ومنع التكدس لعدم حدوث سيناريو – لا قدر الله – لا نقدر عليه وفي غنى عنه ، جنبنا الله وإياكم شر الأمراض والأوبئة وحمى مصر وشعبها.

تابع مواقعنا