الأربعاء 24 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

وائل صالح يكتب: مستشار أردوغان أراد نفْي نهاية الإسلاموية فأكدّ موتها

القاهرة 24
سياسة
الخميس 19/مارس/2020 - 05:06 ص

رغم أني أجنح إلى تفادي الرد علي غير الأكاديميين و خصوصا المؤلدجين منهم  إلا أنني أجد نفسي مرغما علي الرد علي مستشار أردوغان. أولا لأن لي كتابا ألفته مع البروفسيور بجامعة مونتريال باتريس بردور

حول موت الإسلاموية التي ينكرها و يسفهها مستشار أردوغان ياسين أقطاي في مقال له نشر بالطبع على موقع قناة الجزيرة.

 

ثاني أسباب كتابة هذا المقال  هو حتى أشعر أن الحياة الفكرية مستمرة بالرغم من تهديد كورونا الذي شغلنا بحاجتنا البدائية أكثر من أي شيء أخر.

 

سأجمل سمات مقالة مستشار أردوغان كما يلي:

 

  • 1. التدليس و التشويش علي النقد الجاد و تسويغ العنف:
  •  

    يقول مستشار أردوغان :  «أنه لم يعد هناك أحد يتذكر عدد المرات التي تم فيها إعلان نهاية الإسلاموية. لقد أصبح هذا شيئًا يجب أن نعتاد عليه».  أولا لم يعلن عن نهاية الإسلاموية(الإسلام السياسي او التأسلم و ليس الإسلام كدين بالطبع) و موتها في كتاب أو في مقال علمي غير في عام 2016 في رسالتي للحصول على درجة الدكتوراه ثم في كتابي المشار اليه في مقدمة هذا الرد و المنشور 2018 ثم علي لسان أوليفيه روا في مؤتمر في إيطاليا عام 2019.

     

    ما كان يتحدث عنه قبل الربيع العربي كان فشل الإسلاموية و تحولها الي ما يطلق عليه “ما بعد الإسلاموية” و  هي باختصار اعتراف الإسلامويون ببعض أسس العلمانية و الديمقراطية كما كان ينظر لها أصف بيات على سبيل المثال.  لم يكن يتحدث أحد أبدا عن موت الإسلاموية لا من الباحثين و لا حتى من السياسيين.

     

    يهدف مستشار أردوغان هنا إذا  إلي التشويش علي التنظير الجديد بنهاية الإسلاموية و ذلك بإدعاء أنه ليس تنظيرا جديدا وأن الإسلاموية خالدة و منتقديها زائلون  فيقول “فأولئك الذين يعلنون نهاية “الإسلاموية” ينسحبون من المسرح بعد فترة (…) ويموتون فوراً، أو يَنفَدُ خطابهم السياسي (…)  و تستمر “الإسلاموية” في العيش رغم إعلانهم موتها”.

     

    و لا تخفي نبرة التهديد بالموت فورا لمنظري زوال الإسلاموية من مقال مستشار أردوغان.

     

    مستشار أردوغان يستمر في التهديد المستتر بل و يتجرأ علي تشبيه الإسلاموية بالله فيقول :  “شبهنا ما يحدث في هذا السياق بكلام نيتشه الذي أعلن “موت الله” حين كتب على الجدران: “مات الله، التوقيع: نيتشه”، ثم كتب في السطر التالي: “مات نيتشه، التوقيع: الله”. يصل الأمر بمستشار أردوغان إلي إطلاق أحكاما  تنم عن جهل عميق أو عن تدليس مريع قائلا علي سبيل المثال: أولئك الذين قدموا هذا التنظير بموت الإسلاموية “ليست لديهم معرفة بطبيعة الإسلام”.

     

  • 2. حلول الإسلاموية الوظيفية محل الإسلام أو إعادة تعريف المسلم  بحصره في الإسلاموي الوظيفي
  •  

    وذلك بالآليات الذهنية التالية:

     

    -إختصار الإسلام في الحاكمية الإخوانية

     

    يقول ياسين أقطاي:

     

    “هل يعتقد هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بأنهم مسلمون مطلقون، والذين لم يختلطوا بالسياسة بسبب محاولتهم عزل السياسة عن الدين؛ أنهم يفهمون الإسلام الذي يتضمن الإيمانُ به جملةً تمهيدية هي “لا إله إلا الله” (أي رفض عبودية العباد بعضهم بعضا وتخصيصها لله)؟ ”

     

    نلاحظ هنا الرغبة الجامحة لمستشار أردوغان في تكريس الإسلام و الإسلاموية في صراع تركيا أردوغان السياسي  مع دول عربية بتحويل معنى “لا إله إلا الله” إلي “رفض عبودية العباد بعضهم بعضا وتخصيصها لله” و ذلك بتصوير العيش في الدول العربية  التي تحكم بغير ما جاء به الإخوان المسلمين كأنها عبودية لغير الله.

     

    و هنا نطرح عليه اهم سؤال و هل يحكم أردوغان بما جاء به الإخوان المسلمين؟ لماذا غاب عن مقال مستشار أردوغان تطبيق الشريعة و التي هي روح الحاكمية الاخوانية؟ لماذا لا تطبق تركيا الشريعة ؟ لماذا لا  يرفض مستشار أردوغان “عبودية العباد بعضهم بعضا وتخصيصها لله” في تركيا ؟

     

    يكمل مستشار أردوغان قائلا :

     

    “وهل يرون أنه من الممكن أن يكونوا مسلمين دون أن يناضلوا ضد أشباه الآلهة الذين يحاولون استخدام الناس -كل يوم وفي كل مكان- كعِبادٍ لهم، والذين أفسدوا العالم من أجل هذا الغرض، ووضعوا نظامهم من أجل خلق الاضطرابات ودون أن يناضلوا ضد هؤلاء وخدامهم المتعصبين والمتهورين؟”

     

    هذه الرغبة الجامحة و الساذجة لمستشار أردوغان في تكريس الإسلاموية في صراع تركيا أردوغان السياسي  مع دول عربية أدخلت الإسلاموية في آخر مراحلها ما قبل النهاية و هي مرحلة أسميها “الإسلاموية الوظيفية”.

     

    -إدعاء أن الإسلاموية ركن من أركان الإسلام

     

    يقول أقطاي:

     

    “الإسلاموية طاقة لا يمكن استهلاكها لأنها تكشف نفسها كل يوم في الأعمال الأساسية، مثل الصلاة والصوم والحج والتضحية والاستشهاد والزكاة”. ثم يكمل قائلا: الإسلاموية “هي إرادة وجودية متأصلة في عمل كل مسلم”. هذا تكفير للمسلمين غير الإسلامويين؟ بل أنه يطلق أحكاما لا يطلقها الا جاهل قائلا علي سبيل المثال: أولئك الذين قدموا هذا التنظير بموت الإسلاموية “ليست لديهم معرفة بطبيعة الإسلام.”

     

    -إدعاء أن الإسلام دين سياسي يدمج الديني والسياسي فتصبح السياسة دين والدين سياسة

     

    يقول أقطاي:

     

    “من يستطيع إنهاء الإسلام السياسي طالما أن هذا الموقف السياسي هو المحور الأساسي في الخطاب التأسيسي للإسلام؟”

     

    -تنظير الولاء و البراء الوظيفي كأساس العلاقات الدولية

     

    يقول ياسين أقطاي:

     

    “التمييز بين الصديق والعدو هو أحد أكثر الفروق التأسيسية للمسلم. من هم أولياء المسلمين وأصدقاؤهم ومن هم أعداؤهم؟ أليس غير المسلمين أولياء وأصدقاء لبعضهم البعض؟ وما لم تخضع لدينهم وتدخل في معسكراتهم السياسية وتَبِعْ إخوانك؛ فإنهم لن يرضوا عنك”

     

    كل ما سبق لا يمكن له إلا أن يؤدي الا إلي  شرعنة العنف و التكفير و صرعنة العلاقات بين المسلمين غير الإسلاموي

     

    صرعنة العلاقات بين المسلمين غير الإسلامويين و بين الإسلامويين من جهة و بين المسلمين و الحضارات الأخرى من جهة أخرى.  كل ما استهدفه أقطاي مستشار أردوغان في وجهة نظري هو إحكام السيطرة علي الإسلامويين خصوصا الإخوان منهم كأداة في يد الدولة التركية الأردوغانية لإستخدامها حتي الرمق الأخير لصالح  ضمان أطول وقت ممكن لنظام أردوغان المرتبط مصيره بمصير الإسلامويين. وليس معنى ذلك أن نظام أردوغان ليس بإخواني و لكنه سلوك “عندما يأتي الطوفان”.

     

    و لكن لماذا موت الإسلاموية هو مصيرها المحتوم و الذي أراد أن ينفيه مستشار أردوغان فأكده؟

     

    من الممكن القول و بإختصار بأن السبب الرئيس هو أن الحواضن (في نطاق الدولة الوطنية والمنطقة العربية والعالم) – التي كانت تدعم الإخوان و الإسلاميين بشكل كبير – قد فقدها هذا التيار بعد ما يسمى الربيع العربي. فتخلصت ردة فعل الإخوان في صورتين: الصورة الأولى هي العودة التامة إلى الخطاب المؤسس مثلما يفعل الإخوان  خصوصا المقيمون في قطر و في تركيا من تكفير الآخر و التحدث عن الخلافة و الشريعة و الشرعية الدينية للحكم السياسي و احتكار التحدث باسم الدين و تكفير الآخر….ألخ. و هذا ما أسميه

    rétro-islamism

     

    ردة الفعل الثانية كانت التخلي بشكل كلي عن كل المبادئ المؤسسة للاسلاموية و بالتالي هو تفريغ الإسلاموية من كل ما كان يميزها عن التيارات  الأخرى العلمانية أو الإنسانوية …الخ . و هذا ما أسميته

    néo-islamisme

     

    وكلا الطريقين سيؤديان إلى موت الإسلاموية

     

    nécro-islamisme

     

    لأنها في صورتها المبدئية (أي نمط تدينها المؤسس) لم تعد مقبولة و فقدت سحرها بالكلية و في حالة التخلي عن كل مبادئها المؤسسة اندثرت لأن أسباب وجودها هي نفتها بنفسها. فالمصير المحتوم  هو “موت الإسلاموية”

     

    تابع مواقعنا