الخميس 25 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

في حب يورجن كلوب

القاهرة 24
الثلاثاء 31/مارس/2020 - 04:51 ص

في يناير 2018 تابعت المؤتمر الصحفي الأول للمدير الفني لفريق ليفربول، يورجن كلوب، حسبما أذكر، كان ذلك في اليوم الذي يسبق مباراة دربي المرسياسيد بالكأس الإنجليزية مع فريق إيفرتون الذي يُنازع ليفربول منذ زمن بمدينته العريقة، على كلٍ، دعك من كل هذه المقدمات السخيفة، المهم أنني في ذلك اليوم، وبلحظة ساحرة بالمؤتمر، وقعتُ في حب يورجن كلوب.

وجه أحد الصحفيين لكلوب سؤالًا عن فيليب كوتينهو، لاعب ليفربول الراحل حديثًا لنادي برشلونة وقتها، حيث سأله إن كان قد رحل بطريقة لائقة أم لا، وقتها أجاب كلوب بابتسامة شقت شفتيه “رجاءً، لا تُحدثني عنه، نحن هنا في ليفربول لم نعد نفكر به لأنه لم يعد جزءً من المستقبل، يُمكنك أن تسأل سؤالًا آخر”! في الحقيقة كانت الفكرة التي ألقى بها كلوب، وعلى الرغم من بديهيتها ومنطقيتها، ساحرة بالنسبة لي، معه حق، لا يُمكننا أن نتحدث عن أولئك الأشخاص الذين لم يعودوا جزءً من مستقبلنا، لا يُمكننا أن نُفكر بهم بالأساس، قلتُ في نفسي لقد صدق الرجل، ومن هنا بدأت في المتابعة عن كثب لوجهة نظر كلوب في الأشخاص والحياة، ليس كمدير فني لفريق كرة قدم، وإنما كفيلسوف حقيقي يدرك الكثير مما لا ندركه بهذه الحياة.

مرة أخرى بعد شهور استوقفني مؤتمر في نهاية موسم الدوري الإنجليزي لنفس الرجل، هذه المرة كان الدوري قد حُسم للخصم مانشستر سيتي بفارق نقطة واحدة، وكان من الممكن أن تتنظر بشغف علامات القهر والإحباط على الرجل الذي خذله حلمه، لكنه مرة أخرى استعان بابتسامة صادقة وقال للصحفيين بهدوء “إذا كنتم تعتقدون أنني هنا الآن لأقول إننا هُزمنا فأنتم واهمون، أنا هنا لأقول أننا بالفعل قد بدأنا التخطيط للفوز بلقب الموسم المُقبل، هذا ما نسميه المنافسة، وهذه هي الحياة التي نتواجد بها، ومن العار أن نرمي المنديل”!

أبهرني الرجل، اختصر لي مئات الكتب والأبحاث عن اليأس والأمل والعلاقة بينهن في هذه السطور، معه حق، مهما كانت مرارة الخسارة، ومهما كانت المحاولات التي تسبقها، فإن المحاولة تظل الدرجة الأولى في سُلّم الوصول، الضعفاء فقط من يُمكنهم الاستسلام عند العقبة الأولى، ويورجن كلوب يُدرب مثل هذا الأمر جيدًا.

في آخر ظهور لكلوب كُنت على موعدٍ مع لمحة فلسفية أخر، هنا يتحدث الرجل عن فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، حيث قال وقتها صراحةً أن كرة القدم ما هي إلا الشيء الأكثر أهمية بين تلك الأشياء الكثيرة الغير هامة بالمرة، إنه يتحدث ببساطة عن فكرة التخلي عن الشيء الوحيد الذي يُحبه ويؤمن به إذا كانت الضرورة تستدعى ذلك، ولا أنسى أنه في نفس الحديث زجر صحفيًا لأنه طلب منه رأيه في هذا الوباء، قال الرجل الفيلسوف “من أنا لأجيبك عن سؤال بهذه الأهمية؟”

حقيقةً، لن أُبالغ إذا ما قلت أن يورجن كلوب هو أهم فلاسفة الوقت الحالي، ربما لا تدركون ذلك، ربما هو نفسه لا يُدرك ذلك، لكن الرجل الذي يمتلك كل هذا السحر في كلماته وأفكاره أراه جديرًا بهذه المكانة، أما عن الكرة والتدريب وتلك الأشياء الأقل أهمية، من وجهة نظره هو، فهذه أيضًا ميادين تفوق فيه تفوقًا كاسحًا وسجل انتصاراتٍ عديدة بها، لذا لم يكن غريبًا عليّ أن أسقط صريعًا في حب ذلك الرجل الذكي الفيلسوف.. يورجن كلوب.

تابع مواقعنا