الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

كورونا والإعلام

القاهرة 24
الأحد 03/مايو/2020 - 12:08 م

حديثنا عن الاعلام ، لكي نعرف مدى قوة الاعلام فلنضرب المثال التالي ، لو ان السلعة -أي سلعة- تساوي خمسة على خمسة فإن ثلاثة على خمسة للدعاية عنها والباقي اثنين على خمسة لباقي العوامل (مدى الاحتياج اليها ، قدرتها على الإشباع ، جودتها ، تغليفها …. وهكذا) ، وطبعًا الدعاية هي جزء من الاعلام ، والذي يستطيع ان يجعل السلعة في نطاق رغبات المستهلك حتى ولو لم تشكل له أي قدر من الإشباع الحقيقي ، ولكن الدعاية تخلق لديه حالة من الاحتياج والإشباع الكاذب فيقبل على شرائها وقبل ان ننتقل الي موضوعنا الرئيسي ، يجب ان نشرح في سطور الفرق بين الاعلام والإعلان ، فالإعلان هو جزء من النشاط الإعلامي ضروري للأنشطة التجارية والاقتصادية في المجتمع ، أما الاعلام فهو جميع المواد التي يتم أنتجها للنشر عبر الوسائط الإعلامية مثل الصحف والقنوات التليفزيونية ومواقع التواصل وغيرها ، والتي يمكن ان يطلع عليها المستهدف بهذا الاعلام وهو عادة رجل الشارع الذي يكون رأيه جزء من الرأي العام وطبعًا اقصد برجل الشارع كل المواطنين لا تفرقه بين رجل وامراة ، فهم في مجموعهم يشكلون الرأي العام المؤثر في اتخاذ القرار ، ويمكن للإعلام ان يشكل رأي عام داعم للحكومة أو ضاغط عليها ، هذا على المستوى المحلي ، ولكن مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت والسرعة الهائلة في نقل الخبر عبر هذه الشبكات ، انتقلنا لمستوى مختلف من الاعلام قلت فيه أهمية الصحف الورقية والقنوات التقليدية لصالح الشبكة العنكبوتية وقنوات البث عبر النت ، والقت هذه السرعة عبءً ثقيلًا على الحكومات الإقليمية من ناحية وطورت الحاجة للعلام من كونه إعلام داخلي لكل دولة على حدا الي إعلام عالمي يمكنه تشكيل الرأي العام العالمي لصالح أو ضد أي دولة أو نظام أو فكرة وهنا كان على كل حكومة ان تقدم نفسها عالميًا من نواحي كثيرة ، سياسيًا باحترامها لحقوق الإنسان واقتصاديًا بكونها حكومة تنموية تتخذ البرامج الصحيحة لرفع مستوى معيشة الفرد داخلها ومنحه فرص العمل والحياة الكريمة وعسكريًا بإظهار قوتها وحزمها في التعامل مع قضاياها الأمنية ، ودوليًا بمشاركتها في المجتمع الدولي وتأثيرها في محيطها الإقليمي وبعدها الدولي ، وتفاعلها مع الأحداث والقضايا الدولية بشكل إيجابي ، كما يجب على كل حكومة التطوير من وسائلها الإعلامية وخططها وبرامجها الرسمية حتى تأخذ قدر كافي من التشويق اولاً والمصداقية في مواجهة الاعلام المضاد والموازي لتجذب عدد اكبر من المشاهدات لتكوين رأي عام داخلي داعم لها وخارجي مقتنع بعدالة قضاياها من كل ماسبق يتضح لنا أهمية الاعلام والذي يستطيع عند توظيفه عمل المعجزات ، وقد تم تسميته بالسلطة الرابعة وفي رأيي انه أقوى من كونه رابعة ، لانه يشكل سلطة الرقابة الشعبية على اداء الحكومة ، ومن هنا يكون سلطة مهيمنة شاملة ، والملاحظ ان نجاح الحكومات أو فشلها إعلاميًا يتعلق بمدى احترامها لحقوق الإنسان من ناحية ومن ناحية أخرى بتاريخ نظامها السياسي ، فمثلًا دولة مثل كوريا الشمالية فاشلة إعلاميًا للدرجة التي لم تستطيع معها مواجهة الاعلام المضاد لها والذي كون عنها فكرة استقرت في الضمير الجمعي لدى معظم البشر على الكرة الأرضية ويقودنا هذا الي جائحة كورونا والحرب الإعلامية بين امريكا والصين عن نشأة الفيروس والدولة المسئولة عنه ، لقد نجح الاعلام الأمريكي بدرجة عالية في تصوير الفيروس على انه صيني ، رغم ان الرئيس ترامب في ذلك خالف رأي الاستخبارات الامريكية نفسها والتي اقرت ان هذا الفيروس ليس من صنع الإنسان ولا دخل له به ، وهذا الإقرار من الاستخبارات الامريكية يبرئ ساحة الصين تمامًا من انها السبب ، ولكن الاعلام الأمريكي قرر ان يركز على أي اتهام للصين ويتم صياغة الأخبار التي تبرئ الصين باحترافية شديدة حتى يكون اثرها تاكيد اتهام الصين على هذا النحو (اتهم الرئيس ترامب الصين في كلمته اليوم بانها السببالمباشر في هذه الجائحة ، كما اكد المستشار الصحي للحكومة الامريكية ان الصين افتقدت للشفافية في التعامل مع الجائحة وأخفت الكثير من المعلومات عن منظمة الصحة العالمية ومن الجدير بالذكر ان تقريرًا صادرًا عن الاستخبارات الامريكية يؤكد ان الفيروس ليس مخلوق معمليًا ولكنه بفعل الطبيعة) خبر الاستخبارات يبرئ الصين ولكن الصياغة بهذه الطريقة تؤكد ادانة الصين وقد نجحت آلة الاعلام الامريكية نجاح منقطع النظير في ادانة واتهام الصين ، حتى تلازمت كلمة كورونا أو حتى خفاش بكلمة الصين ، وأصبح الشعب الصيني منبوذ عالميًا ، واستقر في الضمير الجمعي للإنسانية ان الوباء مصدرة الصين وما يأكله الصينيين من حيوانات برية ، مع ان عدد من يأكلون مثل هذه الحيوانات في الشعب الصيني لا يصل الي خمسة بالمائة أو اقل ولكن مع الدعاية ظن الجميع ان الصيني يأكل كل شيء وأي شيء بدءًا من القطط والكلاب الي كل أنواع الحيوانات المتوحشة وفي مقابل النجاح الباهر للإعلام الأمريكي هناك فشل ذريع للإعلام الصيني في التعامل مع الأحداث ، فمثلًا أعلن المتحدث الرسمي للخارجية الصينية عبر تويتر ان سبب الفيروس هو وحدات من الجيش الأمريكي اشتركت في عرض عسكري في أوهان ، وخبر مثل هذا لم تهتم به وسائل الاعلام الصينية ولم تقدمه لوسائل الاعلام العالمية ولم تهتم بنشره فضاء الخبر وأصبح مجرد اتهام لا دليل عليه ، كان يمكن لوسائل الاعلام الصينية لو كانت محترفة ان تأخذ الخبر وتجري لقاءات مع مصدر الخبر ليشرح اكثر وجهة نظره ثم تبحث بين الذين حضروا العرض العسكري وتجري معهم لقاءات وتبحث عن أي مريض بين كل الحضور حتى ولو بإنفلونزا عادية وتصوره وتنشر هذه الصور وتاتي بصور جندي أو ضابط أمريكي مريض من أي ارشيف وتقوم بنشرها وهنا سيتذبذب الرأي العام العالمي بين الاتهامات ولكن الاعلام الصيني لم يتطور وتوقف به التاريخ عند إعلام الحزب الواحد والزعيم الواحد وانتظر التعليمات التي لم تأتي لعدم وجود خطة إعلامية أو هدف إعلامي ، وضاع الخبر دون ان يترك أي اثر في العقود الأخيرة اهتمت الصين بالاقتصاد حتى أصبحت اكبر ثاني اقتصاد كوني ، واهتمت بمستوى معيشة الفرد حتى اصبح لديها اكبر عدد من المليونيرات على مستوى العالم واهتمت بحقوق الإنسان وبالبنية التحتية ، ولكنها حتى الان لم تهتم ولم تطور أعلامها ، يجب ان تعيد النظر في منظومة الاعلام ، ان وكالة الأنباء الرسمية الصينية شينخوا لديها احدث الوسائل العلمية والتقنية التكنولوجية من اجهزة بث ومحطات وميزانية هائلة ، ولكنها تفتقر الي الخطط والأهداف غير التقليدية بصفتها لاعب أساسي في السياسة والاقتصاد العالمي ، ان تطور الصين نفسها كان اسرع من حركة تطور أعلامها ، فكانت تخسر كثير من قضاياها الإعلامية مع الغير ، لقد خسرت قضيتها مع الايغور إعلاميًا واستطاع ان يصورها الاعلام المضاد انها ضد الإسلام كديانة -واشهد الله انها ليست كذلك- الصين بها عشر قوميات مسلمة من اصل ستة وخمسين قومية كلها تمارس شعائرها بحرية كاملة ومشكلتهم مع الايغور سياسية وليست دينية وخسرت قضيتها في مجال حقوق الإنسان في هونج كونج واستطاع الاعلام المضاد ان يصورها على انها دولة ديكتاتورية لا حقوق للإنسان فيها -واشهد الله انها ليست كذلك- فقد حضرت لاجتماع مؤتمر الشعب العام عند مناقشة الخطة الخمسية في عام ٢٠٠٦ ، ولم اكن وحدي بل تم دعوة الكثير من السفراء وممثلي الدول الأجنبية وأمريكا في هذا الاجتماع ، وقد كانت مناقشات جادة ولم تحصل الحكومة على موافقة ممثلي الشعب الصيني على الخطة بسهولة ولكن ممثلي الشعب كان لهم تحفظات على الكثير من بنود الخطة ولم يعطوا الحكومة تفويضًا على بياض ولكن اضطرت الحكومة الي اجراء تعديلات على خطتها وفقًا لملاحظات ممثلي الشعب حتى استطاعت تمريرها بصعوبة بالغة وسط دهشة كل الحضور والآن تخسر قضيتها في موضوع كورونا أمام الاعلام الأمريكي ، وارجوا الا تضطر الصين الي خسارة قضايا أخرى ، عليها كما طورت الكثير ان تنظر للإعلام

تابع مواقعنا