استغاثات وسيارة نصف نقل.. كواليس الساعات الأخيرة لصيدلي توفي إثر إصابته بكورونا في الأقصر

لم تكن أسرة الصيدلي الراحل أحمد عبد الستار، الذي أصبح حديث السوشيال ميديا عقب وفاته، تعلم بأن لحظة الإرهاق التي عاناها الجمعة الماضية، ستكتب نهايته في الثلاثاء، خاصة بعد تطور حالته في اليوم الأخير واستمراره لمدة ساعات في انتظار وصول سيارة إسعاف عقب إبلاغ الخط الساخن 105 بحالته، والذي وعد بتوجيه سيارة إسعاف للصيدلي، لكنها لم تصل حتى وفاته بحسب رواية أمل الرشيدي، زوجة الصيدلي الراحل خلال حديثها لـ”القاهرة 24″.

تقول الرشيدي؛ إن زوجها أحمد عبد الستار، صيدلي حر يبلغ من العمر 51 عامًا؛ حيث بدأت رحلة تعبه يوم الجمعة الماضية، عند عودته من إدفو التابعة لمحافظة أسوان، حيث يمتلك إحدى الصيدليات هناك.

وأضافت: “خلال هذا اليوم شعر ببعض الإرهاق، لكن لم يفكر في أنه قد يكون أصيب بفيروس كورونا لإنه أثناء عودته من إدفو قام بتشغيل تكييف السيارة بسبب ارتفاع حرارة الطقس خلال هذا اليوم، وزار أحد الأطباء فأوضح له بأنه تعرض لهبوط ويلزم الأمر تعليق محلول لتحسين حالته، وبالفعل قام بتركيب المحاليل بالمنزل، وعادت درجة حرارته لطبيعتها بعد أن كانت 38 درجة”.

وتابعت: “في اليوم التالي ارتفعت حرارة جسمه قليلًا، وطوال أيام الجمعة والسبت والأحد لم تظهر أية أعراض مصاحبة لارتفاع درجة الحرارة وكان بحالة جيدة حتى يوم الاثنين، لكن بدأت درجة الحرارة في الارتفاع يوم الثلاثاء، حتى وصلت إلى 39.5 عقب المغرب، مصاحبة بسعال، فزاره أحد الأطباء بالمنزل لفحصه، وأشار إلى أن أحمد يستدعى وضعه الصحي أن يدخل عناية مركزة بشكل عاجل، لافتًا إلى احتمالية إصابة الصيدلي بفيروس كورونا، مشيرة إلى أن زوجها كان لديه الضغط مرتفعًا والسكري”.

لحظة الارتباك والتوتر التي عاشتها أسرة الصيدلي جعلتهم يطرقون كل الوسائل المتاحة لإنقاذ رب الأسرة، فكان الاتصال بالخط الساخن للإسعاف هو أول اتصال.

“اتصلنا بخط الإسعاف 123، وأوضحنا لهم أن المصاب قد يكون اشتباه إصابه بكورونا، بغرض أن تأتي إسعاف مخصصة لحالات الاشتباه حتى لا نؤذي أحد، فرفضوا باعتباره اشتباه بكورونا، فاتصلنا بالخط الساخن 105 المخصص للإبلاغ عن حالات كورونا، لطلب إسعاف، لكن لم يتم الرد لمدة ساعتين، وبعد محاولات متكررة للتواصل معهم، قالوا لنا هنبعت سيارة إسعاف، كان هذا قبل منتصف ليل الأربعاء”، هكذا أوضحت زوجة الصيدلي

“بوست” قام بكتابته عمرو نجل الراحل أحمد عبد الستار، على حساب والده بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، استغاث فيه طالبًا سيارة لنقله إلى المستشفى ذاكرًا أن والده يتنفس بصعوبة، دفع هذا أحد شباب مدينة إسنا للتحرك بسيارته نصف النقل، كمحاولة لإنقاذ عبد الستار.

تقول زوجته: “أحد الاطباء أوصانا ينقله إلى مستشفى الرمد بإسنا، لإسعافه مؤقتًا لحين إرسال سيارة إسعاف مجهزة لنقله إلى مستشفى حميات أرمنت بغرب الأقصر، فوصل شاب يدعى إبراهيم يونس من قرية أصفون- موجهة له الشكر على موقفه النبيل- وتطوع بنقل الدكتور أحمد بسيارته نصف النقل، كانت الساعة الرابعة فجرًا ولم تصل الإسعاف بعد”.

واستكملت: “وصلنا مستشفى الرمد ولم نجد هناك ماسك أكسجين، حاولنا توفيره من عيادة أخي الذي يعمل طبيب، وقبل أن يصل ابن أخي بالماسك إلى الرمد، كان أحمد فارق الحياة”.

أما عن مراسم الغسل والدفن، قالت زوجة الصيدلي: “كانوا هياخدوا عينة لكن هذا كان يستدعي أن تظل الجثة بدون دفن لمدة يومين، ولإن إكرام الميت دفنه، جرت مراسم الغسل والدفن بما يحدث مع مصابي كورونا، وسط إجراءات احترازية مشددة”.

وأضافت الزوجة؛ أن “أحمد” كان متعاونًا ويسعى كثيرًا في أعمال الخير، حتى أنه جلب دواء لمريض كان طلبه منه، لايزال الدواء بالمنزل لم يستطع أن يوصله للمريض.

واختتمت زوجة الصيدلي الراحل: “لم يكن الأمر هين، فإلى جانب فراق أحمد، كان الأمر أشد صعوبة على أطفالي، حمزة بالمرحلة الإعدادية، وعمرو بالصف الأول الثانوي، ونحن نشاهد احتضار أبيهم أمام أعيننا”.