الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

السودان ولائحة الإرهاب!

القاهرة 24
الثلاثاء 26/مايو/2020 - 05:39 م

شهد سودان ما بعد البشير العديد من التحركات والتوجهات التي مثلت في مجملها سعيا يستهدف الانفتاح والتصالح مع المجتمع الدولي، وإنهاء حالة القطيعة التي عاشها السودان على مدار عقود، بسبب حكم البشير، وهي التوجهات التي جسدتها تحركات وزيارات قادة المجلس السيادي الخارجية منذ وصولهم إلى سدة الحكم، وخطوات أخرى أكثر أهمية وإثارة للجدل، تمثلت الأولى في لقاء البرهان بنتنياهو، وهو اللقاء الذي اعتبرته معظم الدوائر البحثية خطوة في سبيل إزالة اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وهو ما أكده البرهان نفسه في تصريحات عقب اللقاء، عندما أكد أن السودان يبحث عن مصالحه الوطنية والأمنية وأن اللقاء مع نتنياهو يأتي في هذا الإطار، وقال صراحة إن إسرائيل ستلعب دورا كبيرا في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ثم جاءت خطوة إعلان قرار تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، وأخيرا جاءت خطوة مهمة في نفس السياق تمثلت في إعلان وزارة العدل السودانية في فبراير المنصرم عن اتفاق مع أسر ضحايا المدمرة الأمريكية كول، وهو الاتفاق الذي تم التأكيد فيه على عدم مسؤولية الحكومة عن هذه الحادثة أو أي حوادث أخرى، وأكدت الحكومة أن هذا الاتفاق جاء في سياق الحرص على تسوية مزاعم الإرهاب التاريخية التي خلفها النظام المباد، بغرض استيفاء شروط الإدارة الأمريكية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

والحاصل أن المجلس السيادي حاول من خلال كافة هذه التحركات التي أثارت جدلا واسعا تقديم ما يمكن وصفه بالقرابين، من أجل إزالة اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب وهو الأمر الذي يأتي انطلاقا من إدراك القيادة الحالية لما يمثله ذلك من قيد وتحجيم لهم، بل وكون هذا التصنيف يحكم عليهم بالفشل حتما ولابد، إذ أن السودان وفي ضوء تصنيفه على أنه من الدول الراعية للإرهاب فإنه يعاني العديد من الأزمات التي تتجسد في: حظر المساعدات الاقتصادية الأمريكية، ومعارضة الولايات المتحدة لأي قرض يُمْنح للسودان من قِبل البنك الدولي وغيره من المؤسسات المالية الدولية، بالإضافة إلى حرمان السودان من أي معاملة تجارية تفضيلية أو أي إعفاءات جمركية للواردات السودانية وحرمان المستثمرين الأمريكيين في السودان، شركات وأفرادا، من أي إعفاءات ضريبية، لكن في الوقت الذي ساد فيه مناخ من التفاؤل فيما يتعلق بهذا الملف وانتظار السودانيين لرفع اسم بلادهم من القائمة، خصوصا بعد التسوية التي قام بها المجلس السيادي مع أسر ضحايا المدمرة الأمريكية، تفاجأوا بإصدار المحكمة العليا الأميركية حكماً يقضي بإعادة فرض دفع السودان 826 مليون دولار من عقوبات تأديبية تتجاوز 4 مليارات دولار، نص عليها حكم صدر عام 2011، لصالح بعض ذوي ضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، وهو التطور الذي سيفرض على الحكومة السودانية التخلص من قضية تفجير السفارتين وتسوية القضية مع أسر الضحايا وهو ما يعني المزيد من العبء على خزينة الدولة، لكن يظل السؤال: ماذا بعد كل هذه التنازلات؟

تشهد السياسة الخارجية لسودان ما بعد البشير أو سودان المجلس السيادي جدلا واسعا وكبيرا، فبالرغم من أن سيدة متخصصة في العلوم السياسية كانت أحد ضحايا قانون الفصل للصالح العام في عهد البشير هي التي تقبع على سدة الوزارة، إلا أن ثمة الكثير من الجدل المثار حول هذا الملف، هذا الجدل يرتبط من جانب بطبيعة السياسة الخارجية التي ينتهجها المجلس من حيث ملامحها، ودوائرها، واتجاهها العام، والعلاقة بين السياسي والاقتصادي فيها، وإلى أي مدى تعبر عن حالة قطيعة مع السياسة الخارجية لنظام البشير وكونها تعبر أو تترجم ما تم رفعه من شعارات في ثورة ديسمبر، ومن جانب آخر يرتبط الجدل بالتساؤلات حول مردودها وما إن كان اللعب على كافة المحاور سيؤتي أكله، خصوصا فيما يتعلق بالملف الاقتصادي وملف قائمة الإرهاب، لكن بعيدا عن هذا الجدل فإن المتابع للسياسة الخارجية السودانية في مرحلة ما بعد البشير يجد أنها تعمل في عدد من الاتجاهات أهمها محاولة تغيير صورة سودان البشير، وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي وضع فيها السودان، بسبب سياسات وتوجهات النظام السابق، سواء من خلال استضافة رموز وعناصر جماعات إرهابية، أو من خلال خطابه الصراعي والعدائي للولايات المتحدة، وأخيرا يحاول سودان ما بعد البشير الانتقال في النظام الدولي نحو شرعية ثورية تحتاج هذه الشرعية لتجاوز العديد من العقبات وتغيير التحالفات، وبالطبع تقديم العديد من التنازلات كما في حالة التطبيع مع إسرائيل.

تابع مواقعنا