الثلاثاء 23 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أمريكا بين ضحايا “كورونا” و”فلويد”

القاهرة 24
الإثنين 01/يونيو/2020 - 11:23 م

ليست هي المرة الأولى التي تشهدها أمريكا باندلاع أعمال عنف كرد فعل على مقتل أحد الموطنين السود، هذه الحرائق وضعتنا أمام قراءة لمجتمع ذو ديناميكية متغيرة، مبني على قيم حاول الآباء المؤسسون تجذيرها في المجتمع الأمريكي. بحسب تاريخ طويل من المواجهات العنصرية، بداية من أحداث لوس أنجلوس 1965، بعد أن أوقف رجال شرطة بيض شابًا أسمر يدعى ماركيت فراي خلال عملية تدقيق مرتبطة بحركة السير، ثم مشاجرة إلى تمرد في معزل (جيتو) واتس في لوس أنجلوس، وتحول هذا الحي الفقير لستة أيام، من 11 إلى 17 أغسطس، إلى ساحة قتال وفرِض منع للتجول وسقط 34 قتيلا، بينما تم توقيف أربعة آلاف شخص وسجلت أضرارٌ بعشرات الملايين من الدولارات، ثم تلاها أحداث وصولا لحادث مقتل مارتن لوثر كنيغ عام 1968، في مدينة ممفيس بولاية تينيسي في الرابع من إبريل، انفجر العنف في 125 مدينة، مما أدى إلى سقوط 46 قتيلا على الأقل و2600 جريح، مما أجبر الرئيس ليندون جونسون لاستدعاء الجيش، الذي تدخل في شيكاغو وبوسطن ونيوآرك وسينسيناتي، وبكل الأحداث اللاحقة من ميامي 1980 ثم لوس أنجلوس فرجوسن وبالتيمور وشارلوت وصولا إلى مينيابوليس. ولا تزال وفاة المواطن جورج فلويد تثير تداعيات خطيرة في الولايات المتحدة، إذ تم إعلان حالة الطوارئ في أكثر من 25 مدينة واعتقال المئات من المتظاهرين، وفرض حظر تجوال ووجه ترامب اتهامات لقوى مندسة، حيث اتهم أنتيفا (وهي حركة النشطاء اليسارية المتطرفة المناهضة للفاشية) واتهم أيضا اليسار الراديكالي، الذي وصفه بأنه لا يريد له الفوز في الانتخابات المقبلة، والانشغال عن المشكلة الأساس التي تواجه أمريكا وهي ومواجهة جائحة كورونا، التي أودت بمقتل أكثر من 105 آلاف ضحية وأكثر من مليون مصاب، وخسارة نحو 2 تريليون دولار وفقدان نحو 5 ملايين أمريكي وظائفهم، بينما ضرب الاقتصاد الأمريكي الذي يعد المحرك الأساس للسياسة الداخلية، في مقتل مع تجاوز طلبات الإعانة إلى أكثر من 20 مليون شخص. تصدر خصوم ترامب جبهة المعارضة، قاد الديمقراطون والدوائر الإعلامية المساندة لهم وجماعات الضغط المالي، حملة واضحة لتأجيج الرأي العام، في حادثة ربما هي الأقل، لو قورنت بحوادث حيث بالغ الخصوم في نفخ نار الاحتجاجات واتساع رقعة انتشارها، وهو أمر يفضحه أسلوب تعامل هذه الدوائر مع أحداث مماثلة وبعضها أكثر قسوة حدثت فى عهد إدارة باراك أوباما في بالتمور2015 وشارلوت 2016. فيما عمل خصوم ترامب، على اللعب على وترالعنصرية حيث لا يزال أصحاب البشرة السمراء، يشكلون مادة أساس للمناكافات السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين، إذا ما علمنا أن السود يمثلون كتلة انتخابية قوية داعمة للديمقراطيين، أكثر من الجمهوريين، لكنهم ما زالوا يعانون من النظرة السطحية، وإعتبر اعادة انتخاب ترامب تصحيح للمسار الخطأ الذي جرى بعد انتخاب باراك أوباما. وكان لا بد أن يدخل المرشح المنافس “جوبايدن”، على الخط مستغلا الاحداث وقال “إن غضب الأمريكيين السود وإحباطهم وإنهاكهم لا يُنكر”، وإن الولايات المتحدة تحتاج إلى مواجهة، جرحها العميق المفتوح المتعلق بالعنصرية المنظمة، وذلك في إشارة إلى تسبب ترامب في نشرها بين الأمريكيين وهو المتسبب بسبب سياسته في انهيار قيم الأمة الأمريكية. ولم تهدأ حرائق البيت الأبيض عند ذلك وحسب، البيت الأبيض محاصر من سكان العاصمة لم تعطِ صوتها لترامب، ودخلت وسائل الإعلام إلى خضم المعركة ضد ترامب، الذي وصف بعضها بأنها تروج للأكاذيب عبر بث أخبار كاذبة وملفقة، والحال ذاته مع تويتر وفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تواجه معركة مع ترامب، بسبب قرار الأخير رفع الحصانة القضائية عنها، ومواقفهم من تغريدات الرئيس التي اعتبرت بحسب توتير عنصرية وغير لائقة، ما دفع كبار المغردين المناهضين للرئيس إلى نشر صورة سخرية له وهو مغلق الأذن بأقلام في إشارة للرئيس بعد قبول سماع معارضيه. الحال في أمريكا بعد جائحة كورونا ليس كما قبلها، نحن أمام عالم يحمل بُعدا جديدا بقيم سياسية جديدة، مبنية على مواجهة حتمية بين النظم الرأسمالية والاشتراكية وتفتيت محتمل للنظام الاقتصادي الأوروبي، الذي فشل في مواجهة خطر كورونا وهو ما يعني فقدان أمريكا، لحلفاء قريبون من العدو التقليدي الروسي الصيني، ومعاناة أمريكا تكمن في فقدانها حلفاء آخرين في حال جاءت الانتخابات بجو بايدن، وحتى فبراير الماضي كانت الانتخابات مجرد جولة ترفيهيه، لترامب بعد قفز خلال الأعوام ما قبل كورونا ، ونجح إلى حد كبير فى معركته الاقتصادية مع الصين، ما احتفظ للاقتصاد الأمريكى بأفضليته البسيطة على الاقتصاد الصيني، انسحب من الاتفاق النووي الايراني، في تحد لخصومه، وأخرج جنوده من أفغانستان في تحد للبنتاغون وانسحب من سوريا، ووضع جماعات الإسلام الساسي في مكانه الصحيح كاسرًا بذلك لوبيات كانت تحمي تلك الجماعات. نوفمبر المقبل يقول إن أمريكا بعد حادث مقتل، جورج فلويد ليس كما قبلها الانتخابات، ستغير كثيرا من صورة المجتمع الأمريكي، صور النعوش ورائحة الموت كشفت هشاشة النظامين الصحي والاجتماعي، وهنا سنقف طويلا أمام انتخابات تكسير عظام، القوي فيها من تحصن بشارع وقوى ونفوذ وإعلام ينسى ضحايا “كورونا” وضحايا “مينيابوليس”.

تابع مواقعنا