أوروبا والموجة الثانية من كورونا
داخل سوق لبيع المنتجات الزراعية والأسماك بالجملة في مدينة بكين ظهرت مائة وست حالات (106) في أربعة أيام من 11 إلى 15 يونيو الحالي، وذلك بعد فترة 56 يومًا من عدم التبليغ عن أي حالة ، وفقًا لما ذكرته جريدة الشعب الصينية اليومية. انتاب الجميع الذعر، هل عاد الوباء؟ هل نحن أمام الموجة الثانية من كورونا؟، وهل هذه الموجة ستكون أشد من الموجة الأولى كوفيد-19؟، وهل سيؤثر ذلك على أبحاث إنتاج المصل المضاد؟، وهل سينجح معه المصل الذي وصل إلى مراحل التجارب السريرية؟، وهل سيحتاج إلي بروتوكول علاج مختلف؟ أسئلة كثيرة ولن تجد لها إجاباتٍ حالة، وكل ما نستطيع عمله هو دراسة الحالات الجديدة التي ظهرت في الصين، فمكان ظهورها هو سوق لبيع المنتجات الزراعية ومنتجات الأسماك بالجملة في بكين واسمه (سوق شينفادي)، وقد تتبع العلماء والباحثون الصينيون هذا الوباء فوجدوه على لوح خشب مخصصٍ لتقطيع أسماك السلمون المستوردة من شمال أوروبا، وكان السؤال هل جاء الفيروس هذه المرة من أوروبا؟ خاصةً وأن أسماك السلمون تأتي في برادات بدرجات حرارة باردة جدًّا وهي بيئة مناسبة لبقاء الفيروس نشيطًا والحفاظ على غشاؤه البروتيني دون تلف، أم يمكن أن يكون لوح التقطيع الخشبي هو الملوث؟؛ لذلك قررت الصين وقف بيع أسماك السلمون في كل الصين ومصادرة المخزون مع إجراء تحليلات حتى تصل لترجيح فرضية على أخرى، وإن كان من غير المرجح أن يكون سمك السلمون ناقلًا للوباء للإنسان؛ لأنه كائن منخفض المستوى وليس من ذوات الدم الحار، وكما قال خبير الفيروسات في جامعة (هونغ كونغ جين دوغيان): “إنه لا يوجد دليل على أن فيروس كورونا يمكن أن يتكاثر في جسم الأسماك.” ولكن أيضًا فإن مخاوف الناس من نقل سمك السلمون لفيروس كورونا أدت إلى السحب العاجل لمنتجات السلمون من أسواق الصين، كما حذرت السلطات الصينية المواطنين من أكل لحوم الأسماك النيئة لاسيما السلمون، كما تم تعزيز العديد من إجراءات التفتيش في الجمارك والمنافذ، والأماكن التي بها منتجات اللحوم والأطعمة المائية الطازجة والمجمدة. وقال الخبير (يانغ بينغ) _عضو مجموعة خبراء الوقاية من وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد والسيطرة عليه بمركز بكين لمكافحة الأمراض في مقابلة صحفية مع CCTV يوم 14 يونيو_: “إن تتبع الفيروس في (سوق شينفادي) ببكين لا يزال قيد التحقيق، كما صرح بهذا التصريح الخطير (من خلال التسلسل على نطاق الجينوم تم اكتشاف أن الفيروس جاء من أوروبا)، وقد يكون جاء عن طريق الاستيراد للحوم والأسماك المجمدة والمبردة ومازال هذا الاحتمال افتراضًا أوليًا لم يتم حسمه، ومن غير المؤكد معرفة كيفية دخول الفيروس، مع أن الوضع الوبائي الحالي مازال خطيرًا، ولا يزال يمثل وباءً في العالم لا سيما أوروبا، وأخيرًا فإن البروفيسور (يانغ تشان تشيو) _من معهد علم الفيروسات في القسم الطبي بجامعة ووهان في مقابلة مع جلوبال تايمز في يوم 15_ قال: “إن اكتشاف الإصابات المؤكدة الجديدة في (سوق شينفادي) ببكين في غضون 4 أيام يشير إلى أن سلالة كورونا المكتشفة في السوق ببكين قد تكون أشد عدوى من السلالة السابقة في سوق هوانان بمدينة ووهان، وقد يزيد هذا الفرق من صعوبة تطوير اللقاح. الأيام القادمة ستجيب عن كل التساؤلات التي ليس لها إجابات، فلينتظر الجميع ونترقب، ونحن نرفع أعيننا وأكفنا إلى السماء نتضرع إلى الله أن تخيب الظنون وأن ينعم العالم بالتخلص من الوباء والبلاء.
