الجمعة 10 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

موازنة الصين بلا أهداف

القاهرة 24
الخميس 02/يوليو/2020 - 07:16 م

قدّم رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ تقرير عمل الحكومة عن العام المالي 20/21 ، وقد تضمن التقرير نقاط هامة جدًا أهمها ان اجمالي الناتج المحلي الصيني بلغ 14 تريليون دولار بزيادة قدرها 6.1% عن العام السابق.

وانه رغم مقدرة الصين على التحكم في تفشي وباء كورونا الا أن التقرير أكد انهم اكتشفوا الكثير من حلقات الضعف في منظومة الادارة والاستجابة لطوارئ الصحة العامة ، وانهم قاموا بالعمل على إصلاح هذه المنظومة.

وصلت نسبة العجز في الميزانية الي مليار ونصف دولار ، وتم تخصيص مليار ونصف دولار لمحاربة كورونا ورغم ذلك وصل نسبة تخفيض الضرائب 3.7 مليار دولار  إلغاء القيود على التوظيف ومراجعة الشروط غير المعقولة لذلك بما يؤدي لخلق 9 ملايين وظيفة ، والتحكم في نسبة بطالة لأقل من 6% في مجتمع يزيد عدد افراده عن مليار ونصف المليار نسمة ويعد هذا إعجاز في ظل ظروف دولية غير مواتية ووجود وباء مع أزمة إقتصادية دولية طاحنة.

كذلك جاء في التقرير تخصيص 530 مليار دولار للاستثمار في المحليات ، و مبلغ 85 مليار دولار للحكومة المركزية ، وكذلك استصلاح 12 مليون فدان لتصبح من أجود الأراضي الزراعية.

ولكن أهم ما جاء في التقرير وأغربه بلا منازع هو: عدم تحديد هدف للنمو الاقتصادي السنوي لهذا العام ، فلا توجد أهداف للتقرير للنمو الاقتصادي مع ترك الامر للحكومات الاقليمية على مستوى المقاطعات والمدن المهمة لبلوغ ما يمكن تحقيقة من أهداف كعمل تحفيزي للادارات المختلفة بعد جائحة كورونا لكي تبذل كل إدارة قصارى جهدها وفقًا لحجم الصعوبات التي واجهتها في ظل الجائحة.

والسؤال الذي يفرض نفسه وبقوة: لماذا لم يضع تقرير عمل الحكومة أهدافا محددة للنمو الاقتصادي؟ أطلق تقرير عمل الحكومة الصينية سلسلة من الإجراءات المشددة، مما يعكس التصميم القوي للجنة المركزية للحزب الشيوعي ومجلس الدولة على استقرار العملية الاقتصادية في الصين، وزيادة تحديد توقعات السوق الإيجابية وتعزيز الثقة في التنمية على غرار “تحديد العجز المالي للصين بأن يكون أعلى من 3.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي”، ” تمديد تخفيض الضرائب وتخفيض الرسوم”، “تمديد قروض المؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر” إلى غير ذلك من أهداف التنمية.

في الحاضر و في حالة انتشار وباء كورونا المستجد في الصين والعالم، فقد تم تطويقه في الصين والسيطرة عليه في وقت قياسي ، وفي ظل هذه الخلفية الخاصة، فإن انعقاد الدورتين الوطنيتين يمنحان الشعب الصيني ثقة قوية ، ويضخان طاقة إيجابية في العالم أجمع أيضا ، واتساقًا مع ذلك فإن تقرير عمل الحكومة الصينية أدخل تعديلات مناسبة على الأهداف المتوقعة التي تم النظر فيها قبل تفشي المرض وأهمها هو أنه لم يضع أهدافا محددة للنمو الاقتصادي السنوي بهدف توجيه جميع الأطراف للتركيز على ستة ضمانات وهي (زيادة فرص التوظيف ، إرتفاع مستوى معيشة الشعب ، كفاءة الاداء للكيانات المختلفة في سوق العمل وسوق الانتاج ، تأمين توفير الحبوب الغذائية والطاقة ، إستقرار الصناعة وتأمين تدفق التوريدات ، سهولة الاداء المالي للحكومات المحلية).

ولكي تحافظ الحكومة على هذه الضمانات تحتاج للعمل على ستة جبهات (جبهة التوظيف ، جبهة نشاط القطاعي المالي بزيادة الانفاق الداخلي ، جبهة التجارة الخارجية ، جبهة تدفق الأموال الاجنبية ، جبهة تجهيز وتنفيذ ملفات الاستثمار ، جبهة صحة التقديرات المتوقعة للموازنة القادمة).

لقد منح تقرير عمل الحكومة الصينية كل الإدارات الحكومية المركزية والمحليات التركيز الكافي على المهام المستهدفة دون وضع اهداف محددة للنمو الاقتصادي السنوي هذا من الناحية الشكلية.

أما من الناحية الموضوعية فإنه من الأكيد دمج محتوى هدف النمو الاقتصادي السنوي في المؤشرات الأخرى ذات الصلة ، بما في ذلك السياسة المالية والسياسة النقدية والأهداف السياسية الأخرى ، ان الظهور المفاجئ لوباء كورونا المستجد قد أحدث أثرا هائلا على الاقتصاد الصيني ، ففي الربع الأول من العام الحالي لا يمكن مقارنة العديد من المؤشرات بما كانت عليه في الماضي.

مما لا شك فيهرأنه تم دمج الاقتصاد الصيني بعمق في الاقتصاد العالمي ومع استمرار تفشي هذا الوباء في جميع أنحاء العالم، فإن تأثيره على اقتصاد البلدان المتضررة بالفيروس سيكون له ذات التأثير على الاقتصاد الصيني الذي يعد وبحق مصنع العالم.

إن التعامل مع الوضع الاستثنائي بطريقة غير عادية يعكس البراعة والهدوء في السيطرة على الاقتصاد ، أما فيما يتعلق بهدف التحكم الكلي فإن “الضمانات الستة” هي محور عمل “الاستقرار على الجبهات الست” مما يعكس نهج الإدارة الصينية ، وإذا تمت المحافظة على الحد الأدنى من الضمانات الست يعني استقرار الهيكل الاقتصادي الأساسي يضع أساسا متينا لبناء مجتمع مزدهر رغيد الحياة بطريقة شاملة.

كما يمكن لهذه الأهداف أيضا أن تلعب دور “البوصلة” وتشكيل توقعات السوق وتوجيه السياسات وتنسيق التعاون والجهود المشتركة لجميع القطاعات والمناطق في نفس الوقت، طالما تم الحفاظ على الحد الأدنى من العمالة الكاملة، وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والاستقرار الاجتماعي العام، فإن إمكانيات النمو للاقتصاد ستكون جيدة بل رائعة ، وبمجرد تحسن الوضع الداخلي والخارجي، يمكن للحكومة سرعة تشكيل دورة جيدة للعرض والطلب، وتعزيز النمو الاقتصادي.

إن عدم تحديد أهداف محددة للناتج المحلي الإجمالي لا يعني عدم الثقة في النمو المستقبلي ولكنه استجابة أكثر واقعية ومرونة لتحديات المخاطر، ويعد ذلك وبحق مظهر من مظاهر الثقة.

ان تحليلنا السابق لتقرير عمل الحكومة الصينية يمكن الاستفادة به ، مع الوضع في الاعتبار الظروف المختلفة بين بلدنا والصين

تابع مواقعنا