السبت 27 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

سيادة الرئيس.. هل شاركنا في ثورة “30 يونيو” لنبني دولة تطارد فتيات “التيك توك”؟!

القاهرة 24
السبت 04/يوليو/2020 - 09:20 م

سيدي الرئيس ، هذه الأيام و مع الاحتفال الوطني السادس بالذكرى السنوية لثورة الشعب لتصحيح مسار ثورة يناير بالثلاثين من يونيو وبينما تسير قيادة الدولة السياسية بنجاح وثبات في ملفات مصيرية بالداخل المحلي والخارج الاقليمي والدولي جنوبا و غربا نجد بعض أجهزة الدولة على النقيض تسير من إخفاق لآخر متسببة في زوبعة من نقد وسخرية تغطي إعلاميا على نجاح القيادة السياسية و كجزء من واجبي المهني والإنساني أكتب لك لعل كلماتي تصل اليك.

 

طوال ستة أعوام لم يفارقني مشهد زيارتك لفتاة التحرير التي تعرضت للتحرش في ميدان التحرير، رمز الثورة على الإخوان، جاءت زيارتك بمثابة إدانة للمجرم الحقيقي وهم المتحرشين، وتأكيداً على أنّ المرأة بريئة مما يروجه الإخوان والمتطرفين بمسؤوليتها عن التحرش بها، لأنها تثير الشباب بملابسها؛ تلك التهمة الباطلة فالمتحرش مجرم لا يجب أن نبرر له، وأبداً لم يكن زي المرأة هو السبب، فالتحرش طال من ترتدي النقاب قبل الحجاب، والمحجبة قبل غير المحجبة، وكبيرات السن قبل الصغيرات، إنّها ظاهرة مرضية تحتاج إلى علاج حاسم، وقانون نافذ، لا إلى تبرير لكل مجرم، فهل بنفس المنطق نتخذ من الفقر ذريعةً لنسرق! سيدي الرئيس، هذا العام وأنا أتابع افتتاح سيادتكم لمشاريع تنموية كبرى، تُضاف إلى سجلكم الباهر في التنمية، ومن قبل تابعتك وأنت تؤكد بقوة على الخطوط الحمراء لأمن مصر القومى ، وتؤكد على محاربة التطرف بالفكر قبل السلاح. هل يُعقل بعد هذا أنّ نجد النيابة العامة تتخذ من محاربة فتيات التيك توك هدفاً، باسم حماية قيم الأسرة المصرية، ومحاربة الفسق والفجور؟ عن أيّ فسق يتحدثون؟! هل أصبح الرقص ممنوعاً، ألم نكن نرقص في ثورة 30 يونيو، وفي كل استحقاق انتخابي، ألم نرقص على أغاني الثورة، وأغاني التوعية بالمشاركة السياسية في انتخابكم سيادة الرئيس، وتعديل الدستور بعدها؟! أحمد الله أنّ نيابتنا العزيزة لم تكن ناشطة وقتها في مطاردة الرقص، وإلا لكانت السجون ممتلئة بالسيدات والبنات المصريات، بدلاً من المجرمين والإرهابيين.

 

ثم ماذا في رقص أو ملابس فتيات التيك توك ليُغضب سيادة النائب العام، هل كانت فتيات التيك توك منار سامي، وريناد عماد، وغيرهن، ممن قُبض عليهن السبب في قيام مجرم المنصورة بتأجير رجل لاغتصاب زوجته ثم قتلها؟! هل سمعنا أنّ رجل اغتصب امرأةً أو تحرش بطفلٍ أو ضرب زوجته بسبب التيك توك؟! هل تختلف ملابس منار أو ريناد عن ملابس الفتيات في دبي أو تونس أو لبنان، أو أي دولة أوروبية؟! هل أصبحنا نُجرم الفرح؟ يبدو سيدي الرئيس أن أجهزة الدولة لم تدرك بعد العصر الذي نعيش فيه؛ إذ بات اليوتيوب وبرامج التيك توك وأمثالها صناعة ترفيه، تدر على أصحابها دخلاً، فأيهما تفضل النيابة العامة: أن يشاهد الشباب منار وريناد أم يشاهدون اصدارات داعش وقنوات الإخوان الإرهابية؟ لو كانت أيّاً من فتيات التيك توك خرجت عن الأعراف المصرية لكنت أولى المطالبات بمنعهن، ومعاقبتهن وفق القانون.

 

لم تستهدف هؤلاء الفتيات إثارة مشاعر الرجل، بل رقصن لصناعة محتوى ترفيهي تشاهده المرأة قبل الرجل. هل تتبنى الدولة رؤية المتحرش الآن، وتبرر له، وتتهم المرأة بالتسبب في هدم قيم الأسرة لمجرد أنها رقصت؟! أعلم أنّ هناك من الرجال والمحامين من نَصَب نفسه محامياً باسم القيم المصرية، وراح يقدم البلاغات ضد أيّ فتاة على التيك توك، مما سبب إحراجاً لمكتب النائب العام ودفعه للتحرك، لكن لم يكن التحرك صحيحاً، أو نابعاً من قيم ثورة 30 يونيو، التي ثارت على التطرف الديني للإخوان المسلمين، وعلى أخونتهم للدولة، وتحقيرهم للمرأة. كان حرياً بالسيد النائب العام أن يخرج ببيان يؤكد على الحق في التعبير، والحق في الترفيه، ويؤكد على أن الأسرة المصرية أقوى من أن تهدم قيمها فتاة تيك توك.

 

سيدي الرئيس، هل يُعقل أن تُسجن سما المصري بتهمة نشر الفجور لأنّ صورها لم تعجب من نصبوا أنفسهم حماةً لقيم الأسرة المصرية؟ ألم تكن فيديوهات رقص سما المصري التي تحدت فيها الإخوان، وأكدت على حق المصري في الحياة، ورفض التطرف، وعلى مصر المبهجة، أحد أسباب كشف التطرف الإخواني؟ ورغم ذلك – ويا للعجب – لم يقبض الإخوان عليها، فكيف تُسجن في عهد ثورة 30 يونيو؟! سيدي الرئيس، إلى أين تسير دولتنا؟ هل تسير نحو دولة مدنية، ترعى الفنون والآداب وتنفتح على العالم، وتحب الحياة والرفاهية أم نسير نحو دولة دينية يتحكم الفهم المتطرف للإسلام فيها؟ هل هزم شعبنا إرهاب الإخوان، وضحى شهداؤنا بالغالي والنفيس لتعيش مصر كما عهدناها حرة مستقلة ومنارة للفنون والعلوم والتنوع الثقافي، ليأتي بعض المتطرفين ليدفعوا النائب العام لمعاداة الفنون والثقافة والترفيه باسم قيم الأسرة؟ سيدي الرئيس، علينا أنّ نتعلم ألّا نقمع ما لا نراه مناسباً لنا، فمن لا يحب فيديوهات الرقص فلا يشاهدها، أما أن يشاهدها الشباب مرات عدة ثم يهاجمونها علناً، ويعودون لمتابعة كل جديد سراً، فهذا مرض ونفاق ينتشر في مجتمعنا، ويهدد قيمنا بحق، هذا النفاق هو الخطر، لا الفيديوهات.

 

الحل بسيط من لا يحب الرقص فلا يشاهده، ولو راعينا هذا النفاق سننتقل إلى منع السينما والدراما ومنع الأنشطة الترفيهية لنجد أنفسنا نتحدث عن سياحة دينية، وغيرها من الأمور التي تضر بالسياحة وصورة مصر وشعبها أمام العالم.

 

سيدي الرئيس، جمعت ثورة 30 يونيو أطياف متعددة من الشعب المصري؛ من المحافظين والليبراليين، ممن أسلوب حياتهم يتسم بالتقليدية وممن أسلوب حياتهم يتسم بالحرية وحب الحياة، من المحجبات ومن غيرهن، ألم يكن ميدان التحرير مليئاً بأطياف واسعة من المجتمع؟ فلماذا الآن يريد طرف أن يستأثر بتشكيل هوية مصر؟ ولماذا تنجر أجهزة الدولة إلى ذلك، بدلاً من أن تحمي التنوع المصري، الذي هو ضمانة ضد التطرف والإرهاب؟ هل سمعنا سيدي الرئيس أن إرهابياً أصبح كذلك بسبب التيك توك؟ كلا، لكنا سمعنا أن أغلب الإرهابيين خرجوا من تحت عباءة التطرف الديني ومعاداة الحياة والترفيه ورفض الحداثة ووصم المجتمع بالجاهلية وكراهية حقوق المرأة وكراهية الفنون.

 

إنني لا أمانع كمواطنة ملتزمة بخطط الدولة الاستراتيجية الخاصة بالإصلاح الاقتصادي في مساءلة كل من يربح ماليا من أي نشاط عبر التواصل الاجتماعي حول مصدر الربح وإن كان مرتبط بمخالفة لقانون جنائي، كذلك أؤمن بإمكانية المحاسبة الضريبية للنشاط فهذا أمر لا أناقشه بل أراه ضروريا وحتميا ضمن السياسة الضريبية العادلة لكن ما أرفضه هو أن نخالف الدستور ونحاسب الإنسان لتصرف حر يقوم به لمجرد التصرف ذاته.

 

تابع مواقعنا