الأربعاء 24 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لم يقتلهم كورونا.. طلاب نجوا من الفيروس وغيبهم الموت بسبب فيزياء الثانوية العامة

القاهرة 24
أخبار
الجمعة 10/يوليو/2020 - 07:22 م

وكأنها تأبى أن تمر بسلام دون أن تأخذ في طريقها أرواح من حلموا بمستقبل مشرق، طامعين في تحقيق آمال أبائهم، فرغم الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة المصرية، ووزارة التربية والتعليم، حفاظًا على أرواح طلاب الثانوية العامة من جائحة كورونا، ومنعًا لتفشيه بينهم خوفًا من أن يصيبهم مكروه، إلا أن القلق كان هو الوباء الذي حصد أرواحهم.

“بعبع” الثانوية العامة كما يطلق عليه البعض.. ما أن ينقضي حتى يبدأ من جديد، بكل ما يحمله من خوف ورعب ومشقة وعناء يتحمله الأبناء، خشية الفشل، ورغبة في تحقيق آمال الأهل، الذين يؤثرون على أنفسهم في كثيرٍ من الأحيان، حتى يلبّون طلبات فلذات أكبادهم، في انتظار فرحة عام ٌ من الرعب والتوتر، الأمر الذي يضع بعض الطلاب تحت ضغوط قد تصل بهم إلى الموت أو أن ينهي أحدهم حياته بيده، كما حدث مع 3 من الطلاب الذي كتبت فيزياء الثانوية العامة نهايتهم.

مقعده خالي.. كريم يترك أصدقائه ويسافر بعيدًا

صباح الثلاثاء 7 يوليو، فيما كان أولياء الأمور يودعون أبنائهم على أعتاب لجان امتحان الفيزياء، ويساندوهم لتخطي حالة القلق التي انتابتهم، كانت قرية بشلا بالدقهلية تودع أحد أبنائهم المتفوقين، والذي غاب عن الامتحان لأول مرة، وفقًا لأقوال أهالي القرية.

مع اقتراب عقارب الساعة للثامنة، فتحت مدارس ميت غمر بالدقهلية أبوابها لاستقبال طلاب الثانوية، في الوقت ذاته أو قبله بقليل، فتح مستشفى ميت غمر أبوابه لاستقبال الطالب كريم إسماعيل، والذي قدم به أهله وهو يعاني من هبوط حاد في الدورة الدموية، بسبب توتر امتحان الفيزياء.

يوم صعب.. ملخص امتحانَي الفيزياء والتاريخ لطلاب الثانوية العامة (فيديو)

وغلقت أبواب اللجان في تمام التاسعة أمام الطلاب، بعد امتلائها بالطلاب عدا “مقعد خالي”، الوقت ذاته الذي أغلقت المستشفى أعين “كريم” الذي قد وصل إليهم بعدما صعدت روحه إلى ربه، حيث أكد تقرير المستشفى أنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله للمستشفى.

وبعد ساعة، دقت ساعة الصفر “العاشرة” وبدء الطلاب في أداء الامتحان، وهو الوقت الذي كان يدق فيه قلوب أسرة الطالب “كريم” يلقون عليه النظرة الأخيرة وهو على “مغسلة الموت”، الأمر الذي منعه من أداء امتحان الفيزياء.

ظهر الثلاثاء، وفيما كان أصدقاء كريم في اللجان يستعدون لمغادرة الامتحان وهم ينظرون إلى المقعد الخالي، كان “كريم” قد غادر بلا رجعة، وسط مشهد مهيب حضره جميع أفراد القرية، والذين انتابتهم حالة من لحزن الشديد على الطالب الذي عرف بأخلاقه النبيلة وتفوقه، ليكون الضحية الأولى لامتحان الفيزياء.

الفرار من المستقبل المجهول

“دينا” لم يقتلها القلق، فقررت أن تقتل نفسها لتقضي على القلق والتوتر، فبعد ساعات من القلق الشديد عاشتها الطالبة “دينا.م”، حزمت أمتعتها وذهبت للامتحان وسط صديقاتها إلا أن “بعبع” الفيزياء كان أقوى منها، فعادت وحدها من اللجنة وقلبها يرتجف بسبب صعوبة الامتحان.

لساعات والفتاة تحاول مقاومة الشعور الذي تملكها من الخوف الشديد على مستقبلها الذي أصبح مرهون بدرجاتها في امتحان الفيزياء والذي تخشاها، ووسط ارتفاع شديد من حالة القلق التي لم تتركها من قبل دخول اللجنة، وإذا بالفتاة تجد في نفسها رغبة للخلاص من هذه الحالة.

تأكيدًا لـ”القاهرة 24″.. التعليم تعلن تعديل نموذج إجابة مادة الفيزياء

ولم تجد الفتاة صاحبة الـ19 ربيعًا، ابنة قرية “العصايد” بالشرقية، أمامها حل آخر لتناسي صعوبة امتحان الفيزياء، سوى أن تنهي تلك المعاناة، بالحبة السامة “حبوب الغلال”، لتصعد روحها إلى السماء، وهي بقلقها وخشيتها من نتيجة الفيزياء، وذلك وفقًا للمحضر الذي حررته مباحث ديرب نجم، وأقوال النيابة التي أمرت بالدفن بعد الصفة التشريحية.

“بعبع” الموت

وفي مركز ملوي، وبالتحديد في نجع العاقولة، بعد معاناة الطالب “سعد.بـ”، من حالة من المرض النفسي بسبب امتحانات الثانوية العامة، أنهى الشاب حياته بإطلاق النيران على نفسه، لافظًا أنفاسه الأخيرة في الحال، إثر إصابته البالغة. فوفقًا للمحضر المحرر برقم 4993 إداري مركز شرطة ملوي، فإن “بـ. لملوم” صاحب الخمسون عامًا، هو من أبلغهم بأن ابنه الطالب بالصف الثالث الثانوي، بعد تعرضه لحالة نفسية متدهورة، جعلته يذهب لأطباء نفسيين، وأكدت تحريات المباحث، بعد الانتقال إلى مسرح الجريمة، أن الجثة لشاب في العقد الثاني من العمر ومصابة ببطلق ناري فتحة دخول وخروج بمنتصف البطن أودت بحياته بعد قيامه بإطلاق عيار ناري على نفسه من سلاح فرد خرطوش.

الطلاب محاصرين بين الامتحانات التعجيزية ولوي الدراع من الوزارة.. وضغط أولياء الأمور

“إحنا اللي بنحضر العفريت”، بتلك الجملة بدأت شيماء علي ماهر، مسئولة “نبني بلدنا بتعليم ولادنا”، تعليقها على هذه الوقائع، مشيرةً إلى أن وزارة التربية والتعليم وأولياء الأمور، منذ إقبال أبناءهم على الثانوية يتعاملون معه على أنهم يصعدونه لمواجهة “العفريت”، فمع كل لحظة يقضيها يتنامى بداخله الشعور بالرعب من “بعبع الثانوية”، والذي يحدد مصيره عليها.

هناك حالة من الاضطراب، تبدأ تصيب الطلاب، خلال الأول والثاني الثانوي، كما تشير “شيماء”، من خلال رصدها لما يحدث مع طلاب الثانوية على مدار السنوات الماضية، وبعد دخول الصف الثالث، يبدأ في السماع لتجارب أقرانه من العام المنقضي عن الامتحانات التعجيزية، وهو ما يجب أن تلتف إليه وزارة التربية والتعليم، حيث أنه في النظام الجديد، تأتي الامتحانات صعبة لدرجة إصابة الطلاب بالاضطرابات ونوبات القلق والخوف، وهو الأمر الذي جعلها تفكر كثيرًا في أن تتابع مع طبيب نفسي مع دخول أبنائها للثانوية، في ظل النظام التعليمي الحالي، وما تابعته.

لسنوات طويلة والانتحار في الثانوية العامة موجود يأبى أن يغيب، حيث تؤكد مسئولة “نبني بلدنا بتعليم ولادنا”، أنه لا بد أن تراعي وزارة التعليم ذلك، وأن تضع امتحان طبيعي مثل باقي الدول، متابعةً: “الموضوع مش لوي دراع، ولازم الامتحان يجي من صميم اللي هذاكره، وممكن يكون في نوعه من الفكر في الأسئلة بس مش تعجيز زي ما بنشوف”.

وترى شيماء، أن ولي الأمر يجب أن يراعي ذلك يكون داعم لابنه أو انبته دون أن يكون هدام “سواء قصد أو لم يقصد”، موضحةً أن هناك من أولياء الأمور من يحتاجون إلى علاج نفسي، لأنهم يظلون في حالة انهيار عصبي، الأمر الذي يؤثر على نفسية أبنائهم ويذيز من حالة الضغط النفسي لديهم.

روشتة من الدكتور إبراهيم مجدي لتخطي قلق الثانوية العامة

“الثانوية العامة ليست نهاية المطاف”، وهذا الفكر الخاطئ هو السبب في بعض تلك المشاهد التي نراها، كما يوضح الدكتور إبراهيم مجدي حسين، استشاري الطب النفسي، مؤكدًا على أننا في حاجة لتجاهل الثانوية لتخطي هذا القلق، والذي يصنعه الإعلام والرأي العام وأولياء الأمور.

فبالنظر لمن يدير أمور العالم والبلاد، لا تجد جميعهم أطباء ومهندسين، كما يشير “مجدي”، حيث أن أولياء الأمور والطلاب لديهم عقيدة خاطئة، بأن من يلتحق بعلمي علوم يجب أن يكون طبيبًا، ومن يدخل شعبة الرياضة لا بد أن يكون مهندسًا، وطلاب الأدبي يجب أن يكون إعلاميًا أو في سياسة واقتصاد، مؤكدًا على أن هذا فكر خاطئ لدى الطلاب وأولياء الأمور، وسبب كبير في هذه الأزمة.

الروشتة من وجهة نظر استشاري الطب النفسي، أن يتجاهل الإعلام الثانوية العامة ويقلل من الترويج لها على أن مصير الطالب محتوم بها، وأن يبدأ أولياء الأمور التقليل من طلباتهم المستمرة لأبنائهم بالالتحاق بالطب والهندسة، وأن يفكر الطالب نفسه في النجاح فقط، غير مشروط بالالتحاق بأي كلية، “فمحاسب ناجح أفضل من مهندس قد لا يفيد”.

آفة مجتمعية أم غياب للرقابة.. هل يمكن القضاء على “شاومينج” بشكل فعلي في مصر؟

تابع مواقعنا