الجمعة 29 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الرأسمالية والحرية

القاهرة 24
الإثنين 13/يوليو/2020 - 11:33 ص

 

نتفق أولًا على أن الحرية جزء من الكرامة الإنسانية وإذا سُلب الإنسان حريّته فقد بذلك كرامته، لأنها المعنى الإنساني الذي يتميّز به عن سائر الكائنات، والرأسمالية تعني بحرية شكلية، حاول منظروها والداعون لها تبريرها أي الحرية الشكلية بمبررات موضوعية اجتماعية كوصفها أداة لتوفير الإنتاج العام أو لتحقيق الرفاه الاجتماعي.

فالمواطن في ظل الحرية الشكلية للرأسمالية يمارس الديمقراطية لاختيار نوابه وممثليه في المجالس النيابية، كما يمارسها حتى في اختيار رئيس الجمهورية، من حيث الشكل، لا ينكر أحدٌ أن المواطن يمارس هذا الحق دون أي ضغوط، ولكن من الناحية الموضوعية فإن قراره مرهون بعدة عوامل أهمها العوامل الاقتصادية المتمثلة في سطوة رأس المال والآلة الجهنمية للإعلام والتي تشكل تأثيرا مباشرا في قرار الناخب.

إن النظام السياسي للديمقراطية الغربية هو الذي يكفل حق استدامة النظام الدولي واستمراره بكل قوانينه واتفاقياته، والذي جاء ليحقق الهيمنة الأمريكية على كامل الكرة الأرضية، ويبقي على سياسة التفرد في النظام السياسي العالمي، الذي ما زال تدفع ضريبته الشعوب من كدّ عرقها ومالها ودمائها، فالنظام الديمقراطي الأمريكي هو بوابة الاحتلال الأميركي، وهو الترخيص الذي يبيح للأمريكان السطو على نهضة وحضارة بل وعقيدة الغير، فبهذه الديمقراطية تسمح أمريكا لنفسها بتصنيف العالم إلى دول الخير وهي الدول الحليفة ودول الشر أو كما تسميها (محور الشر) وهي الدول التي لا تتبعها، كما تسمح لنفسها بالمنح وبالمنع، بالثواب وبالعقاب، بل وسمحت لنفسها بغزو دول مثل أفغانستان والعراق وتدميرها، وبفرض عقوبات على دول اخرى مثل سوريا وليبيا، وبدعم جماعات متمردة وانفصالية، وكذلك بسن قوانين ضد دول مثل قانون الايغور وقانون هونج كونج ضد الصين.

إن الكلام عن هذا النوع من الحرية الشكلية هو كلام فارغ لا ينطوي على تحليل علمي للقيمة الذاتية للحرية، ولا يمكن أن يجذب سوى من يستهويه التلاعب بالألفاظ والسذّج من الناس الذين لا ثقافة دقيقة عالية لهم الذين لا يستطيعون التمييز بين مصطلحات علم الاجتماع ومصطلحات علم الاقتصاد، لأن الإنسان إنما يتميز كيانه الإنساني الخاص عن سائر الكائنات بالحرية الطبيعية بوصفه كائنا طبيعيا لا بالحرية لاجتماعية باعتباره كائنا اجتماعيا، فالحرية التي تعتبر شيئا من كيان الإنسان هي الحرية الطبيعية، وليس الحرية الاجتماعية التي تعطى وتمنح وتسلب وتلغى تبعا لضوابط المذهب الاجتماعي السائد في المجتمع.

إن الحرية الرأسمالية حرية ناقصة، فهي من ناحية تعترف بالنزعات والميول الأصيلة في الإنسان وتعمل على ضمان إشباعها، ومن ناحية أخرى فإنه يجب أن تعترف بمختلف النزعات الأصيلة في الإنسان وبحاجاته الجوهرية المتنوّعة، وتسعى إلى التوفيق والملائمة بينها، فحاجة الإنسان للأمن لا تقل عن حاجته للحرية، وكيف يتحقق الأمن في دولة أكثر من 30% من أهلها يمتلكون سلاحًا، والإحصاءات أكثر من مرعبة.

ونعود فنتساءل هل يستطيع مرشح خارج الحزبين الرئيسيين في أمريكا من الفوز في الانتخابات الرئاسية والإجابة: قطعًا لا، لأنه مهما قام بالصرف على حملته الانتخابية فلن يتمكن من جمع التبرعات التي يجمعها كلا الحزبين، إنها سطوة المال، نعم تتغير الوجوه كل أربعة أو حتى ثمانِ سنوات ولكن السياسات واحدة، فطوال الصراع العربي الإسرائيلي والإدارة الأمريكية في غاية الانحياز لإسرائيل رغم تعنت الأخيرة وظلمها الواضح للفلسطينيين، رغم تغير الإدارات الأمريكية وتغير وضع الحزبين الكبيرين في لعبة الكراسي الموسيقية السياسية إلا أن رئيس واحد، أقول رئيس واحد فقط ديمقراطي أو جمهوري لم يشذّ عن القاعدة ويتوقف عن الانحياز الأعمى لإسرائيل.

حان الوقت للعالم لا سيما العرب؛ للبحث عن نظام سياسي آخر أكثر ملائمة من النظام الديمقراطي الرأسمالي، والذي أثبت عند تطبيقه مشاكل جمّة وانقسام مجتمعي وشراء لأصوات الناخبين بالمال والهدايا العينية والوعود، نظام لا يسمح للوعود الانتخابية والرشاوي المادية من التأثير على صوت الناخب، نظام لا يسمح للهمج والرعاع التحكم في العملية الديمقراطية فيفرز لنا عاهات تتحكم في رقابنا، ويجب الا ننسى أو حتى نتناسى ان هذه الديمقراطية بنمطها الغربي أفرزت لنا برلمان اخوان وحكومة إخوان ورئيس إخوان، بعدما تلاعبوا بمشاعر البسطاء، واشتروا صناديق الاقتراع ولعبوا على كل الحبال، وأساؤوا استغلال الأموال لشراء الذمم، وكادت مصر أن تضيع، وأظن أنه يجب أن يتمتع الناخب بقدر من التعليم لا يقل عن التعليم الجامعي، كما أن القانون يضع شروطًا في المرشحين أظن أنه حان الوقت لوضع شروط في الناخبين.

والله الموفق وتحيا مصر

 

 

تابع مواقعنا