نوستالجيا المستديرة.. حكاية مشروب “المتة” الذي صنع مجد كارلوس تيفيز

معارك ضارية لم تدر رحاها هذه المرة كما جرت العادة في ميادين القتال، لكنها اشتعلت على العشب الأخضر، لتجسد العديد من الصور الرائعة في عالم الساحرة المستديرة، سواء بين أقدام اللاعبين أوفي أروقة الغرف المغلقة للمسؤولين أو حتى لمناكفة نادٍ آخر من أجل المناكفة فحسب.

الساحرة المستديرة، مليئة بالعديد من القصص المثيرة، التي لا يصدقها عقل، مما دفعنا في “القاهرة 24″، لرصد مجموعة من الخبايا في عالم معشوقة الجماهير، والبداية ستكون مع حكاية مشروب المتة الذي كتب قصة نجاح كارلوس تيفيز، في الملاعب بعد حياة ضائعة في الطفولة.

المتة أو الماتيه، هو مشروب يعد من فصيلة المنبهات يستخرج من شجيرات عتيقة تصل طولها إلى ستة أمتار تُزرع في بلاد أمريكا اللاتينية، وهذا المشروب ارتبط بأسطورة تراثية قديمة زادت من شعبيته وانتشاره في بعض البلدان مثل الأرجنتين وباراجوي، عندما هبطت آلهه القمر والغيوم لزيارة الأرض فخرج الفلاحون لاستقبالهم وبدلاً من أن يجدوا الآلهة، وجدوا فهدا حاول مهاجتهم، فهربوا جميعا وفي طريقهم صادفوا حكيمًا ساعدهم في القضاء على الفهد فكافأته الآلهه بمنحه مشروب “الصداقة” المتة، وهو الشراب الذي أكتوي به كارلوس تيفيز، نجم الكرة الأرجنتينية، عندما كان رضيعا وسبب له حروقا من الدرجة الثالثة كادت أن تودي بحياته.

كارلوس تيفيز لديه لقبين “المحروق” و ” الأباتشي ” .. الأول لقبًا عدوانيًا كانت جماهير الأندية المنافسة تضايقه وتثير غضبه به، أما الثاني فهو لم يكن كناية عن قوته الهجومية ولكن نسبة إلي الحي الذي ولد ونشأ فيه بالأرجنتين، حي ” فورتي آباتشي “..

فورتي أباتشي ضاحية فقيرة من ضواحي العاصمة بوينس آيرس، انتشر فيه الفقر والفساد، كان عبارة عن ساحة كبيرة من ساحات الاقتتال تتصارع فيها عصابات المخدرات لفرض السيطرة، فغرق أبناء الحي في العنف والإدمان الذي خلفه هذا الصراع، كانت كرة القدم بمثابة النجاه من هذا التوتر، وهروب من واقع جعل اقتناء السلاح أولوية مثلها مثل امتلاك المنازل.

تيفيز قُتل والده قبل ولادته في إحدى المشاجرات ولأن أمه كانت مدمنة خمر تولت أختها وزوجها تربيته، تربى في أسرة لديها نزعة انتقامية للدفاع عن اسم عائلة “تيفيز” بعدما تورط عمه الذي كان يقوم بتوزيع المخدرات مع إحدى العصابات فتعرض لإطلاق نار، ولأن الجلوس مناسب لحالات مثل الإعياء ولكن الوقوف مناسب للقفز والركض، تجول تيفيز برفقة أحد أصدقائه في ملاعب الحي ويدعي دانيلو الأوروجوياني الذي كان لا يقل مهارة وحيوية عن كارلوس، وشكلوا ثنائيًا كان حديث الأرجاء، إلا أن صديق تيفيز كانت لديه ميول الشغب وتمرد المراهقين فانجرف في الإدمان الذي تسبب في مقتله في النهاية.. صداقة انهارت وفقر مدقع وعائلة تبحث عن ثأرها جعلت من كارلوس يجد في الملعب الخلاص من كل التراجيديا والعنف ويكتب مسيرة لاعب عالمي شهدت طفولته هذه الأحداث.

بدأ تيفيز مسيرته الاحترافية في بوكا جونيورز، بعدما قضى سنوات طفولته في نيوز أولد بويز، وفاز مع بوكا بكأس الليبرتادوريس، وكأس الإنتركونتيننتال، على حساب ميلان، ثم التتويج بكأس السود أميريكانا.

بعد ذلك غادر تيفيز بوكا جونيورز متجهًا إلى نادي كورينثيانز البرازيلي في ديسمبر من عام 2004، ثم انتقل إلى وست هام، مع صديقه خافيير ماسكيرانو في 2006، قبل أن تبدأ مسيرته الأوروبية في الانفجار، ومن الهامرز إلى مانشستر يونايتد ثم مانشستر سيتي ويوفنتوس.

خلال هذه الرحلة حقق تيفيز ألقاب عدة، الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الأبطال مع مانشستر يونايتد ثم بريميرليج آخر مع سيتي، والدوري الإيطالي مع يوفنتوس، والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مع يوفي كذلك، وبعد أن عادت مسيرته إلى الحياة مع السيدة العجوز، وفي الوقت الذي كان مطلوبًا فيه من أندية بحجم بايرن ميونخ وأتلتيكو مدريد، جاء القرار بالعودة إلى البوكا.