الأربعاء 24 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

“سيفين.. كان يوم حبك أجمل صدفة!”

القاهرة 24
الجمعة 17/يوليو/2020 - 05:04 م

– فى سنة 2001 الطفلة “لورا بوكستون” اللي كان عندها وقتها 10 سنين جابت بالونة وعلقت فيها ورقة مكتوب عليها إسمها وعنوانها، وطيرتها.. مجرد لعبة عيالي من “لورا” اللي كانت لسه حافظة عنوان بيتهم جديد، وحبت تجربه بالحركة دي.. البالونة طارت مسافة حوالي 260 كيلو ونزلت فى جنينة بيت طفلة تانية فى منطقة تانية، ومدينة تانية خالص، وإسمها “لورا بوكستون” برضه!.. صدفة صح؟.. أكيد.. بس فيه صدفة أكبر وأكثر جناناً!.. طبعاً أسرة “لورا” التانية إستغربوا مين دى أو مين ده اللي باعت رسالة بإسم بنتنا!.. من خلال العنوان المكتوب على الورقة اللي مع البالونة قدروا يتوصلوا بسهولة لـ بيت “لورا” الأولانية.. اتصلوا بأسرتها وقالولهم إحنا جايين عندكم نزوركم!.. البنتين واللي كانوا أول مرة يشوفوا بعض، وبدون إتفاق؛ كانوا لابسين نفس الملابس!.. بلوزة لونها وردي، وجينز أزرق!.. بس؟.. لأ.. الإتنين شعرهم بُني والشعر نفس الطول بالظبط.. طول البنتين زي بعض كمان.. كل واحدة فيهم عندها كلب عمره 3 سنين من فصيلة “لابرادور“، والإتنين بيربوا أرانب لونها رمادي!.. من وقتها ولحد النهاردة “لورا“، و“لورا” أصدقاء قريبين جداً من بعض فى علاقة غريبة لسه بدون تفسير علمي منطقي، وعنوانها العريض الكبير “الصدفة“.

 

الطفلة "لورا" الأولي مع الطفلة "لورا" الثانية
الطفلة “لورا” الأولي مع الطفلة “لورا” الثانية

 

– مش كتير يعرفوا إني فى سنة 2006 كسبت جايزة أفضل كاتب شاب فى العالم عن مجموعتي القصصية “عندما يموت الحلم“.. الجايزة اللى جت من فرنسا بشكل غير متوقع كان فيها جبران خاطر مش طبيعي ليا، وكانت تعويض عن أكتر من 77 مرة فشل قدمت فيهم فى مسابقات أدبية محلية وكانت النتيجة صفر!.. المجموعة القصصية دي كانت مكتوبة من وأنا فى إعدادي تقريباً، وبعدها بسنين عملت لها إعادة تنسيق، وكتابة عشان أشترك بيها فى 2006 فى المسابقة!.. بطلة القصة الرئيسية كانت بدون إسم.. كتبت كل حاجة وسيبت الإسم فاضي على أساس إني هختاره قبلها مباشرة بقي عشان مفيش فى بالي دلوقتي.. لحد ليلة يوم التقديم.. ما تخبط أى إسم وخلاص!.. لأ.. الموضوع اللي ممكن يبان بسيط وسهل؛ أخد مني ساعات!.. كان عندنا واحدة جارتنا لسه مخلفة جديد فى نفس اليوم.. عرفت من أمي إنها سمت بنتها “سيفين“.. أمي قالتلي: طيب ما تسميها “سيفين” أنت كمان!.. وافقت.. أنا مؤمن بالصدف، ومادام ولادة البنت جت فى اللحظة دي يبقي خلاص البطلة إسمها “سيفين“.. بعدها بـ شهور وبعد ما كنت نسيت موضوع المسابقة لقيتهم بيقولولي مبروك كسبت!.. ده بجد!.. آه.. اللي يعرفني هيكون عارف إن دي أهم لحظة فى حياتي لحد ما أموت.. اللحظة اللي فيها إعتراف إنك مميز، ومختلف!.. يزيد حبي لـ إسم “سيفين“.. تمر السنين، وأنسي كل حاجة عن المجموعة القصصية وأبطالها وأكتب قصص أكتر، ويتوه الإسم وسط أبطال جُدد!.. تظهر بالصدفة “سيفين” تانية وجديدة خالص، وتكون سبب فى تغيير مهم، وتحول مسار حلم من أحلامي لحقيقة!.. وبعدها تختفي!.. رغم إني ماشوفتهاش لكن يزيد يقيني بالصدفة الحلوة، وتزيد أكتر محبتي للإسم وصاحبته.. عارف إن دي مش آخر صدفة هتجمعني بـ “سيفين” اللي مع الوقت بقت بطلة وشريكة أهم لحظات حياتي.. سواء كـ زوجة أو كـ إبنة لإني مصمم لما ربنا يرزق وأخلف هسمي بنتي “سيفين“.. مش عارف.. بس الأكيد إن الصدفة وحظي الحلو خلّوني بحب “سيفين“.

 

 

 

* الإنبوكس:

 

– أنا “أحمد“.. عندي 30 سنة.. من القاهرة، وخريج كلية هندسة.. طبعاً اللي هيشوف الكلية هيقول أوعي بقي مهندس والدنيا قدامه مفروشة بالورد والشغل على قفا مين يشيل.. لكن الحقيقة عكس كده خالص، وبسبب قلة الشغل رغم البحث والتدوير اللي ماكانوش بيقفوا لحظة، وبسبب الظروف وعشان مابقاش قاعد عالة علي البيت اضطريت أشتغل كاشير في ماركت تابع لـ محطة بنزين.. الماركت فيه كل حاجة.. أكل، عصير، وميه.. الوردية بتاعتي فى الأساس كانت من 6 الصبح لـ 3 العصر.. فى يوم من أواخر أيام شهر يناير فى سنة 2017؛ “ياسين” زميلي طلب مني أبدل معاه وأستلم ورديته مكانه، وهو يستلم مكاني لمدة 3 أيام.. نعكس يعني على أساس إنه كان هيخرج مع خطيبته يشتروا حاجات لشقتهم اللي هيتجوزوا فيها، وفيه محلات ميعادهم معاها بعد الساعة 8 بالليل فمش هيلحق يروح ويرجع على الشغل.. وافقت.. بقت ورديتي بالليل من الساعة 9 بالليل للساعة 6 الصبح.. طبيعة الشغل بتبقي هادية ورايقة فى التوقيت ده عكس الصبح اللي متعود عليه خالص، والرجل على المكان خفيفة.. كمان من الحاجات اللي زودت إن المكان يكون فاضي من الزباين إن الدنيا كانت بتمطر جامد بره!.. مجنون مين اللي هييجي فى جو زي ده!.. تقريباً الساعة 2 الفجر دخلت المكان بنت فى نص العشرينات!.. وقت غريب إن واحدة فى سنها تيجي فيه هنا.. كان باين عليها مرهقة بشكل أى حد يلاحظه.. مبلولة، ولبسها مش مترتب، ومش غالي.. اللي هو عادي.. بصوت كان طالع منها بالعافية طلبت قهوة من زميلي.. زميلي شاورلها عليا فجت تحاسبني!.. إدتني الفلوس بـ كف إيد رفعته بالعافية!.. عقبال ما دفعت، وإدتها الباقي كانت قهوتها جهزت فراحت أخدتها من زميلى ووقفت تشربها على جنب.. فى المكان مافيش كراسي.. ترابيزات واقفة، واللي بيطلب حاجة بيشربها وهو واقف على ترابيزة، وهي عملت كده.. مسكت الموبايل بتاعها وإتصلت بـ رقم، شوية وقالت بصوت حاولت تخلّيه طبيعي: (أيوا يا حاج “منصور“، إزيك أنا “منار“، معلش بكلمك متأخر، أنا فى مصر الجديدة أهو فى الخليفة المأمون كلها ساعة ونص وأكون عندك إن شاء الله).. بدأت تستقبل الرد، ومع الرد كانت ملامح وشها بتتغير، وقالت: (يعني إيه بس يا حاج!، مش أنت كنت بتقول لى مستعجل!).. سكتت شوية عشان تستقبل رد تاني، وقالت بصوت قريب للخنقة: (مش ذنبي والله أنا متحركة بدري بس فيه لجنة وقفتنا كلنا وكانوا بيشوفوا الرخص للعربيات عربية عربية، وده اللي أخرني و…).. كان واضح إن اللي بيكلمها قطم كلامه معاها وقاطعها.. سكتت شوية، وقالت بإنهزام: (خلاص يا حاج اللي تشوفه، حاضر، هستني فى الشارع، وهجيلك 7 الصبح، مع السلامة).. قالتها وقفلت الموبايل، وحطته بـ قلة حيلة على الترابيزة.. عينها جت فى عيني، ولاحظت إني مركز عليها، وشايفها!.. إرتبكت، وإتكسفت، وحاولت تبين إنها متماسكة، وكملت شرب القهوة.. “عمرو” زميلي فى المكان، واللي كان فى نفس اللحظة بيمر من ورايا لاحظ إني باصص عليها.. خبطني فى كتفي، وغمزلي بعينه اللي هو كإنه بيقول: (إيه بقي!).. سألته: (فيه إيه؟).. رد: (آآآه أنت أول مرة تشوفها عشان أنت جديد فى الوردية!، دي يا سيدي بتيجي مرة كل أسبوع بالليل؛ ساعات فى نفس الميعاد، ساعات الساعة 12، وساعات قبل كده).. كنت ساكت عشان عايزه يكمل، وهو بصراحة ماكنش منتظر مني إشارة عشان يعمل كده.. كمل: (بتدخل تشرب قهوة عقبال ما العربية النقل اللي بتشتغل عليها تخلص تفويل).. سألته: (سواقة عربية نقل؟!).. رد بسرعة بـ سؤال: (مش باين عليها صح؟).. هز دماغه وشاورلي بـ دقنه ناحية واحدة من حيطان المكان الإزاز واللي كاشفة الشارع برضه.. شاور على عربية نقل لوري لونها أزرق كانت واقفة فعلاً، ومتحملة كراتين أجهزة كهربائية!.. قولت لنفسي يا تري إيه حكايتها وإيه اللي يضطر بنت فى سنها تشتغل شغلانة مرهقة كده!.. فعلاً مفيش حد مرتاح.. فضلت موجودة دقايق، وعيني مانزلتش من عليها ولا ثانية منهم لحد ما إتحركت من المكان.. ركبت عربيتها، ومشيت!.. فضلت طول الوردية ولمدة 4 ساعات متتالية بفكر فيها مش عارف ليه.. يمكن شوفت فيها اللي عارفه فى نفسي من تخبيط الحال، والحالة.. شوفت فيها بساطة أسرتي.. يمكن عشان إسمها!.. آه بالمناسبة.. إسمها “منار” على إسم أختي التوأم اللي اتوفت زمان وإحنا عندنا 5 سنين.. ماعرفتش ألاقي إجابة.. خلص وقت الشغل.. غيرت اليونيفورم ولبست هدومي، وخرجت من المكان.. حطيت إيدي فى جيبي عشان الجو، وإستقبلت الهوا الساقع اللي خبط فى وشي بمنتهي الهدوء، والتكتكة.. ماكنش فيه عربيات توصلني لحد المترو!.. ممم كده أنا مضطر أمشي على رجليا حوالي نص ساعة لحد أقرب محطة.. يالا توكلنا على الله.. دخلت فى شارع جانبي هيقرب عليا المسافة كنت أول مرة أمشي فيه.. قبل ما أكمل خطوتين بصيت على يميني ولقيت العربية اللوري الزرقاء الكبيرة!.. إيه ده دي عربيتها!.. لفيت حواليها بـ حذر.. الشبابيك مقفولة.. بعد حبة تردد إتشعبطت على السلم العالي اللي جنب باب السواق عشان أبص على الكابينة وأفهم فيه إيه.. شوفت “منار” من ورا الإزاز نايمة على الكرسي ومتكلفتة فى غطا تقيل.. بصيت فى الساعة.. 6 وربع!.. خبطت على الإزاز بسرعة وبصوت عالي.. إتنفضت وإتخضت وصرخت صرخة ماسمتعهاش بسبب الإزاز.. فتحت إزاز الشباك من جوه.. سألتني: (إنت مين وعايز إيه؟).. قولتلها: (أنا اللي شوفتك فى البنزينة من كام ساعة).. سألت تاني بحذر: (وعايز إيه؟).. رديت، وأنا بشاور على ساعتي: (إنتي مش عندك ميعاد الساعة 7؟، دلوقتي 6 وثلث).. سكتت شوية كإنها مش مستوعبة.. كملت بسرعة عشان أفكرها: (الحاج!.. الحاج منصور يا منار).. أول ما سمعت كده صرخت: (يا نهار إسود).. فى أقل من ثانية عدلت نفسها على الكرسي، ودورت العربية، وكانت هتتحرك بيها.. صرخت: (إستني إستني إنتي هتعملي إيه؟ هقع كده!).. قالت لي: (إنزل بسرعة أنا متاخرة).. قولت: (طيب طيب أصبري).. قولتها بعصبية، ونطيت، وهي طلعت جري بالعربية!.. يا بنت المجنونة!.. خلص الموقف بس ماراحش من عقلي.. عجبتني الصدفة، وصممت إني أخليها تتكرر.. طلبت من “ياسين” إني أبقي ثابت فى ميعاد الوردية دي.. مش “عمرو” قال إنها بتيجي كل أسبوع!.. خلاص يبقي أنا هفضل هنا.. “ياسين” وافق بصعوبة.. مر أسبوع ماجاتش.. أسبوعين ماجتش.. 3 أسابيع برضه ماجاتش.. مر شهر ونص كاملين، و“منار” ماجتش!.. فقدت الأمل إني أشوفها تاني، وتدريجياً بدأت أنساها.. قبل نهاية الشهر التاني، وأنا قاعد بلعب فى الموبايل، ومخبيه تحت عشان محدش يشوف سمعت صوت باب المكان بيتفتح.. بصيت بحركة إعتيادية بصة سريعة، ورجعت بصيت تاني على الموبايل.. زي ما تكون عيني شافت حد عارفاه.. “منار“!.. رجعت بصيت تاني.. دي هي فعلاً.. الموبايل وقع من إيدي.. من أول ما دخلت وعينيها عليا.. راحت لزميلي طلبت القهوة بتاعتها، وجت تحاسبني.. إدتني الفلوس، وقالت وهي مبتسمة: (شكراً).. رديت، وأنا مرتبك: (فى خدمتك يا فندم).. سكتت لحظة وقالت وهي مبتسمة إبتسامة واسعة: (لأ انا قصدي شكراً على الميعاد بتاع يوم المطرة، لولاك ماكنتش هلحقه).. ضحكت، ورديت: (طيب الحمدلله).. هزت راسها بإمتنان، وأخدت القهوة بتاعتها، وراحت وقفت نفس الوقفة تشربها.. علي عكس قوانين العمل المتبعة فى المكان اللي متراقب ليل نهار بالكاميرات؛ لقيت نفسي بدون وعي بروح عشان أقف معاها مع إنه ماينفعش وممكن يضرني وظيفياً.. بس أنا ماحسبتهاش.. سألتها: (يضايقك لو وقفت معاكي شوية).. هزت راسها بالنفي بمنتهي اللُطف.. قولت: (بصراحة أول مرة أشوف بنت بتسوق عربية نقل لوري).. قالت: (كل اللي يعرف يستغرب، أنا خريجة تجارة أساساً).. كلمة جابت كلمة، والدردشة طولت وعرفت منها كل حاجة عنها، وهي كمان عرفت عني كل حاجة.. بنت بـ 100 راجل شالت هم أسرتها بعد وفاة والدها.. بتشتغل عشان تصرف على والدتها، وعلي أخت صغيرة 16 سنة بتعاني من  إعاقة جسدية مزمنة.. والدها كان سواق على عربية لوري، وبعد وفاته راحت لصاحب العربية طلبت منه إنها تشتغل عليها مكانه.. وافق بصعوبة.. إتعلمت السواقة وعن طريق المعارف والوسايط وجدعنة الجيران من تحت لتحت طلّعت الرخصة!.. بتعمل من 3 لـ 4 نقلات كل شهر، وهما دول مصدر دخلهم.. فى نفس الوقت بتعمل دراسات عليا عشان بتحلم تاخد الماجستير والدكتوراة!.. قصة كفاح من اللي بنسمع عنهم بره بس موجودة على أرض مصر، والبطلة بتاعتها مصرية، وشبهنا.. الوقت اللي إتكلمنا فيه كنت مرتاح لها خلال كل ثانية فيه.. نفس إحساس إنك تكون عارف فلان ده من زمان، وإفترقتوا، ولسه متقابلين، وفى نفس الوقت كإنكم ماسبتوش بعض لحظة!.. مسألتهاش بس إنطباعي إن هي كمان إرتاحت فى الكلام معايا.. قبل ما تمشي طلبت رقمها.. إدتهوني.. إتكلمنا، وإتقابلنا.. كتير وعلى مدار 4 شهور.. مافاتش وقت أكتر عشان أتأكد إن هي دي الست اللي أحب أكمل معاها!.. خلال المدة دي رحت زورتهم فى البيت وإتعرفت على والدتها الست السكر البسيطة، وأختها “نسمة” الملاك البريء.. هي كمان جت، وقابلت ماما وبابا وأختى وحبتهم وحبوها.. إتخطبنا.. طول مدة الخطوبة كنت أسعد واحد فى الدنيا.. وجود “منار” فى حياتي اللي جه صدفة؛ لونها، وخلّي ليها طعم.. كانت بتقدم لي بنفسها فى شركات ومكاتب هندسية بعد ما كنت يأست خالص من السكة دي.. قدمت لي برضه فى الإسكان الإجتماعي بتاع شقق الحكومة رغم إني كنت رافض وشايف إن الحاجات دي بتروح لبتوع الواسطة بس مش لينا إحنا.. “منار” ماتعرفش يأس.. (هنجرب، ونحاول ومش هنخسر حاجة).. أسألها بهزار: (يا بنتي إنتي عندك وقت!، أنا حاسس إني خلفتيني ونسيتيني!).. ترد بصدق: (أنا عندي ماما ونسمة وأنت، وأنتم التلاتة أولادي فعلاً).. شهر جر شهر وسنة جرت التانية.. عملت الماجستير.. بناءاً على طلبي وقفت شغل النقل ده خالص.. وافقت عشان ترضيني رغم إنها ماكانتش مقتنعة.. إشتغلت شغلانة أون لاين، وحققت فيها تميز كان بيجيب لها مرتب أكتر من اللى كان بيطلع من النقل!.. وأنا لسه فى البنزينة، ومفيش جديد.. رتم حياتنا كان ماشي ببطء غلس!.. بنحوش بس بصعوبة، ولو مشينا بالحسبة بتاعتنا كده مش هنبقي مع بعض تحت سقف بيت واحد قبل 3 سنين على الأقل.. مش هنكر إن النجاح بتاعها اللي كانت بتحققه كان بيخيلني فخور بيها.. بس غيران!.. ويمكن دي الزاوية اللي الشيطان كان بيدخل لي من خلالها.. تجيب لي هدية فى عيد ميلادي.. أكبسها، وأرفض!.. (إزاي تجيبيلي هدية، وإنتي عارفة إني ماجبتش ليكي فى عيد ميلادك!، قصدك تحسسيني بالعجز يعني!).. ترد: (يا حبيبي مفيش فرق بيني وبينك إحنا واحد).. أرفض، وأخليها تروح، وهي شايلة التورتة والهدية.. سخافتي، وعصبيتي معاها زادوا.. زادوا بشكل بشع.. بدأت أتحكم فيها.. هاتي موبايلك أبص فيه أشوف بتكلمي مين.. أروح لها الجامعة فجأة فى قسم الدراسات العليا فألاقيها واقفة مع إتنين زمايلها بنات ومعاهم شاب فألاقي إن دي فرصة عظيمة لخناقة جديدة ماتقدرش تغلطني فيها.. تستقبل عصبيتي بهدوء.. كان ردها دايماً ثابت: (“أحمد” أنا أخترتك أنت وبحبك أنت خلّى عندك ثقة فيا، وفيك أكتر من كده).. فى مرة فى وسط خناقة جديدة أنا سببها طبعاً قولت لها: (كانت صدفة منيلة).. قولتها من لساني بس ماخرجتش من قلبي.. ردت عليا بحزن: (مفيش حاجة بتحصل صدفة يا “أحمد“، ومفيش صدفة وحشة).. شوحت بإيدي وأنا بستهزأ بكلامها.. الحقيقة إنها كانت بتستحمل مني اللي مفيش حد يستحمله.. أو مش بيستحمله إلا حد بيحب فعلاً.. غصب عني.. فعلاً غصب عني، وساعات من كتر الضغط بنيجي على الوحيدين اللي ماينفعش نيجي عليهم.. من كام شهر حصلت خناقة عاشرة.. قالتلي فى وسطها جملة هفضل فاكرها طول عمري: (لو ضيعتني من إيدك دلوقتي مش هتعرف تلاقيني تاني، وكل صُدف العالم مش هتجمعنا).. كملت فى عمايا، وجهلي.. رغم إن أنا اللي غلطان بس حاولت تكلمني لما مر يومين بدون كلام بينا كنت بكنسل عليها.. لما فشلت توصل لي جت لي فى البنزينة فزعقت فيها، ومشيت وهي زعلانة ومصدومة!.. رجعت البيت فى نفس اليوم لقيتها جت زارت والدتي وجابلتها معاها الدبلة بتاعتي!.. كده يا “منار“!.. إنتي بتتحديني!.. طيب طز.. ركبت دماغي.. مر أسبوع.. إتنين تلاتة.. مفيش “منار“.. جالي جواب على شغلي فى البنزينة إن تم قبولي فى واحدة من المكاتب الهندسية اللي كانت مصممة تقدم لى فيها!.. بعدها بيومين كلموني عشان يقولولي إن إسمي طلع فى القرعة بتاعت شقق الإسكان الإجتماعي!.. لقيتها فرصة مناسبة إن أروح، وأصالحها.. رحت لـ بيتهم.. لقيتهم عزلوا، ومشيوا من أسبوعين!.. راحوا فين؟.. محدش عارف.. رحت الجامعة لقيتها سحبت ورقها اللي باقي من الرسالة بتاعتها، ومايعرفوش هتكملها فين ولا مش هتكملها أصلاً.. لفيت يمين، وشمال عشان ألاقيها.. فشلت.. مع كل محاولة بحث كانت بتتردد فى بالي جملتها: (لو ضيعتني من إيدك دلوقتي مش هتعرف تلاقيني تاني).. دخلت فى نوبة إكتئاب مش قادر أخرج من توابعها لحد دلوقتي.. حتى لما طلبوني من كذا شهر عشان أروح أخلص ورق الشقة رحت غصب عني ودقني كانت طويلة وهدومي مبهدلة.. الموظف وهو بيمضيني قال لى: (حظك من السما، دور شقتك حلو، وموقع العمارة ممتاز، المفروض تشكر الصدفة اللي خلّت حظك ملعلع كده).. رديت عليه بنبرة حزن ماتتناسبش مع الموقف، وبنفس الجملة بتاعتها: (مفيش حاجة بتحصل صدفة).. لغاية النهاردة أنا مارضتش أستلم شغلانتي الجديدة فى المكتب الهندسي، ومش هستلمها.. أنا لسه فى محطة البنزين.. أول مكان شوفت فيه “منار“، وعارف إن الصدفة هتخدمني، وهتظهر تاني؛ عشان أعتذرلها إني ضيعتها من إيدي.

 

 

* الرد:

الأديب “حسن كمال” قال: (دائماً تأتى الصدفة بأفضل ألف مرة مما يأتيه الترتيب).. الصدفة فى إنك تلاقي شريك مناسب.. صدفة إنك تلاقي صاحب جدع يطلع يستحق ثقتك ويكمل معاك العمر كله.. صدفة إنك تلاقي وظيفة فاقد فيها الأمل.. مليون شكل، وهيئة للصدف اللي موجودة حوالينا فى كل وقت.. بس الصدفة بتيجي دايماً للي يستحق، وإستمرار وجودها من عدمه بيتوقف على الشخص اللي بتجيله، ومدى قدرته على الحفاظ عليها.. هيهملها، ويفتكر إنها مادام جت مرة هتيجي ألف؟.. ولا هيحمد ربنا عليها، وهيراعيها، وهيفهم إنها كانت بإشارة ربانية عشان تنور حياته!.. مفيش صدفة بتدوم إلا بتقديرك لنعمة وجودها، مفيش صدفة وحشة، ولا فيه صدفة بتيجي كده وخلاص.

تابع مواقعنا