الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

“أعز الناس!”

القاهرة 24
الجمعة 07/أغسطس/2020 - 04:58 م
  • فىي يوم 26 سبتمبر سنة 1989 يعني تقريباً من 30 سنة، ولما كان الشاب الأمريكي “دان” راجع من شغله الساعة 11 بالليل وأثناء مروره جنب مقلب الزبالة الرئيسي فى ولاية “فلوريدا” إتهيأله إنه سامع صوت بُكا عيل صغير!.. “دان” اللي ماكنش متعود يسمع زي ما بيقولوا عندنا فى مصر “صريخ إبن يومين” فى الحتة دى كان لازم يقف عشان يشوف إيه ده!.. قرب فى إتجاه مصدر الصوت.. كانت المفاجأة إنه لقي طفل رضيع ملفوف فى غطا أبيض وبيعيط!.. الله!.. ده طلع حرفياً كان صريخ طفل إبن يومين!.. بطبيعة الأمريكان اللي النوعية دى من التخلص من الأطفال معدومي النسب ماكانتش منتشرة عندهم؛ كان لازم “دان” يتوتر ويفكر ويتردد مليون مرة قبل ما يمد إيده ويشيل العيل ده!.. بس إستجمع شجاعته بسبب صوت العياط المتواصل للطفل اللي كان واضح إنه بيصارع عشان وجوده فى الحياة.. شاله، وطلع بيه على واحدة من الجميعات الخيرية لرعاية الأيتام، ورغم إن الوقت كان متأخر نسبياً بس إستقبلوا الطفل، وأخدوه منه.. دار الرعاية بلغت الشرطة، والشرطة عملت بحث سريع عشان يعرفوا مين الولد ده.. التحريات اللي إستمرت يومين توصلت إن ده إبن لأب مجهول وأم مشردة مدمنة مخدرات وكحول، وإن الطفل إتولد من 3 أيام بالظبط؛ بس أمه اللي فاقدة وعيها دايماً وعايشة فى الشوارع كل عمرها قررت تسيبه فى مقلب الزبالة عشان يموت هناك بسلام أو كلب من الكلاب ينهشه وخلاص.. الجمعية الخيرية بتربي الطفل.. القصة بتنتشر فى فلوريدا بشكل مذهل، والكل بقي يتكلم عن العيل ده!.. خلّى بالك إننا بنتكلم عن حاجة قبل ظهور الإنترنت والسوشيال ميديا بس برضه القصة إنتشرت وده يديلك إنطباع عن مدى تأثر المجتمع بحالة الطفل.. آه بالمناسبة.. الناس، والصحافة فى كلامهم عن الحادثة كانوا بينادوا الولد بـ لقب “طفل القمامة“!.. لقب قاسي مش كده؟.. أكيد بس ما إحنا مانعرفلوش إسم، وبعدين مش هي دى الحقيقة!.. المهم فيه أسرة أمريكية مكونة من راجل ومراته قرروا يقدموا طلب للجمعية عشان يتبنوا “طفل القمامة“.. الجمعية بتوافق.. الراجل ومراته بيسموا الطفل “فريدي فيجرز“.. بياخدوه ويربوه عندهم فى بيتهم وبيدوله حنان وعطف يمكن أكتر ما كان هياخد من أبوه وأمه الحقيقيين.. بيدخل المدرسة فى سن 5 سنين.. بتمر سنة والتانية والتالتة عادى.. مع بداية السنة الرابعة ليه فى المدرسة بيبتدي “فريدي” يسمع من زمايله اللقب اللي كان أُطلق عليه زمان!.. “طفل القمامة“ راح، “طفل القمامة جه!.. طبعاً أكيد كتير من أولياء الأمور كانوا هما السبب إن ولادهم يعرفوا اللقب ويغلسوا بيه على الطفل الأسمر الجميل!.. شوية بـ شوية بدأت الضغوط تزيد على “فريدي” اللي كان لا عمره ولا عقله يسمح بكمية التنمر والعنف اللفظي ده!.. حاول الأب والأم يهونوا على الولد قد ما يقدروا ويشتكوا للمدرسة بس فضل الضغط موجود، وفشلوا فى مواجهته تماماً.. خلّى بالك إن مكافحة التنمر ماكانتش برضه فى التوقيت ده واخدة حقها 100% فى أمريكا.. بيفكر “فريدي” فى الإنتحار عشان يتخلص من ذنب مالوش فيه ذنب!.. الأب والأم بيلحقوه.. بتبتدى الأجازة، وبتبقي فرصة عظيمة لإلتقاط الأنفاس، وعشان “فريدي” يفصل شوية من غتاتة العيال فى المدرسة.. بيفضل حابس نفسه فى أوضته، ومابيرضاش يخرج منها.. الأب عشان يخفف عن الولد شوية بيشتريله جهاز كمبيوتر عشان يلعب عليه Games.. كانت أول مرة يتعامل مع جهاز أصلاً.. بيفتح الجهاز، ومش بيلاقي نفسه فى ولا لعبة!.. بعدها ومن كتر الخنقة بيفتح الجهاز نفسه من جوه.. أيوا بيفكه يعني!.. جاب مفك، وزرادية، وفتحه.. قعد يلعب فى الأسلاك، والمسامير اللي جوه، ويشيل ويحط فيها.. شوية بـ شوية عجبته اللعبة دي، وبقي يلاقي نفسه فيها.. لما رجعت الدراسة تاني إشترك فى نشاط متعلق بالإليكترونيات فى المدرسة عشان يمارس هوايته الجديدة.. حتى لما كان بيلاقي حد بيغلس عليه ويوقفه عشان يتريق على لون بشرته أو اللقب بتاعه كان يزيح إيده ويقول له: (نعم أنا طفل القمامة دعني وشأني).. ويكمل طريقه عشان يلحق يقعد فى أوضة النشاط شوية، ويلعب فى أسلاك الكمبيوتر ويفصصه من جوه!.. تمر سنة وإتنين وتلاتة.. لما بيوصل سن “فريدي” لـ 13 سنة بيطلب من أبوه بالتبني إنه يخصص أوضة صغيرة فى البيت عشان يعملها مركز لصيانة الكمبيوتر!.. الأب بيوافق وش!.. بس هتعرف يا إبني؟.. آه أكيد.. بيحصل فعلاً، وبيعمل دعاية فى منطقته إنه بيعرف يصلح أجهزة الكمبيوتر.. حتى على سبيل الهزار، وعشان يحرق دم الناس اللي بيتنمروا عليه، وعشان يختصر هري وتريقة؛ كتب فى الدعاية بتاعته “مكتب طفل القمامة لإصلاح أجهزة الكمبيوتر“.. يبدأ الزباين ييجوا.. زبون إتنين تلاتة عشرة عشرين.. هوب يبقي عددهم 150 عميل!.. تبتدى الفلوس تجري فى إيد العيل اللي لسه ماخرجش من البيضة، واللي كانوا بيتريقوا عليه إمبارح بيبقي عبقري التصليح اللي مفيش زيه لا فى مهارته ولا فى أسعاره البسيطة!.. ياخد مكتب أكبر لما سنه يوصل لـ 19 سنة.. تبتدي دماغ “فريدي” تنور فى حتة تانية خالص.. يصمم برامج، ويخترع أجهزة إليكترونية!.. وهو فى السن ده؟.. آه.. النجاح يجيب نجاح أكتر.. فجأة وبدون مقدمات أبوه بالتبني يجيله الزهايمر!.. يخرج مرتين ويتوه ويرجعوه بالعافية.. طبعاً غلاوة الراجل ده عند “فريدي” مالهاش حدود، وموضوع مرضه خلاّه فى أسوأ حالاته.. قال لنفسه: “لازم أعمل حاجة للراجل اللي فتح لى بيته، وإداني حنان، وعطف هو ومراته“.. يقفل على نفسه ويخترع جهاز بيتم تثبيته فى الفرشة بتاعت حذاء مريض الزهايمر عشان يتتبع خطواته واحدة واحدة ويسهل العثور عليه لو تاه!.. الإختراع ينجح، وتشتريه منه شركة إليكترونيات بـ 2 مليون دولار!.. هوب دي نقلة تانية خالص.. بيكبر إسم “فريدي” أكتر، وأكتر.. يعمل شركة Figgers Wireless المتخصصة فى البرمجيات.. يكبر إسمها، وتبقي النهاردة قيمتها السوقية أكتر من 60 مليون دولار، وهو لسه عمره ماكملش 30 سنة!.. ويبقي إسم “فريدي فيجرز” نفسه من أنجح رجال الأعمال الشباب، وكل اللي كانوا بيتريقوا عليه إمبارح محدش يعرف ولا واحد منهم.

 

فريدي فيجرز طفلاً والآن
فريدي فيجرز طفلاً والآن

 

 

  • الإنبوكس:

 

أنا “عز“.. شاب عادي عندي 33 سنة.. من أب مصري وأم سودانية.. أخدت منهم طيبتهم، واللون الأسمر اللي بيعكس نقاءهم، وأتمني أكون قدرت أبقي زيهم ولو بنسبة 1% فى أخلاقهم.. ماتحكمش على مستوايا من إسمي.. إحنا أسرة ضعيفة الحال، وأبويا الله يرحمه يمكن حاول من خلال إسمي إنه يخليني أبقي قريب بأى شكل من ولاد الذوات!.. أهو أى حاجة تلّمس فى العز وخلاص بقي!.. كنّا عايشين فى السودان.. الوضع هناك من 10 سنين كان صعب علينا، وبالذات مع ظروف والدي اللي كان بيشتغل نقّاش.. أمي ماكانتش بتشتغل.. معنديش إخوات.. لما ضاق الحال بينا أكتر، وبمجرد ما خلصت جامعة قرر والدي يبعتني لـ “مصر” أم الدنيا عشان أشوف حظي وأشتغل.. أنا معايا شهادة من كلية تجارة.. وصلت مصر، ومن خلال معارف أبويا بتوع زمان اللي كانوا لسه فاكرينه قدرت ألاقي شقة صغيرة أقعد فيها فوق السطوح فى منطقة عابدين.. سعيت ودورت على شغل وإتبهدلت كتير جداً لحد ما ربنا وفقني ولقيت شغلانة محاسب فى شركة مقاولات.. مش هخبي عليك بسبب لون بشرتي إتعرضت لمضايقات كتير من بعض اللى حواليا.. معظم المصريين ناس طيبين وأصيلة بس الجرح اللي كان بييجي من واحد غير مسئول فيهم كان بيخلّيني ماقدرش أنام  أيام والله.. هو مين اللي قال إن السمّار وحش أو حاجة عيب!.. مش الست “شادية” غنت “يا أسمراني اللون“.. والست “فايزة أحمد” غنت “أسمر يا أسمراني“.. و“محمد قنديل” غنى “جميل وأسمر“؟.. والأغاني دي جزء من ثوابت الفن المصري اللي كل الناس بتحبه!.. يبقي ليه التريقة!.. من البداية عمرى ما أخدت الكل بـ ذنب الجزء.. بعرف أفرق بين قليل الذوق والتربية والأخلاق وبين اللى ماشوفتش منه غير كل خير.. عشان كده مع الوقت بقيت بستحمل، وعودت نفسي أبقي أقوى.. بزعل بس بكمل.. أعجبت بـ بنت زميلتي فى الشغل إسمها “رشا“، وكان فيه مشاعر متبادلة بيني وبينها.. أو أنا حسيت كده.. أنا إتربيت على الوضوح، والصراحة، وهى كانت أول حد قلبي يتفتح له.. يبقي أتكلم.. طلبت منها آجى أقابل والدتها.. وافقت بس سألتني عن السبب.. قولتلها.. إتوترت.. سألتها فيه حاجة؟.. قالت لأ.. جيت، وقابلت مامتها، وحطيت ظروفي قدامهم بمنتهي الصراحة.. فى الوقت ده أنا كان عدى على شغلي فى القاهرة حوالي 9 شهور.. أثبتت نفسي خلالهم وبقيت بفضل ربنا واحد من أهم 2 محاسبين فى مكان بيضم 12 محاسب.. الأم طول القعدة بتبص لـ “رشا” كإنها بتوصل لها كلام بينهم هما الإتنين أنا مش عارفه.. أو حسيت إنها كإنها بتقول لها “ما الولد كويس أهو يا بنتي“.. جه وقت الرد، و“رشا” أخدت وقت عشان تقدر تستجمع شجاعتها فى الرد.. (أنت ألف بنت تتمناك يا “عز“).. رديت: (بس أنا مش عايز الألف، ولا أقدر على مهرهم، أنا عايزك إنتي).. قالت: (أنت إنسان طيب، وقلبك أبيض بس…).. كلامها وقف.. سألتها بـ عيني عشان تكمل.. بصت لـ والدتها.. والدتها قامت وسابت لنا الأوضة.. “رشا” كملت: (أنا عارفة إنك عاقل، ومن فضلك ماتاخدش رفضي حاجة عيب فى حقك).. قولت: (طبعاً).. شاورت بإيديها إشارات ملخبطة كده على وشي مافهمتش منها حاجة، وبعدها كملت: (أنا من زمان كنت بحلم بـ شكل معين لـ عريسي، ستايل معين فى لبسه، وشكله، وبصراحة ماكنش ييجي فى بالى إنى ممكن أتجوز شاب أسمر، أسمر أوي).. ضحكت عشان أخفف عنها لعثمتها اللي كانت باينة فى كل حرف بتقوله، وقولت: (يا ستي أنتم مش بتقولوا فى مصر السمار نص الجمال؟، يبقي فين المشكلة).. إبتسمت إبتسامة متحفظة، وخجولة، وردت: (آه بس مش ده اللى كان فى بالي والله، شوف أنا عارفة إنك عاقل كفاية وهتفهمني، ومش هتاخد كلامي بنية وحشة، و…).. قاطعتها، وقولت، وأنا باصص فى عينيها: (يا ستي ولا أى أزمة خالص، وكفاية عليا إني جيت ودوقت طعم طبخ الحاجة، وكان بقالي فترة معدتي باظت من أكل الشارع).. إستغربت من ردي، وسألت: (يعني أنت مش زعلان بجد!).. هزيت راسي بقوة، وضحكت، ورديت: (خالص خالص والله، إحنا إتنين زي الفل مايعيبناش أى حاجة بس نصيبنا مش سوا!، ربنا يحققلك أكتر من اللى بتتمنيه).. كملنا القعدة بمنتهي الود، ونزلت من عندهم، وقبل ما أخرج من باب العمارة إستخبيت ورا الباب وبكيت بـ صوت أقرب للنحيب.. بصراحة كان ممكن أموت من الغيظ لو ماخرّجتش اللي جوايا فى دموع، وفى نفس الوقت ماكنش ينفع أحسسها بالذنب أو إنها تقبلني بالغصب.. ركزت فى شغلي أكتر، وأكتر.. كل حياتي للشغل بنسبة 200%.. جزء من دخلي كنت ببعته لـ والدي، ووالدتي.. بقيت بفضل ربنا رقم واحد فى الحسابات فى الشركة.. كان فيه فوج أجنبي جاي مصر، والشركة بتاعتنا ليها معاهم شغل.. المدير كان هيختار إتنين يروحوا معاه يقابلوا الأجانب فى الأوتيل.. الطبيعي إنه كان هياخد مدير الحسابات اللي هو أنا، والمهندس المتخصص فى المشاريع.. عمل إجتماع معانا، وقدام الكل قال إنه هياخد المهندس “أشرف“.. والشخص التاني؟.. “لؤي” شاب وسيم من الحسابات لسه متعين جديد!.. فسألته قدامهم: (طيب وأنا يا مستر مصطفي!، “لؤي” لسه تحت التمرين، ومعندوش المعلومات اللي يتكلم على أساسها).. رد بـ عنف عليا: (أنا اللي أحدد يا “عز“!).. خلص الإجتماع، وطلب مستر “مصطفي” يقعد معايا على إنفراد.. لما بقينا لوحدنا لقيت منه تعامل مختلف.. ود، وإحترام، وذوق!.. قال لى: (ماتزعلش).. قولت: ( مش زعلان بس عايز أفهم!، هو أنا قصرت فى إيه؟).. رد: (ماقصرتش، ويشهد ربنا إنك من أكفأ الموظفين عندى هنا بس “لؤي” عينه خضرا وشعره أصفر، والعالم الأجانب دول يا أخي دماغهم صغيرة وبيركزوا فى التفاصيل دي، وأنا مش عايز أخلّي الشغلانة دى تضيع مننا لأى سبب).. سكت لحظة، وكمل وهو بيضحك: (وبعدين بيتكلم إنجليزي يا سيدي).. قالها، وكمل ضحكته بصوت عالي، وطبطب على كتفي كإنه بيواسيني!.. قولت: (بس ده مش عدل، ومش دى الحاجة اللى بسببها هيشتغلوا معانا أو لأ يا مستر!).. رد بـ كلام كتير كله ماكنش منطقي برضه، وبيدور حوالين نفس اللي هو مقتنع بيه.. دعيت له بالتوفيق، وخرجت من مكتبه.. قبل ما أخرج بصيت لـ ورا، وقولت له: (على فكرة يا مستر “مصطفي” أنا كمان بعرف أتكلم إنجليزي كويس).. رميت الجملة بدون ما أستني رد منه بس كان كفاية عليا نظرة الدهشة والإحراج اللي إترسموا على وشه.. دخلت حمام الشركة، وبكيت زي ما متعود أعمل لما بحسها ضاقت من كل ناحية.. والحل يا “عز“؟.. حل إيه! هكمل طبعاً!.. هو أنا حياتي هتقف عشان نظرة فلان ولا عِلان ليا!.. فى اللحظة دي قررت أغّطس نفسي بشكل كلي أكتر فى الشغل بنسبة مليون%.. 4 سنين متواصلة شغل مكثف، وأكتر من 16 ساعة شغل فى اليوم، وتقديم ورق فى شركات تانية بره، وجوه مصر.. جاتلي فرصة أحسن كتير فى شركة مقاولات عربية عالمية فاتحة فى مصر.. كانت نقلة عظيمة، وفيها جبر خاطر لشهور وسنين التعب.. أثبتت نفسي بسرعة فيها.. مديرة الحسابات بنت أسبانية إسمها “ريتا“.. أوروبية أيوا بس فيها كتير من صفاتنا إحنا كـ عرب.. جدعة.. مثقفة.. رقيقة.. دماغها مختلفة، وجميلة جداً.. ما إستغربتش لما بعد حوالي سنة فى الشغل الجديد جاتلي وقالتلي إنها بتحبني!.. بتحبيني أنا!.. إنسان مجتهد، طيب، دمك خفيف، وأكون مطمنة على نفسي وأنا معاك.. ده رأيها!.. بدأت أبص لها بنظرة مختلفة.. وبصتها ليا خلّتني أنا كمان أبص لنفسي بنظرة مختلفة!.. ساعات كتير رأى غيرنا السلبي فينا بيشّوفنا نفسنا غلط، وبيعمينا عن المميزات اللي أكيد هتشد غيرهم.. كل حاجة مشيت بسرعة.. إتجوزنا.. إتنقلت فى شغلها ومسكت مديرة شركة مقاولات إنجليزية فى لندن.. رحت معاها وبقيت مدير الحسابات فى نفس الشركة.. حققنا سوا نجاحات على الأرض، وبقت سمعتنا ممتازة فى أوروبا كلها.. ربنا رزقنا، وخلفنا “زينة“.. الحال إتبدل، وإتعوضت وإتجبرت الحمدلله.. نسيت الوحش، وفضلت مصر حتة من قلبي، وأهلها جزء من دمى وتكويني، وفضل نفسي أرجع تاني عشان أشتغل فيها مع الناس اللى حبوني وحبيتهم.. يشاء ربنا إني قبل موضوع كورونا جيت مصر كمندوب لـ شركتنا عشان أتفاوض على شغل لينا فى أم الدنيا.. قابلت كذا وفد من كذا شركة مصرية عشان نتعاون.. من ضمنهم وفد من الشركة القديمة بتاعتي.. جه قابلني مستر “مصطفي” ومعاه “لؤي“، و موظف تاني معرفوش.. إستغربوا لما شافوني بس أنا أخدتهم بالحضن كإنهم إخواتي والله.. إحنا برضه كان بينا عيش وملح.. لما عرفوا منصبي إيه فى الشركة الأجنبية مستر “مصطفي” ملامحه إتغيرت، وواضح إنه كان متأكد إني لسه متأثر باللي حصل قبل كده.. فوجيء إنى قولت له: (أنا عارف شغل الشركة بتاعتك يا مستر، ودي تجربة سنين مش يوم ولا إتنين، إطمن إن شاء الله المشروع معاكم أنتم).. ماكنش مصدق، وقال لي: (أنت بتتكلم بجد!).. رديت: (آه والله!، دي قيمة شركتك اللي تستحقوها بمنتهي الإنصاف، واللي أنا أدري بيها من أى حد، دا أنتم أعز الناس!، مبروك).. قبل ما يخرج أخدني على جنب، وشكرني بيني وبينه.. رديت عليه بنفس كلامي، وإن إختياري ليهم ماكنش قائم غير على الكفاءة فقط لا غير وبدون مجاملة.. سكتت شوية، وكملت: (وعلى فكرة ماكنتش محتاج تجيب معاك لؤي، والأجانب مش بياخدوا بالمظاهر).. إعتذرلي، وأخدني بالحضن، وكان عايز يوضح، ويبرر بس أنا رفضت بذوق.. سألته عن “رشا” عرفت منه إنها إتجوزت وخلفت وإنفصلت وقعدت فى البيت عشان كانت طالبة مرتب كبير لا يتناسب مع حدود مرتبات الشركة فمشيت، وحالياً مع والدتها هي وإبنها اللي خلفته.. إتصلت بصديق مدير شركة مقاولات تانية مهمة فى مصر، وطلبت منه إنه يشغلها بالمرتب اللي هي عايزاه بدون ما هي تعرف إن الشغلانة عن طريقي، وإديته رقم تليفونها اللي كنت جيبته من حد زميلنا.. سألني: (حاضر، بس هي تهمك للدرجة دي!).. رديت: (طبعاً دي من أعز الناس).. فعلاً كلمها وفعلاً بقت بتشتغل عندهم، والحمدلله.. عندى حالة رضا تامة عن كل اللى حصل، واللى لسه هيحصل، وبقيت متأكد مليار% إن عوض ربنا فوق أى خذلان أو أذي، وإن مفيش حد إتضر ولو للحظة مفيش حاجة هتسعده بما يوازي ويمكن يبقي أكتر من اللى إتوجع بسببه.. وأنا مسافر من مصر راجع أسبانيا قبل ما حركة الطيران تقف كنت بفتكر قصتي دي كلها، وكتبتهالك على اللاب توب فى الطيارة، ومش هنكر إن دموعي وأنا بكتب نزلت كذا مرة بس المرة دي دموع سعادة بـ كرم ربنا مش قهر، ولا زعل والله.. ألف حمد، وشكر ليك يارب.

 

 

 

 

 

  • الرد:

 

التنمر موجود وسطنا كل يوم وكل ثانية.. فى التخن، الرُفع، اللون، الطول، القُصر، الشعر، اللدغة، وغيرهم.. فيه اللي بيستسلم له وحياته بتنتهي قبل ما تبدأ، وفيه اللي بياخد السخافة دي حافز عشان يثبت للكل إنه هنا، وموجود.. الشكل، المظهر، والمستوي الإجتماعي؛ حاجات نسبية، وماينفعش الناس تتقيم على أساسها.. دي حاجات لا تعيب لا أخلاق ولا قلب صاحبها، ولا بتحدد بكره بتاعه شكله إزاي، ولا علاقته بـ ربنا وكرمه ليه بعد كده هيبقي عامل إزاي.. محدش له عندك حاجة، واللى عايز يقيمك يقيمك بالحاجة اللى فى إيدك، وبس.. أخلاقك، شغلك، ومعاملتك معاه.. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ).

 

تابع مواقعنا