في المجلس سبع فوائد

تعلمنا من امهاتنا ان في السفر سبع فوائد، وكنت ابحث عن كلمات اصف بها مجلس الشيوخ فلم اجد اصدق من هذا المثل (في المجلس سبع فوائد)، فبجانب أنه يفتح المجال لخبرات جديدة لتدخل العمل العام، ويوسع دائرة المشاركة المجتمعية في الحياة السياسية، ويثبت للعالم أجمع حجم ما تتمتع به مصر من أمن وأمان حتى ان الناخبين المصريين يخرجون لاستحقاقهم الانتخابي في الوقت الذي تعج به باقي دول المنطقة بالحروب والأزمات فيعطي رسالة واضحة لدول العالم بما يعود بالنفع على جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، فإنه أيضًا يشكل رقابة ذاتية من السلطة التشريعية على نفسها، حيث انه يعد الغرفة الثانية والتي يمكنها الدستور من الحد من هيمنة واندفاع الغرفة الأولى (مجلس النواب) بقصد مراقبتها والتحكم في توجهاتها تطبيقًا لمبدأ الفصل بين السلطات الذي نادى به مونيسكيوا، كما يعتمدعلى الحد بين مجلس النواب والحكومة.

كما أن الدستور منح المجلس صلاحية اقتراح ما يراه كفيلًا بالحفاظ على مبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ودعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وقيم المجتمع العليا والحقوق والواجبات والحريات العامة وتعميق الديمقراطية وتوسيع مجالاتها كما نص الدستور على (يؤخذ رأي مجلس الشيوخ فيما يلى: الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، مشروعات القوانين المكملة للدستور، مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، مشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية، ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية) معنى ذلك أن المرشح في مجلس الشيوخ يجب أن يكون على درجة ثقافة عالية وتعليم جامعي وصاحب خبرة ولذلك اشترط ان لا يقل سن المترشح عن خمسة وثلاثين سنة، أي يجب أن يتوافر فيه العلم والخبرة معًا نظرًا لأهمية الدور الذي يجب عليه أداءه والسلطة التي سيمارسها ودوره الرقابي والتشريعي.

وكأن الدستور المصري يوجه رسالة لعموم المصريين بان يعتمد الاختيار على مدى ما حصله المترشح من علوم وثقافات ومقدار ما يتمتع به من خبرات، وحسنًا فعل واضع الدستور من اختيار اسم للمجلس أنه (مجلس شيوخ) إشارة لاجتماع العلم والخبرة معًايرى البعض أنه لا لزوم لوجود هذا المجلس مكتفيًا بمجلس النواب، والرد عليهم أن لهذا المجلس ذات الأهمية التي لمجلس النواب، وقد عانينا كثيرًا في أزمانٍ غابرة من سرعة إقرار العديد من القوانين قبل ان تأخذ حقها من الدراسة والتي يوفرها الدستور في مجلس الشيوخ الجديد، سيقول المعترضون وماذا افادنا مجلس الشورىفي هذا الوقت؟، والرد أن الدستور في هذه المرة قد حدد اختصاصات أكثر وضوحًا وتحديدا من التي كانت لمجلس الشورى القديم، كما أن القصور في الأداء عند الممارسة لا يبرر إلغاء الممارسة بالكلية ولكن يجب ان يكون دافع لاستمرار الممارسة حتى تختفي مواطن القصور ويبقى النفع المرجو من ذلك.

قد يظن البعض أن الأخطاء الإملائية التي وقع فيها بعض المرشحين كمن قال (سمرة) وهو يقصد (ثمرة) ومن كتب (أقوال لا أفعال) وهو قطعًا يقصد (أفعال لا أقوال) مخيبة للآمال، وكما يقال في الأمثال العامية (الجواب يتعرف من عنوانه)، أقول لهم لا فهؤلاء نتاج مرحلة جمود فكري وترهل إداري تخطيناها، وأنا شخصيًا متأكد انهم وغيرهم سيتعلمون من أخطائهم وسيتحسن الأداء رويدًا رويدا حتى نصل للصواب المنشود، وبضع سنين غير كافية لاصلاح هدم وجمود عشرات السنين، ثم أن الناخب المصري على درجة من الزكاء والحصافة عند التصويت للمفاضلة بين المرشحين واختيار أفضلهم، وهذه سنة الحياة، فالطفل لا يبدأ بالعدو ولكنه يبدأ بالزحف ثم الوقوف ثم المشي حتى يصل لمرحلة الجري والعدو، واذا خافت عليه امه من الزحف فان يتمكن من الجري يومًا، وقد بدأنا ومصر كلها في مرحلة بناء جديدة يجب ان يتكاتف الجميع حتى نصل الي اهدافنا واهداف ثوراتنا المجيدة، 25 يناير (عيش، حرية، عدالة اجتماعية)، 30 يونيو (لا يسلب ارادتنا احد او جماعة من اجل مصلحتها الضيقة، وعودة مصر لأهلها، والأمل في غد أفضل) الا ترون معي بعد كل هذا ، ان في المجلس سبع فوائد.