الخميس 28 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

إسلام كمال يكتب: وصية عالم مصري راصد لإسرائيل

القاهرة 24
سياسة
الإثنين 05/أكتوبر/2020 - 12:11 ص

مصر، حضارة قائمة على السلام، حتى عندما كانت تتوسع في حقب تاريخية ما، لم تكن تمس أهالي المناطق بشكل دموي، والتاريخ يسجل ذلك بكل الصور، وحتى ونحن نحرر أراضينا، لا نمثل بجثث أعدائنا المحتلين، فالجنود الإسرائيلييون كانوا يلعبون كرة القدم بجماجم شهدائنا، بعد هزيمة 67، باعترافات مؤرخيهم، ومنهم آفي شلايم، لكننا ونحن نحرر سيناء، كنا نحترم اتفاقية جنيف بخصوص الأسرى، باعترافهم أيضا!

أشدد على ذلك، تزامنًا مع موجة التطبيع غير الحدودي، التي تضرب المنطقة، ونحن داعمون لكل محاولات الاستقرار والسلام، لكن بدون التخلي عن الحقوق والثوابت، وشدد على ذلك الرئيس السيسي في عدة مناسبات محلية ودولية.

وعلَّمنا هذا آباؤنا وأساتذتنا من خبراء ملف الدراسات الإسرائيلية والصهيونية بكل أبعادها، والقائمة في هذا النطاق الحماسي الوطني تطول، أبرزهم الدكاترة أحمد عفيفي ورشاد الشامي ومحمد بحر وإبراهيم البحراوي رحمهم الله، ومنى ناظم وليلى عبد المجيد ومحمد الهراوي أدامهم الله علينا، وغيرهم الكثير، ونحن اليوم نحتفي بواحد من هذه القامات التى خسرناها منذ حوالي العام، لكنه باقٍ بيننا بعلمه، الدكتور إبراهيم البحراوي خبير الفكر الصهيوني الأكبر، حيث نشر له منذ أيام كتاب خطير بعنوان “حكاية مصري مع إسرائيل”!

وليسمح لي أستاذي، أن أتحفظ على عنوان الكتاب، فيما يتعلق بلفظة “مع”، وأنا لا أعتبره رحل إلا جسديًّا، ولذلك أناقشه فكريًّا، فهل كان الأجدى يا أستاذي أن يكون من وجهة نظري، “حكاية مصري راصد لإسرائيل”!، وبذلك لم نكتب مع أو ضد، وتخلصنا من هذا الإسقاط المقلق.

علَّمنا البحراوي أنه أهم من دراسة المنافسين، ولن نقول الأعداء، سياسيًّا وتاريخيًّا ودينيًّا، كالإسرائيليين، وقت الحرب، هو تتبُّعهم ورصدهم وقت المهادنة، وهم يفعلون هذا وأكثر معنا، ولذلك فهذه فرصة لنؤكد أننا نفعل ذلك في مركزنا الإن ڤي دي، المركز المصري للدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم الوطنية، الذي أسسه البحراوي بالتعاون مع أصدقائه المتخصصين في الملف الذي أرهقهم طيلة حياتهم، في مقدمتهم الوكيلان محمد عبد المقصود ونادر الأعسر والدكتور طارق فهمي، وتشرفت بأن أكون بين هذه القامات في جلسات التأسيس، ومنها ما كان في بيت أستاذي رحمه الله.

الهدف الأساسي للبحراوي وأصدقائه وتلاميذه من كل الأجيال، هو تفريخ جيل جديد من باحثي الإسرائيليات والصهيونيات، مع فراغ المشهد بشكل مقلق، وسط حرب معلوماتية وبحثية وتكنولوجية مسعورة من إسرائيل تجاه مصر والباقي من العرب، وينفذ رئيس المركز، الجنرال محمد عبد المقصود وتلاميذ البحراوي، هذه الوصية وأكثر، ليكونوا مكملين لطريق الأساتذة، في مجال الدراسات العبرية بمشتقاتها، خاصة أنها في حاجة ضرورية جدًّا لذلك، فالمناهج في أغلب الأقسام المتخصصة تصدر لنا باحثين في حاجة ملحة للدعم بكل أنواعه، العلمي والمعلوماتي والخلفياتي، في وقت تلتهب السوشيال ميديا بالصفحات الإسرائيلية باللغة العربية، المستهدفة للمصريين والباقي من العرب، وكان أثرها واضحًا في قبول موجة التطبيع الجارية، بشكل ما.

وبالتالي كان البحراوي كاشفًا لهذا الخطر بأبعاده المختلفة، فمن المؤسف أن تعلموا أن الباحث الإسرائيلي المتخصص في الشئون المصرية، مقدر بشكل كبير ماليًّا واجتماعيًّا وإعلاميًّا، وأن المراكز البحثية الإسرائيلية تصدر الكثير والكثير من الأوراق والتحليلات المتعلقة بكل الصغائر في مصر، والتي لا يتابعها بعض المصريين أنفسهم، فلديها دراسات في غاية التخصص في الإسلام بمذاهبه، وجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، والتغيرات التي طرأت على المصريين خلال العقد الأخير، والدور الإسرائيلي في أزمة السد الإثيوبي، والسياحة المصرية، ومواجهة مصر للكورونا، وغيرها من المواضيع التي لا يمكن أن يتصورها البعض.

كثيرة هي إبداعات المتخصصين على تنوعها فيما يسمى الصراع العربي الإسرائيلي. لكننا في حاجة لرؤى مغايرة أكثر عمقًا وتعقدًا وزخمًا، بالذات مع المستجدات التي لا تتوقف، وهذا يتطلب باحثين ماهرين متطورين، نمد بهم كل الجهات المختصة لتبصير صانع القرار، في وقت مصيري غاية في الصعوبة، على كل الأبعاد الاستراتيجية والمخابراتية والعسكرية والطبوغرافية والتاريخية والجغرافية.

ولن نجد أهم من ذكرى النصر الأكتوبري، لنؤكد فيها على هذه المعاني، التي احتوتها وصية البحراوي، والله المستعان.

تابع مواقعنا