الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

بين الخشت والطيب

القاهرة 24
الأحد 18/أكتوبر/2020 - 05:23 م

استمتعت بالحوار بين الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والذي أداره السفير عمرو موسى، قبل اجتياح وباء كورونا للعالم فأرجأ اهتمامنا به.

ويتلخص فكر الدكتور الخشت والذي ضمنه كتابه (نحو تأسيس عصر ديني جديد)، في تطوير الخطاب الديني والذي عرضه في محاضرته بالمؤتمر يمكن تلخيصه في النقاط التالية:-

1-كل أحاديث الآحاد ظنية الثبوت فلا يؤخذ منها عقيدة.

2- تجديد علم أصول الدين لتنحصر المصادر في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.

3- تعدد الصواب وهو السبب الرئيس أن القرآن به متشابه ومحكم، والمتشابه أكثر من المحكم، كما أن به قطعي الثبوت وظني الثبوت، والظني أكثر ليؤكد على صلاحية القرآن لكل زمان ومكان.

4- الوضع الحالي للعلوم الدينية بين الأمة (استاتيكي) يعتمد على النقل والاستنساخ بدون أي تحليل علمي وليس أكثر من استعادة للمعارك القديمة.

5- دعوته نحو تأسيس عصر ديني جديد هي دعوة للتطوير وليست للإحياء، لأن الإحياء معناه استحضار للتراث بكل ما فيه من رث وثمين حتى أنه أقسم بالله أن الشافعي لو عاد لكان له فقه جديد واستدل على آرائه المختلفة في المسألة الواحدة بين مكة والعراق ومصر، وكذلك أحمد بن حنبل الذي يكون له ثلاثة آراء في المسألة الواحدة  وطلب الرجوع لكتاب العمدة في الأحكام.

6- وطالب بأخذ منهج السلف وترك مذاهبهم، فهو يقبل المنهج ويرفض المذهب، كما طالب بالاحتكاك بدوائر معرفية أخرى وقال بالنص (حجر واحد لا يصنع شرار)، وكذا قال بضرورة الدراسات البينية فعلوم الدين ليست جزر منعزلة فلا يفهم علم الحديث بدون  علم أصول الفقه ولا يفهما الاثنين بدون علوم القرآن وهكذا.

7- قال بضرورة وجود دراسات جديدة تتخلص من سيادة العقائد والدراسات الأشعرية، كما أنه يجب التمييز بين الأحاديث المتواترة وأحاديث الآحاد.

8- وأخيرًا قال أنه لا بد من أن نفتح المجال للعلوم الحديثة والاستفادة منها في العلوم الدينية، وضرب مثالًا بالدراسات القانونية (نظرية الأشكال القانونية المتوازية) ووجوب تطبيق هذه القاعدة على وجوب الكتابة والتوثيق في الطلاق كما هو حادث في الزواج وليس كشرط إثبات ولكن كشرط صحة لا يقع الطلاق بدونه.

أما الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر فقد بدأ حديثه مؤكدًا على أنه كان يتمنى أن تكون مداخلته معدة مسبقًا، ولكنه يرد بناءً على دعوة الدكتور محمد عثمان الخشت للرد والتصحيح، وكان أسلوبه هجوميًا من اللحظة الأولى بما يلهب مشاعر العوام ويضمهم في صفه وانحصر رده في الآتي:-

1- الرد على مثال الدكتور الخشت أنه يحب بيت أبيه ولكن لا يسكن فيه، أنه مثل التجديد الذي يطالب به، وهو تشبيه التراث ببيت الأب، فقال فضيلته وهو مُحِق أن هذا ليس تجديدًا ولكنه ترك وإهمال.

وقال إن الاشاعرة لا يقيمون عقيدتهم على حديث الآحاد ولا الماتريدية ولا حتى المعتزلة ولكنهم يقيمونها على القرآن الكريم والحديث المتواتر.

2- الكلام عن التراث عجيب فنحن نُهَوّنُ منه بل (نهول في التهوين من التراث) والتراث لم يقل خذوا كل شيء مني بل إن كل الفقهاء والسلف يقولون لا تأخذوا كلامي ولكن خذوا من المصدر الذي أخذنا منه، وقال إن العرب علموا التراث ومواطن قوة الأمة في التراث فقد وضعوا قدمًا بالأندلس وأخرى بالصين عندما كانوا يتبعون التراث، كما أكد على أن تصوير التراث أنه يولد الضعف فيه مزايدة على التراث، حتى إن مقولة التجديد مقولة تراثية وليست حداثية وأن الحداثيين يزايدون على التراث.

3- وقال إن الأزهر يدرس العلوم الأخرى، وهو شخصيًّا درس الفلسفة وعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم (يقصد بذلك أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان).

4- وقال وبحق أن الفتنة ليست تراثية ولكنها سياسية، والسياسة تختطف الدين إختطافاً عندما يريد الساسة شيئً لا يقره الدين لتحقيق مصالح شخصية ينهى عنها الدين.

5- وفي رده على أنه لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة، قال له لقد أهدتني كتابك (نحو تأسيس عصر ديني جديد) فهل تؤمن بأنه الحقيقة المطلقة؟ أم انه نسبي مشكوك فيه؟، وقال دعني أجيب، لو قلت ان به الحقيقة المطلقة لهدمت نظريتك وسقط مذهبك ، ولو قلت نسبي مشكوك فيه فخذه راجعه قبل ان تهديني إياه.

6- أنكر الشيخ تطبيق التراث في حياتنا واستشهد بالمأكل والمشرب والسيارة ومجموع عاداتنا وطريقة حياتنا والتي تختلف عما كان عليه السلف ، وأكد انه غير مطبق الا في مسائل الزواج والطلاق والميراث.

7- وحذر من ماكينة ملعونة تدير نمط تفكيرنا ، ثم تكلم عن الجامعات ومراكز البحث العلمي ورغم ذلك لا نستطيع حتى انتاج إطار السيارة وهو محق ، فضلا عن الأسلحة التي نشتريها من الخارج حتى اصبح اصحاب العقائد والديانات الأخرى هم من يفكرون لنا.

وأخيرا قال هذا ما يمليه علي ضميري وابحثوا عن مشكلة غير التراث.

وجاء رد الدكتور الخشت لا يحمل جديد اللهم إلا تأكيده أن المطلق عكس النسبي وليس عكس الشكي.

وهنا يثار سؤال: أي تراث ينتقده وينقضه الدكتور الخشت؟ وأي تراث يدافع عنه الدكتور الطيب؟

الدكتور الخشت ككثير من علماء ومفكري الأمة هالهم مستوى التردي الذي وصلت له الأمتين العربية والإسلامية فأصبحت الأمة مستهلكة غير منتجة وضعيفة غير قوية تعتمد على غيرها من الأمم حتى أصبحت وبحق أمة متسلقة وكما قال الدكتور الطيب حتى أن غيرنا من الأمم هم من يفكرون لنا ويخططون ويقررون لنا حاضرنا ومستقبلنا ، ووصل مستوى التردي والخبل لظهور جماعات مثل القاعدة وداعش وغيرها تستخدم قتل الأبرياء سبيلًا وترويع الأمنيين منهجًا ، حتى وصل بنا الحال ونحن نتابع جز الرؤوس وحرق الأحياء على شاشات التلفاز ، ومن يقوم بهذا الفعل الشنيع يدعي أنه يقتضي بفعل النبي والصحابة المقربين وهم من ذلك بُرآء ولكن فهمه المعوج لنصوص تراثية ما أنزل الله بها من سلطان ألبسوها ثوب القداسة ووضعوها في صياصٍ عالية بأسوار قاصية لا يدنوا من قداستها أحد ومن يحاول مجرد المحاولة مناقشتها وإعادة تقديرها يواجه بحرابٍ مصوبة وسهامٍ مسومة  وسيوفٍ مشرعة ، مكتوب عليها أصح كتاب بعد كتاب الله والأول لم يجعل للآخر مقالا وغيرها من كلمات القداسة المزيفة والتي تلعب بعقول العوام وتحرك أركان الدهماء والغوغاء ، ويكون نصيب المحاول القتل جزاً أو الحرق حيًّا.

أما الدكتور الطيب وهو على رأس الأزهر الشريف والذي ظل ألف سنة أو يزيد صرحًا إسلاميًّا عتيدًا يلوذ به أهل الحضر والريف والصعيد ليتعلموا قواعد الدين حاميًا لهم من التهويل والتهوين، قد هاله ظهور بعض الكتاب والمفكرين استغلوا أفعال القتلة والمجرمين من أعضاء القاعدة والداعشيين، لينقضوا على العروبة والدين، منكرين سنة إمام المرسلين، ولم يسلم من غاراتهم آيات القرآن المبين، فكان من واجبه الدفاع عن التراث دفاعه عن أصول الدين وهوية الأمتين العربية والإسلامية من غارات الحاقدين وافتئات المُفتئتين وهدم المخربين ، فوقف مدافعًا عن التراث بما فيه من رث وثمين.

تابع مواقعنا