الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

“مش عاوزه يحس إنه لوحده”.. قصة الزائر الوحيد لقبر هيثم أحمد زكي في ذكرى رحيله الأولى

القاهرة 24
أخبار
السبت 07/نوفمبر/2020 - 04:32 م

“عاش حياته حاسس بالوحدة.. فمش حابب في موته يفضل حاسس إنه وحيد”.. بتلك الكلمات اختتم “أيمن أحمد”، الصديق المُقرب ومُساعد الفنان الراحل “هيثم أحمد زكي” لمدة زادت عن 8 سنوات، رثاءه لصديقه الذي أتم اليوم عاما كاملا تحت التراب.

صديق الفنان الراحل، تحدث لـ”القاهرة 24″، حيث قررنا أن نشد الرحال اليوم إلى مقابر طريق الفيوم، حيث يرقد هناك ابن الإمبراطور بجوار والده.

مدفن أحمد زكي
مدفن أحمد زكي

يسود الهدوء المكان، قبل أذان الظهر بوقت قليل، رحل “هيثم” في أجواء غير مستقرة، تغيب الشمس أحيانًا، وتُظل وفي أحيان أخرى تُصبح مُلتهبة، هُناك في هذا المكان، المثوى الأخير ودار الحق، وجدنا “عم حسين”، ذلك الرجل الذي ورث العمل في المقابر عن والده، المسئول عن هذا المُربع، كما يُطلق عليه “مُربع الفنانين”، فبجوار مدافن أحمد زكي، ترقد الفنانة الكبيرة مديحة يسري، وعلى بعد خطوات قليلة، هناك محمود ياسين الزائر الجديد، وحسن حسني وسناء شافع وعدد كبير من النجوم الراحلين.

سيد حسن المسؤول عن مدفن هيثم زكي
سيد حسن المسؤول عن مدفن هيثم زكي

تحدث “عم حسين” كثيرًا عن “هيثم”، حيث قال إنه لم يكن يعرفه بشكل كبير، فقد كان الراحل قليلًا ما يتردد على المدفن، لكنه فوجئ يوم الوفاة بالحشود التي جاءت، والضجة الإعلامية التي حدثت، وأضاف: “من كلام الناس عنه؛ حبيته أوي”.

عام كامل مرَّ على فراق “هيثم”، تردد على زيارته كثيرون، لم يذكر “عم حسين” أن أصدقاءه من المشاهير قد زاروه، لكن مجهولون كُثر يمرون باستمرار على هذا المدفن؛ لقراءة الفاتحة، مُجرد مُحبين لـ”هيثم ولوالده”.

“عم حسين” فوجئ في أوقات كثيرة بأشخاص من جنسيات غير المصرية، يأتون هُنا: “من المغرب والجزائر، الجزائر بييجي منها ناس كتير، تسأل فين مدافن أحمد زكي، وتقرأ له الفاتحة وتمشي، لا عمرهم شافوه ولا قابلوه، بييجوا حبًا فيه”.

لكن يظل “أيمن” هو الاسم الذي ظل يكرره “عم حسين” كثيرًا، ويقول إنه الشخص الوحيد الذي يأتي إلى هذا المدفن بشكل أسبوعي، إن لم يكن في بعض الأحيان “مرتين وتلاتة في الأسبوع، بيجي من صباحية ربنا، يفضل قاعد جوا، يقرأ قرآن، أو ينام ويمشي معانا لما الدنيا تضلم على الساعة 6″، فمن هو أيمن؟.

أخبرنا “عم حسين” أنه من المؤكد “سيأتي اليوم” رغم أنه جاء أمس، لكنه لن يترك “هيثم” في هذا اليوم أيضًا، وبالفعل حضر.

“أيمن” شاب صغير في السن، جاء من مدينة المنصورة للعمل في القاهرة، أوقعه الحظ في طريق هيثم أحمد زكي، الذي أعجب به، وأصبح مع الأيام، أقرب شخص له في الحياة، لا يتحرك بدونه، ليس فقط المُساعد الشخصي له، ففي جعبة أيمن “حكاوي” كثيرة عن “هيثم” لا حصر لها، لكن أشدها ألمًا؛ هو المشهد الأخير، حيث كان يرتب “هيثم” للسفر إلى مدينة الجونة بالغردقة، ليلقي نظرة على منزله الجديد هُناك، لكن للمرة الأولى وعلى غير العادة، يطلب هيثم من أيمن، أن يكون السفر بالطيران وليس بالسيارة: “هيثم كان بيحب السواقة أوي.. وبيطير على الطريق”.

أيمن أحمد مساعد هيثم أحمد زكي
أيمن أحمد مساعد هيثم أحمد زكي

بالفعل، أجرى “أيمن” حجز الطيران للغردقة، لكنه فوجئ قبل السفر بيوم، أن هيثم قرر إلغاء الرحلة: “تعبان شوية يا أيمن، نبقى نسافر الأسبوع الجاي”، لكن الأغرب، هو أن “هيثم” أخبره: “موحشتكش أمك تروح تشوفها؟”.

لم يعتد “هيثم” على سفر “أيمن”، بل في أحيان كثيرة، كان يُريد أيمن السفر لوالدته، فيطلب منه هيثم المكوث معه، قائلًا: “بقى كده؟.. هتسيبني لوحدي؟”، لكن هذه المرة مُختلفة، وبالفعل سافر أيمن وفوجئ هناك بوفاة أحد أقاربه، فكان اليوم مُهلكًا، فذهب في النوم، رنة هيثم الأخيرة لم توقظه، ولا الـ4 مكالمات من خطيبة الفنان الراحل، وحين استيقظ في الصباح، علم أن “هيثم” كان يستنجد به”.

لم يستطع أيمن استكمال الحديث، ويقول: “هيثم كان دايمًا حاسس إنه وحيد، لما كان يصحي في يوم يلاقيني محضر فطار حلو؛ يفرح أوي، ويقولي: نفسي يبقى عندي عيلة”، وكان يحاول، قبل رحيله، أن يتواصل مع أسرة والده في الشرقية، فكان يقول لصديقه: “نفسي يا أيمن في عيال يدوشوني، عيل يدلق لي كباية الشاي، أمسكه وأعمل نفسي هضربه، وحشني الأكل البيتي، وزهقت من الدليفري”.

أيمن مساعد هيثم أحمد زكي1
أيمن وهيثم أحمد زكي

حين عرض عليه المُخرج بيتر ميمي المشاركة في الجزء الثاني من مسلسل “كلبش”؛ رفض الدور، خوفًا من أن يكرهه الناس، وكان يحاول كثيرًا أن يُري الناس ما بداخله، وألا يرتبط اسمه باسم والده، كما كان يفعل البعض: “نفسي الناس تشوفني من جوه، تشوفني أنا”.

لكن بعد محاولات من المقربين؛ أقنعوه أن شخصية “عاكف الجبلاوي”، سيحدث لها تحول، وسيتعاطف معها الجمهور بعد وفاة والده، ويقول أيمن:”بُكاء هيثم في مشهد وفاة عبد الرحمن أبو زهرة، كان مؤثرا؛ لأن هيثم وقتها، تخيل أنه أمام أحمد زكي”.

ويقول أيمن، في إحدى المرات، “هيثم كان بيجري بسيارته على محور 26 يوليو، واصطدمت بزجاج السيارة، عصفورة؛ فماتت، فظل يومًا كاملا يُعاتب نفسه؛ لأنه قتل روحًا، ويقول: لو كنت ماشي بسرعة أهدى مكانتش ماتت”.

أسباب ومواقف كثيرة تجمع أيمن بـ”هيثم”، روى لنا جزءًا بسيطًا منها، تجعله هو الشخص الوحيد المداوم على الزيارة، ومر وقت كبير بعد حديثنا معه، وظل هو الوحيد الجالس أمام قبر هيثم، وبيده المُصحف، ولم يأتِ أحد غيره، حتى حضر رامي بركات، الأخ غير الشقيق لهيثم.

تابع مواقعنا