الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

محمد الدريني يكتب: تحديات الأمن القومي المصري والعربي.. البحر الأحمر وضياع المكتسبات العربية التي حققها الجيش في 73

القاهرة 24
سياسة
الجمعة 27/نوفمبر/2020 - 07:48 م

عندما قامت البوارج البريطانية بضرب السويس أثناء العدوان الثلاثي على مصر في 56، منطلقة من عدن التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال البريطاني– حينذاك- أدرك المصريون أن الأمن القومي لمصر لا يتحقق إلا من خلف الحدود، ولذا كان التخطيط والتحرك في اتجاه الوجود المصري المخابراتي والعسكري في اليمن شماله وجنوبه -حينذاك- للخلاص من الاستعمار البريطاني في الجنوب وتغيير النظام الملكي في الشمال، وليست صدفة أن يثور أبناء المناطق اليمنية الجنوبية يوم 24 سبتمبر 1962 في الجنوب، فيما عرف بالزحف المقدس لإسقاط المجلس التشريعي البريطاني، أي قبل ثورة الشمال بيومين. وفي أكتوبر 73 أعلنت البحرية المصرية أن البحر الأحمر من باب المندب حتى قناة السويس منطقة عسكرية وحذرت السفن من الإبحار تجنبًا لتعرضها للاستهداف، وكان ذلك بمساعدة القوات اليمنية الجمهورية التي تولت باب المندب، وحينها قفزت أسعار البترول، وبما أحدث طفرة عظمى لأشقائنا في الخليج.

عقب كامب ديفيد سعت إسرائيل وبقوة للوجود في البحر الأحمر والقرن الإفريقي مستغلة الانكفاء المصري ودعوات (نقفل علينا بيتنا!!)، ومضت لتثبيت وجودها واستقطابها لأنظمة إفريقية ووجود عسكري بحري في البحر الاحمر منطلقة من إيلات “وهى ضمن القضايا المعلقة بين مصر وإسرائيل، حسبما صرح أسامة الباز مستشار الرئيس الأسبق حسنى مبارك”، وبعد نيل إرتريا استقلالها من إثيوبيا بالمال العربي والمواقف العربية في المحافل الدولية، كانت أول زيارة لزعيمها “أفورقي” زيارة إسرائيل (!!) ثم ما لبثت إرتريا، واحتلت جزر حنيش اليمنية بمساعدة لنشات عسكرية إسرائيلية، بل قامت باختطاف سفن الصيد المصرية من المياه الإقليمية المصرية واستخدموها في نقل أسلحة من إيلات حى إرتريا!! علمًا بأن علاقة “أفورقي” حينها بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح وصلت إلى حد إهداء سيارة رئاسية لافورقي مع عدة اتفاقات منها اتفاقية صيد وهي من أغرب الاتفاقات بالنظر إلى طول الشواطئ اليمنية !! لم تكن علاقة “أفورقي” الذي أمضى فترة طويلة من عمره في اليمن بمعزل عن اللقاءات الإسرائيلية اليمنية السرية في التسعينيات، حيث كان يجري الترتيب لمنح اليمن نحو خمسين ألف جواز سفر ليهود من أصل يمني، وشهدت صنعاء لقاءات مع إسرائليين رفيعي المستوى زاروا صنعاء وتفاوضوا مع الرئيس اليمنى مرارًا، وشكلوا له سندًا قويًا في الإدارة الأمريكية جسد بعض منها حفاوة اليهود في أمريكا أثناء استقبالهم للرئيس اليمني خلال زيارته لأمريكا، وفيما بعد تولى السفير الأمريكي في صنعاء (أرثر هيوز) الذي كان سفيرًا لأمريكا في تل أبيب، إدارة العلاقات الخاصة بين صالح وإسرائيل بعدما تخلص صالح من شركائه في الوحدة، وباتت قيادات الحزب الاشتراكي في عدة عواصم عربية أغلبهم في الإمارات العربية، في عملية تسريح لكافة كوادر الدولة التي كانت تبسط يدها على ما كان يعرف باليمن الجنوبي. أثناء ذلك كانت المملكة العربية السعودية تسعى وبكل ما تملك لمد أنابيب النفط إلى البحر العربي عبر اليمن تجنبا لإغلاق البحر الأحمر كما حدث في 73.

عقب التطورات على الساحة اليمنية ودخول قوات الحوثي صنعاء، ثم إعلان الحرب على اليمن استنادًا إلى تقارير تفيد مخططات إيرانية تستهدف السعودية.. شهدت جزر البحر الأحمر اليمنية وجودًا عسكريًا غير يمني، وقامت إرتريا بتأجير قواعد عسكرية مطلة على البحر الأحمر، بينما تواجدت الإمارات في “ميون” ولاحقًا أحكمت سيطرتها على “سقطرى” إلى جانب أنشطة أخرى لا علاقة لها بمواجهة الخطر الإيراني بل إن إيران نفسها استأجرت قاعدة مطلة على البحر الأحمر وتعاظم الخوف من تحول البحر الأحمر إلى مرتعًا لقوات أجنبية إقليمية وعالمية في ظل وجود عشرات القطع الحربية البحرية في باب المندب.

وتجدر الإشارة إلى أن مصر فقدت بإعلان الحرب على اليمن نحو مليون زائر سنويًّا وربع مليون مريض تقريبًا يعالجون فيها، فضلًا عن حرمان عشرات مراكب الصيد من الاصطياد وجميعها وإن كان المستفيد قطاعًا خاصًّا فإنه أثر بلا أدنى شك فضلا عن حرمات عشرات الألوف من الأمهات المصريات وأبنائهن من زيارة مصر نظرًا لحصار مطار صنعاء، وهو المطار الذي يخدم الكثافة السكانية الكبيرة التي تقع تحت حكم الحوثيين عقب التنسيق الإسرائيلي الإماراتي وإعلان الإمارات عن مشروعات لها في إيلات والقادم بشأن العلاقات الإسرائيلية السودانية فإن البحر الأحمر بات في خطر، وأن المكتسبات المصرية العربية التي تحققت بفلذات أكباد المصريين ذهبت أدراج الرياح ولم تعد غواصات “دولفين” الإسرائلية التي تحمل رؤوسًا نووية وحدها التي ترتع في البحر الأحمر، وبات من الطبيعي أن يعقب هذه المقدمات أنشطة عسكرية كبيرة مرتبط اندلاعها بالخطوة القادمة لإسرائيل على صعيد مخطط “من الفرات إلى النيل أراض بإسرائيل” والتي تقتصر على معارك ضارية في البحر الأحمر فقط بل ستمتد إلى القرن الإفريقي، وسوف يظل الدور الإثيوبي الإرترى لاستهداف مصر قائمًا، ولا يمكن قراءته خارج سياق مشروع تقسيم مصر!!.

تابع مواقعنا