دعاء سيدنا سليمان.. صيغة مستحبة وأخرى يختلف حولها العلماء ما هي؟
يعد دعاء سيدنا سليمان من الأدعية الخاصة التي تحمل ظروفًا خاصة أحيانًا، إذ وردت العديد من الأدعية على لسان سيدنا سليمان عليه السلام في القرآن الكريم، وتحمل كل منها مناسبات مختلفة، ويقدم القاهرة 24 معلومات عن دعاء سيدنا سليمان وكيف يمكن الدعاء به في ظروف مختلفة وما الأدعية التي قد يكون الدعاء بها ممكنًا رغم ظروفها الخاصة.
دعاء سيدنا سليمان
وردت صيغتان من دعاء سيدنا سليمان في موضعين مختلفين في القرآن الكريم، منها ما هو عام يمكن الدعاء به في كل وقت، ومنها دعاء خاص لم يدع به نبي ولا بشر قبل سيدنا سليمان ويختلف العلماء حول جواز ترديده من بعده.
في سورة النمل الآية 19، ورد دعاء عام يستحب أن يكثر منه أي مسلم وهو قوله تعالى حكاية عن نبيه سليمان عليه السلام "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ".
جاء هذا الدعاء بعد أن حقق الله تعالى لسيدنا سليمان أمنيته التي تمناها له بعد فتنة وقع فيها، فقد رزقه الله من فضله مزية لم يرزق بها غيره وهي فهم لغة جميع المخلوقات ومنها النمل، فلم سمع تحذير النملة للآخرين من دهسهم دون شعور، فشكر الله على هذه النعمة الفريدة.
ويشمل هذا الدعاء المبارك شكر للنعمة الخاصة بالنفس، كذلك النعم التي أنعم بها على الوالدين، طالبًا من الله أن يكون ممن يعملون الخيرات والأعمال التي ترضيه تعالى، وفي نهاية الحياة أن يرزقه الله برحمته الجنة.
فإن كان هذا الدعاء مستحبًا ومطلوبًا، فما قصة دعاء سيدنا سليمان الخاص به وحده ولماذا قال بعض العلماء أنه خاص بسيدنا سليمان فيما أجاز آخرون الدعاء به؟.

دعاء سيدنا سليمان ربي هب لي مُلْكًا
يحمل دعاء سيدنا سليمان ربي هب لي مُلْكًا، خصوصية وظروف لم تتكرر منذ ترديده، فقد تعرض سيدنا سليمان لفتنة عظيمة بسبب عدم تقديم المشيئة رغم حسن نيته، فقد رغب نبي الله سليمان في أن يُنجب من نسائه جيشًا يقاتل في سبيل الله.
قال تعالى في سورة ص "وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ"، فقد نسي سيدنا سليمان قول إن شاء الله، فطاف على نسائه ولم تلد منهن إلا واحدة، لكنها أنجبت طفلا مشوهًا قيل أنه "نصف إنسان".
دليل ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله، فقيل له: قل إن شاء الله، فلم يقل فطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته.
وبعد أن أدرك فتنته استغفر وتاب إلى الله، ولكنه عاد ليطلب من الله ما لم يرزقه أحد من البشر قبله ولا بعده، وهذا مما يدل على علو منزلة سيدنا سليمان عند الله وصدق نيته ورغبته في الحصول على الدعم الكامل من أجل الدفاع عن دين الله.
وهنا يأتي ذكر دعاء سيدنا سليمان عليه السلام الخاص، إذ قال لربه داعيًا "قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي إنك أنت الوهاب"، فكانت استجابة الله تعالى السريعة لدعائه "فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ، وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ، وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ".
وقد ورد في السنة النبوية ما يثبت أن دعاء سيدنا سليمان ربي هب لي ملكًا، خاصًا به وحده ولا ينافسه عليه أي مسلم كان، حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال ابن عطية: "أراد أن يفرده بين البشر لتكون خاصة له وكرامة، وهذا هو الظاهر من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في خبر العفريت الذي عرض له في صلاته، فأخذه وأراد أن يوثقه بسرية من سواري المسجد، قال: "ثم ذكرت قول أخي سليمان: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فأرسلته".
وقد اختلف أهل العلم حول استخدام دعاء سيدنا سليمان، فقد رأى فريق من العلماء، عدم جواز الدعاء به، ومنهم الدكتور محمد وهدان الداعية الإسلامي أن "هذا الدعاء لا يمكن لنا الدعاء به فقد خص الله تعالى به نبيه سليمان عليه السلام فلا تكون لأحد من بعده"، فماذا قال الفريق الآخر؟.

دعاء سيدنا سليمان للرزق
لمن يتساءل عن إمكانية استخدام دعاء سيدنا سليمان للرزق الوفير، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن جواز استخدام دعاء سيدنا سليمان رغم خصوصيته، لأنه يعتمد في ترديده على نية الداعي ويمكن الدعاء به للرزق أو الزواج أو الفرج عمومًا.
قال بذلك بعض العلماء، منهم الشيخ أشرف الفيل، الداعية الإسلامي، إذ يرى أن المسلم يمكنه أن يسأل الله بأي شيء، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم "سلوا ربكم حتى في شراك نعلكم"، أي حتى إن انقطع حذاؤك فاطلب من الله شراء جديد بدلا عنه.
لذلك، يرى الداعية الإسلامي، مشروعية الدعاء بقول "رب هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي" لأن المقصد منه ليس بتسخير الجن ولكن زيادة الرزق.


