الأربعاء 24 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

العلاج المر

الأحد 16/فبراير/2025 - 10:17 ص

مصر بلد كبير بتاريخه وحضارته، ترك أجدادنا إرثًا تاريخيًا عظيمًا نفتخر به أمام العالم، وتميزت مصر بموقعها الفريد، وخيراتها الطبيعية وثروتها البشرية، لذلك كانت مطمعًا للغزاة، وحائط صد للدفاع عن محيطها من الدخلاء.

فمصر الأزهر والكنيسة، مصر النيل والأهرامات، مصر نجيب محفوظ وفؤاد المهندس وأم كلثوم، مصر المتفردة بأبنائها في كل المجالات. فقوتنا الناعمة هي امتداد لعظمة تاريخنا الكبير.

 

 

ولكن كما يقول ابن خلدون: الدول كالإنسان لها أدوار نمو وشباب وتطور وشيخوخة وهرم وموت. قد نكون في مرحلة شيخوخة لكننا لا نموت.

ما نحتاجه هو أن نثق في قدرتنا على النهوض والتطور، وأن يكون لدينا مشروع نهضة حقيقي لنؤمن به وننجزه. نحتاج رؤية حقيقية لنحقق لمصر شبابها وقوتها، وقيادة عادلة تسوي بين الناس بالحق والعدل. دولة يتقدم فيها العدل، ويتراجع فيها الظلم. دولة تقدم أبنائها المفكرين والعلماء والمبتكرين والأكفاء، ويتراجع عنها السفهاء والانتهازيين وأصحاب المصالح ومحبو السلطة. أولويتنا أن نصلح ما أفسدناه بتدخلاتنا وفرض الوساطة بلا خجل.

نحتاج أن ننفض غبار اليأس والعجز والكسل عن كاهل شبابنا، ونرفع شعار "اليأس خيانة" و"الاستسلام مذلة".

لا نريد الاستغراق في الماضي، والبكاء على الأطلال. نريد أن نتطلع إلى المستقبل بكل إنجازاته وتطوره وسرعته.

فنحن أبناء اليوم، والعالم لا يحترم الضعيف مهما كان تاريخه ومهما تعالت أمجاده. وأزمة غزة كاشفة عن ضعف دولنا العربية وتفككهم.

نحتاج أن نزرع القدوة والأمل في قلوب أبنائنا، ونؤسس لنظام تعليمي يدفعنا للتقدم، فالعلم أساس تقدم الأمم، ولا نهضة بدون تعليم.

فكل المسائل المعقدة قابلة للحل، فالإنسان هو صانع التطور والتغيير، والتاريخ مزدحم بالكثير من القصص الملهمة، والشخصيات التي استطاعت أن تغيّر وجه بلدانها نحو النمو والازدهار.

لكننا لابد أن نكون جراحين بارعين، ولدينا القدرة على تشريح واقعنا المرير، وصُرحاء في كتابة المرض، ولدينا الرغبة في الشفاء وتناول العلاج.

ومع أننا نعرف طريق التغيير، فقد وضعنا الرؤية للمستقبل ودونّا التوصيات بعد اجتماعات مطولة، وأكثرنا من الروشتات العلاجية، حتى تكدست في الصناديق السوداء محكمة الإغلاق، تنتظر أن تخرج إلى النور.

وللأسف، يدفعنا الأقوياء على سلب إرادتنا ويقفون ضد رغبتنا في تناول العلاج. وهنا أتذكر قول نعوم تشومسكي: "تدهور بلدان العالم الثالث في القيود الصارمة التي يفرضها عليهم صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية"، فتلك القروض هي أكبر أخطائنا في مصر وما نعانيه الآن جراء الديون الثقيلة وعواقبها الوخيمة للأسف الشديد.

كانت ثورتنا في يناير تنادي: "عيش حرية كرامة إنسانية"، حلمنا معها بالتغيير والنهضة، كتبنا الأشعار ورسمنا الأحلام، ولكننا اصطدمنا بصخرة الواقع المرير، ممن يحملون شعار "الإسلام هو الحل" كانوا العقبة التي وئدت يناير وطمست أحلامها.

انتفضنا في 30 يونيو لنصحح مسار طريقنا، وسرنا خطوات على الطريق الصحيح حتى غابت الأولويات، ووقعنا في فخ القروض.

وحتى نخرج من عباءتهم، علينا أن نعود إلى مجد أجدادنا، نصطف لنزرع طعامنا وننتج دواءنا ونصنع ما نحتاجه ونعتمد على أنفسنا، وأن نتناول العلاج بكل مرارته ونسعى للشفاء من كل أمراضنا في التعليم والصحة والسياحة والصناعة والزراعة والاستثمار وحقوق الإنسان والسياسة، وكل الأعراض التي نعاني منها علينا علاجها.

الشفاء يحتاج دواء، والدواء يحتاج قوة وصلابة على تحمل مرارته، ونصف العلاج رغبة في الشفاء، ونحن مستعدون لفتح كل الصناديق المغلقة، وتحمل تبعات كل الأضرار الجانبية والضغوطات، لأننا على قناعة أننا في النهاية سيكتب لنا الشفاء، وهذا هو الأهم أن نعود دولة فتية شابة قوية.

تابع مواقعنا