الدرس الأخير من زكي فطين عبد الوهاب.. كيف يكون الفنان قدوة في الحياة والموت؟
في مثل هذا اليوم، وُلد الفنان زكي فطين عبد الوهاب، ذلك الاسم الذي يحمل في طياته مزيجًا فريدًا من العبقرية والإرادة، لم يكن مجرد ابن لعائلة فنية عريقة، بل كان فنانًا حقيقيًا اختار طريقه الخاص، بعيدًا عن المقارنات والتوقعات المسبقة.
النشأة بين الموهبة والإرث الفني
وُلد زكي في بيت يجمع بين عمالقة الفن، فهو ابن المخرج الكبير فطين عبد الوهاب والفنانة الكبيرة ليلى مراد، ومنذ طفولته كان محاطًا بالسينما، ليس فقط من خلال والديه، بل أيضًا من خلال الأجواء التي عاش فيها، حيث التقى بنجوم ومخرجين كبار، شكلوا وعيه الفني منذ الصغر.
التمرد على التوقعات واختيار الإخراج
ورغم أن كثيرين توقعوا له مسيرة فنية تقليدية، إلا أن زكي اختار دراسة الإخراج في المعهد العالي للسينما، حيث درس على يد مخرجين كبار، وعمل مساعد مخرج مع يوسف شاهين، وكانت تلك أول تجربة سينمائية له، وأثرت في رؤيته الفنية. لكنه لم يتوقف عند الكاميرا، بل وجد نفسه أمامها أيضًا، فأصبح ممثلًا ماهرًا بعيدًا عن وساطة الاسم أو التأثير.
الأدوار المركبة: بصمته الخاصة في التمثيل
رغم أنه بدأ التمثيل متأخرًا نسبيًا إلا أن زكي فطين عبد الوهاب استطاع أن يترك بصمة قوية في كل دور لعبه، فهو لم يكن يبحث عن دور البطولة المطلقة بل عن أدوار تحمل تحديًا نفسيًا وإنسانيًا، وبرع في تجسيد الشخصيات المعقدة التي تتطلب حساسية فنية خاصة، ونجح في أن يصبح ممثلًا يحظى باحترام النقاد والجمهور.

مرض زكي فطين
بعيدًا عن الكاميرا خاض زكي فطين عبد الوهاب واحدة من أصعب المعارك التي قد يواجهها الإنسان، حيث أصيب بالسرطان أكثر من مرة، ولم يتعامل مع المرض بالاستسلام، بل واجهه بروح الفنان القوي، حتى في أصعب لحظاته لم يفقد ابتسامته ولا حبه للحياة، وظل على تواصل مع جمهوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحدث بصراحة عن تجربته، فأصبح مصدر إلهام للكثيرين.
تحدث زكريا فطين عبد الوهاب عن مرضه في أكثر من مناسبة بصراحة وشجاعة، دون أن يخفي معاناته أو يخشى الحديث عن التفاصيل، فعندما تم تشخيص إصابته بسرطان الرئة في عام 2019، أعلن عن مرضه عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وطلب من جمهوره الدعاء له، مؤكدًا أنه بدأ رحلة العلاج الكيميائي، ورغم ذلك لم يشعر باليأس، بل تعامل مع الأمر بروح قوية، مشيرًا إلى أنه يتقبل المرض كجزء من حياته.

وفي إحدى مقابلاته قال: أنا مؤمن بالقضاء والقدر، وأؤمن بأن الحياة مليئة بالاختبارات، والمرض أحد هذه الاختبارات، ولكنني لا أخاف منه، وبعد فترة من العلاج أعلن تعافيه، ولكن بعد ذلك تم تشخيص إصابته بسرطان آخر في المخ، وعلق على ذلك بقوله: أنا في مرحلة متقدمة من المرض، ولكنني لا أخاف من الموت، فهو الحقيقة الوحيدة في الحياة.
ورغم معاناته الصحية، إلا أنه لم يفقد روح الفكاهة والإيجابية، حيث كتب مرة على فيسبوك: كنت أظن أنني سأعود للحياة الطبيعية، لكن اتضح أن المرض مش بيزهق مني!، في إشارة إلى عودته للمرض بعد التعافي الأول.
برحيله، فقد الوسط الفني فنانًا مختلفًا، لم يسعَ إلى الأضواء بقدر ما كان يبحث عن الفن الحقيقي، سيظل زكي فطين عبد الوهاب نموذجًا للفنان الذي حمل الإرث الفني في جيناته، لكنه صنع اسمه بموهبته وإرادته.


