من الانقطاع للتصدير| كيف تحولت مصر إلى جسر للطاقة بين إفريقيا وأوروبا؟.. خبير يوضح
شهد قطاع الطاقة المتجددة في مصر طفرة كبيرة خلال السنوات الـ10 الماضية، حيث كثفت الدولة جهودها منذ عام 2014 لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز أمن الطاقة، حيث استهدفت الوصول إلى توريد نحو 24% من إجمالي الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2035، وذلك بحسب بيانات سابقة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
من الانقطاع إلى التصدير| كيف تحولت مصر إلى جسر للطاقة بين إفريقيا وأوروبا؟.. خبير يوضح
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد الشناوي، خبير الطاقة الكهربائية، إن مصر شهدت تحوّلًا جذريًا في قطاع الكهرباء خلال العقد الماضي، حيث تحولت من أزمة في إنتاج الطاقة إلى تحقيق فائض ضخم، يفتح المجال أمام أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا وعالميًا للطاقة الكهربائية.
وأشار الشناوي في تصريحات لـ القاهرة 24، إلى أنه في عام 2014 بلغ إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر 22 ألف ميجاوات، بينما تجاوز الاستهلاك المطلوب للمشتركين نحو 29 ألف ميجاوات، ما أدى إلى انقطاعات متكررة للتيار وصلت إلى خمس ساعات يوميًا في بعض المناطق.
محطات عملاقة بالتعاون مع سيمنز
وأضاف خبير الطاقة الكهربائية، أن وزارة الكهرباء اتخذت خطوات جادة لحل الأزمة، إذ بدأت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي عام 2015، بتوقيع اتفاق مع شركة سيمنز الألمانية لبناء ثلاث محطات عملاقة في البرلس، وبني سويف، والعاصمة الإدارية الجديدة، تعمل بنظام الدورة المركبة لتحقيق أقصى استفادة في إنتاج الطاقة الكهربائية، وتتكون كل محطة من أربع وحدات طاقة كل وحدة 1200 ميجاوات بطاقة إجمالية للمحطة 4800 ميجاوات وبطاقة إجمالية للمحطات الثلاثة 144800 ميجاوات.
الاعتماد على الطاقة المتجددة
وفي مجال الطاقة المتجددة، أشار الشناوي إلى إنشاء محطة بنبان بأسوان لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، إذ تعد من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم بقدرة 1546 ميجاوات، إلى جانب محطة جبل الزيت لطاقة الرياح بطاقة 582 ميجاوات، فضلًا عن تطوير قدرات محطات الرياح في الزعفرانة والعين السخنة.
كما تم العمل على إصلاح وصيانة المحطات المتوقفة، وربطها بالشبكة القومية، ليصل إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية الحالي إلى نحو 65 ألف ميجاوات، في حين لا يتجاوز الاستهلاك 35 ألف ميجاوات، ما يضمن وفرة الطاقة حال توفر الوقود اللازم، ما يعني أن الشبكة الكهربائية قادرة على تلبية كافة احتياجات المستهلكين، وعدم انقطاع الكهرباء في حالة توافر الغاز الطبيعي والمازوت لمحطات إنتاج الكهرباء.
الربط الكهربائي مع الدول المجاورة وأوروبا
وأكد الشناوي أن وزارة الكهرباء بدأت في تنفيذ استراتيجية طموحة لتحويل مصر إلى محور عالمي للطاقة، من خلال الربط الكهربائي مع دول الجوار مثل ليبيا، السودان، والأردن، والتوسع في الربط مع السعودية بسعة 3000 ميجاوات، مستفيدين من اختلاف أوقات الذروة بين البلدين.
وأوضح خبير الطاقة الكهربائية، أن الربط الكهربائي مع السعودية يتم عبر خطوط هوائية وكابل بحري تحت خليج العقبة، باستخدام الجهد المستمر لتجاوز اختلاف الترددات الكهربائية بين البلدين 50 هرتز في مصر و60 هرتز في السعودية.
جسر للطاقة بين ثلاث قارات
وفي إطار الربط مع أوروبا، لفت الشناوي إلى توقيع مذكرة تفاهم في أكتوبر 2021 بين مصر وقبرص واليونان لإنشاء كابل بحري لنقل الكهرباء بقدرة 2000 ميجاوات، بطول 500 كيلومتر، يربط الشبكة المصرية بشبكة أوروبا عبر جزيرة كريت باليونان ومنها إلى الشبكة الكهربائية لأوروبا، وسيتم نقل الطاقة الكهربائية على الجهد المستمر نظرًا لطول المسافة والفقد الكهربي سيكون أقل بكثير في حالة استخدام الجهد المتردد، مشيرًا إلى أنه خلال الأعوام الماضية تم عمل الكثير من الدراسات عن كيفية إتمام المشروع ومصادر التمويل.
وكشفت مصادر حكومية عن بدء الإجراءات التنفيذية للمشروع في النصف الثاني من عام 2025، على أن يُموّل بمنحة قدرها مليار يورو، بدعم من ثلاث مؤسسات تمويل أوروبية، باعتباره مشروعًا ذا أولوية للاتحاد الأوروبي.
مصر توسع شبكات الربط الكهربائي مع إفريقيا وآسيا لتعزيز دورها الإقليمي
وتابع الدكتور أحمد الشناوي، خبير الطاقة الكهربائية، أن مصر بدأت باتخاذ خطوات الربط الكهربائي مع القارة الإفريقية منذ عام 1998، من خلال مشروع الربط مع ليبيا على جهد 220 ك.ف، والذي تبلغ قدرته الحالية نحو 200 ميجاوات، ويجري العمل حاليًا على رفع تلك القدرة إلى 2000 ميجاوات، في إطار خطط توسعية لربط الشبكة الليبية بشبكات دول المغرب العربي تونس، الجزائر، المغرب.
وفي عام 2020، تم تدشين الربط الكهربائي مع السودان، أيضًا على جهد 220 ك.ف، وبقدرة مبدئية تبلغ 80 ميجاوات، مع خطة لزيادتها إلى 300 ميجاوات في المراحل المقبلة، بما يسهم في دعم التعاون الكهربائي بين دول حوض النيل.
فوائد اقتصادية وبيئية
وأشار إلى أن الربط الكهربائي يحقق فوائد اقتصادية من خلال تصدير الكهرباء بالعملة الصعبة، والاستفادة من تفاوت فترات الذروة، وتقليل الحاجة لإنشاء محطات جديدة، كما يسهم فنيًا في استقرار الشبكة وتقليل الأعطال، وبيئيًا في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير الغاز المستخدم في توليد الكهرباء.
مصر مركز طاقة عالمي
واختتم الشناوي تصريحاته لـ القاهرة 24، أن هذه المشروعات تُمهّد الطريق أمام مصر لتكون محورًا إقليميًا للطاقة وجسرًا كهربائيًا يربط بين ثلاث قارات: إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، خاصة في ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا نتيجة نقص الغاز الروسي، واعتمادها المتزايد على الطاقة المتجددة ومصادر الربط الخارجي.
