أمينة الفتوى عن واقعة ياسين: الاعتداء على الصغار جريمة ومرتكبها يستحق أشد العقوبات
علقت الدكتورة زينب السعيد على واقعة الاعتداء الجنسي على الطفل ياسين داخل مدرسة خاصة في البحيرة من قبل محاسب مالي بالمدرسة.
وقالت أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات لـ القاهرة 24، إن جريمة التحرش الجنسي بالأطفال من أبشع الجرائم وأشنعها، حتى إن العقول لتصاب بالذهول والصدمة عند السماع بوقوعها على طفل صغير بريء، لا يعي ما يُفعل به، ولا يملك القدرة للدفاع عن نفسه.
وتابعت: وهذه الجريمة وإن بدت في ظاهرها فعلًا واحدًا، فإنها في حقيقتها سلسلة من الجرائم المتراكبة التي يحرمها الإسلام، وتأباها الفطر السليمة، وتنكرها الضمائر الحية، فهي: انتهاك لحرمة الإنسان بالاعتداء على جسده، واستغلال لبراءة الطفل وضعفه، وإيذاء له في نفسه وجسده، وخيانة في موطن الأمان، لاسيما إذا صدرت عن قريب أو صاحب ولاية ومسؤولية، وتهديد صارخ لمستقبل الطفل النفسي والاجتماعي، لما تخلفه من ندوب يصعب محوها، ومخالفة صارخة للفطرة السليمة السوية، وعدوان آثم على المجتمع بأسره يهدد أمنه واستقراره.
وقالت السعيد، إن كل واحدة من هذه الجرائم كافية لأن يعاقب مرتكبها بأقصى العقوبات الشرعية والقانونية، لما تنطوي عليه من فساد في الأرض، وتعدٍ على حدود الله تعالى، وارتكاب للفواحش، وإكراه على المحرمات، فكيف إذا اجتمعت كلها في جريمة واحد، وقد قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة: 33]، وقال تعالى: (قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ) [الأعراف: 33]، وقال تعالى: (وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلا) [الإسراء: 32].
وأضافت زينب السعيد: وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء”، وقد تواترت أقوال الفقهاء سلفا وخلفا على أن مرتكب مثل هذه الجريمة الشنيعة يستحق أشد العقوبات التعزيرية بحسب ما يراه ولي الأمر محققا للمصلحة ورادعا عن الوقوع في مثلها مرة أخرى، وإذا كانت العقوبة بهذا الوضوح لفاعل الجريمة فإن من أعان عليها، أو تستر على المجرم، أو تخلى عن نصرة المجني عليه مع قدرته على ذلك، شريك في الجريمة شرعًا، ولا تقل عقوبته ولا إثمه عن فاعلها. وذلك ما أفادته نصوص الوحي الشريف وقررته القواعد الفقهية من أن "من أعان على معصية كان شريكا في فعلها" ومن أعان على مسلم جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله.
أمينة الفتوى عن واقعة ياسين: الاعتداء على الصغار جريمة ومرتكبها يستحق أشد العقوبات
وأكدت: ولا فرق في حرمة هذه الجريمة وشناعتها واستحقاق فاعلها لأقصى درجات العقوبة بين دين وآخر؛ إذ الفاحشة محرمة في جميع الشرائع، والطفولة مصونة في كل الأديان، وساحات العلم لها حرمتها وتقديسها في كل ثقافة وملة، والعدلة لا تقاس بالدين أو العرق، بل بميزان الحق والإنصاف، وجدير بأن نثمن دور الأسرة الواعية وبالأخص الأم البطلة التي والدة الطفل ياسين التي علمت إن لابنها حقا وأن عليها واجبا لا يسقط في حمايته وصون كرامته، فبادرت إلى اتخاذ كل السبل القانونية لاسترداد حق الطفل وكرامته دون أي تهاون مع كامل الحرص على ألا تعرض الطفل إلى أي حرج، والبعد الأعمق الذي ينبغي لكل أم وأب أن يلحظوه هو أن الطفل لم يلجأ إلى والديه إلا لشعوره بالأمان والقرب والثقة بهم، وهو ما يجب أن يكون أساس العلاقة بين الآباء والأبناء، لتكون الأسرة دائمًا الملاذ الأول عند أي خوف أو تهديد يتعرض له الطفل خارج البيت.
وتابعت: الشريعة الإسلامية قد أرست قاعدة عظيمة في التربية والحماية بصفة عامة، وهي أن "الوقاية خير من العلاج"، فمن واجب الآباء والأمهات أن يُسلّحوا أبناءهم بالمفاهيم الصحيحة، ويعلّموهم كيف يصونون أنفسهم، ويُدركوا أن لأجسادهم خصوصية لا يحق لأحد أن ينتهكها، تحت أي ذريعة أو صفة، ويأكدوا لهم أن لا صمت عن الأذى، ولا حياء في النجاة.


