الأربعاء 21 مايو 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

“مراسم واجا والرقص القاتل على الحدود”.. صدام الهند وباكستان استعراض أم دق لطبول حرب كبرى؟

أحمد سعيد
مقالات
أحمد سعيد
الأربعاء 07/مايو/2025 - 11:14 م

كنت أسابق الخطوات مخترقا ميدان لبنان الشهير، ضاربا بوجهي صوب مقر موقع القاهرة 24، بينما كانت عقارب الساعة تقترب من الواحدة صباح الأربعاء، لكي أصل قبل بدء الشيفت الليلي، تلقفني الزملاء المغادرون لتوهم من الشيفت المسائي بالوعيد بأن ليلتي ستكون أسود من قرن الخروب، والسبب اندلاع الحرب بين الجارتين اللدوتين الهند وباكستان، وبعضهم رأى أن حربا نووية قد تكون نهاية العالم ستكتبها تلك البقعة من العالم، حينها فقط تذكرت تلك الاستعراضات العسكرية بين حدود الدولتين المعروفة باسم مراسم خفض الأعلام "واجا".

تجرى تلك الاستعراضات في طريق ممتد يصل إلى بوابات الحدود بين البلدين، بينما على جانبيه مدرجات خرسانية يجلس عليها مواطنون من الهند وباكستان تتعالى أصواتهم ليس لتشجيع رياضة ما، ولكن لمشاهدة تلك العروض التي تحدث كل يوم قبيل غروب الشمس وتحديدًا عند معبر واجا بين مدينة أمرتسار الهندية ولاهور الباكستانية، فهي صراع الفائز فيه من يمتلك مهارة الاستعراض.

حتى أمس الثلاثاء، مر 14 يوما من الحرب الكلامية والتلاسن بين الشقيقتين العدوتين، منذ أن تسبب الرصاص المنطلق من فوهات بنادق مسلحين، في سيل دماء العشرات من الضحايا والمصابين من السائحين الهنود الهندوس في الـ 22 من شهر أبريل الماضي، وكانت كفيلة بتحويل بلدة باهالغام الهادئة التي يطلق عليها “سويسرا الهند”، في إقليم كشمير بالجزء الخاضع لإدارة نيودلهي، لأن تكون سببا في سيلٍ من الاتهامات الموجهة إلى الحكومة الباكستانية بأنها تقف وراء المسلحين وتدعمهم وهو ما رفضته إسلام آباد في أكثر من محفل، مطالبة بتحقيق محايد وشفاف في الهجوم.

ورغم حدة التصعيد بين البلدين على عدة مستويات، لكن أهمها موقف الهند من جارتها من خلال غلق تدفق المياه عبر فتحات السدود وتعليق العمل بمعاهدةً تُنظّم تقاسم مياه نهر السند وروافده، لكن سرعان ما نجحت نيودلهي مساء أمس الثلاثاء، في تحريك أنظار العالم إلى إقليم كشمير المتنازع عليه وبخاصة في المنطقة التي تسيطر عليها باكستان.

استهداف 9 مواقع في الشطر الباكستاني من كشمير، كانت كفلية بإشعال فتيل الحرب بين نيو دلهي وإسلام آباد، ضمن العملية "سيندور"، بحسب ما أسماها الجيش الهندي، والذي أطلقها لتدمير البنية التحتية للإرهاب في المناطق المستهدفة، وأنه لم يستهدف أي منشآت عسكرية باكستانية، لكن الباكستانيين لم يتمهلوا في الرد سواء بالقصف المدفعي أو القتال الجوي والذي تسبب في سقوط 5 مقاتلات هندية بينها 3 طائرات من الرفال الفرنسية وسوخوي 30 وميج 29 الروسيتين، وواصلوها بالتصريحات والبيانات الإعلامية لنجاحاتهم، بينما ظلت نيودلهي لساعات دون رد ينفي أو يؤكد لتخرج بعدها بساعات لتقول بسقوط 3 مقاتلات فقط.

بحسب ما هو منتشر، فإن سقوط المقاتلات الهندية الـ 5 أمام طائرات من سلاح الجو الباكستاني من طراز "J-10CE” وباستخدام صاروخ “PL-15” جو-جو بعيد المدى، وكذلك منظومة الدفاع الجوي “HQ-9B” أرض-جو، وجميعها صناعة صينية، يعني امتلاك الجيش الباكستاني لأنظمة متطورة من القيادة والسيطرة والاستطلاع والمراقبة الجوية المتفوقة وقدرة جنوده على استخدامها بكفاءة، كما أنه يؤكد وبقوة نجاح القدرات الحربية الصينية بشكل فعال وكبير بعكس ما يتم الترويج له.

منذ انطلاق شرارة الحرب الأولى بين الجارتين في1947، عقب ولادة الدولتين بوقت قصير، أبى الاستعمار إلا أن يترك لهما إرثا من الكراهية والحقد، تمثل في الصراع للسيطرة على إقليم كشمير الخلاب الواقع في جبال الهيمالايا، تمثل في 6 حروب ومواجهات طوال تاريخ الصراع المحتدم، لكنها في مجملها لم تخرج عن مناوشات هنا وتوغل هناك وضربات جوية خاطفة وقصف للمواقع العسكرية بين الجبال والتلال.

بالعودة إلى "مراسم واجا"-توقفت بسبب التصعيد الحالي- والتي في العادة يجريها العسكريون من قوات حرس الحدود من البلدين بتلك الشوارب الكبيرة والعيون الجاحظة والملابس الأنيقة وأغطية الرأس القادمة من الموروث الثقافي لحضارة واحدة “الهند والسند”، وبينما يؤدوها وهم يمشون بخطى سريعة ومع اقترابهم من الأبواب يرفعون أقدامهم بطريقة مبالغة وصارمة، لكنها لا تخلو من الاستعراض ما بين أصوات جهورية وحركات اليدين والرأس في منافسة قوية دون قتال أو تلامس، وويل لمن يخطئ أو يتعثر فيها.

كذلك الصدام الحالي فإنه لن يطول؛ بينما يتخلله قصف هنا أو مناوشات هناك، فالهند من خلال قصفها السريع الخاطف تكون قد اقتصت لضحايا متنزه باهالغام، وفقا لاتهاماته لإسلام آباد، وتمكنت من توجيه الصفعة الأولى وإن لم تكتمل بسبب سقوط مقاتلاتها، في المقابل، نجحت باكستان من كبح جماح جارتها وحققت نصرا يمكن وصفه بالمحدود، وبين هذا وذاك، فإن مقبل الأيام وحده هو الذي سيحدد ما ستُقدم عليه الجارتان، بعيدا بالطبع عن اللجوء للخيار النووي والذي يتوهم البعض أنه مطروح، فلكتا الدولتين تدركان أنه بمثابة “كبسولة السيانيد المميت" التي لا ينجو منها أحد.

تابع مواقعنا