عضو لجنة الفتوى بالأزهر: الأراضي التي خصصتها الدولة للعاملين بالخارج ليست سبوبة.. ويحرم التنازل عنها لأي جهة
تلقى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، سؤالًا من أحد المواطنين، مفاده: خصصت الدولة قطع أراضٍ للمباني للعاملين بالخارج بغية توفير العملة الصعبة، فهل يجوز التنازل عنها للشركات العقارية مقابل أخذ جزء من المال؟
وقال عطية لاشين عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في فتوى حديثة: "قال تعالى في القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا). كما قال سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سعد أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة.
وأكمل لاشين: فإن الأكل من الحلال أمر جوهري وضروري في الإسلام، جاء الأمر بذلك في عديد من آيات القرآن وفي كثير من أحاديث نبينا خير الأنام. أما القرآن فقد قال الله عز وجل آمرًا رسله وأنبياءه وهم الأمثل من عباده: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
وأوضح: وهناك ملحظ في الآية على قدر كبير من الأهمية والاعتبار، حيث قدمت الآيات الكريمة المباركة الأكل من الطيبات على الأمر بعمل الصالحات، وقال البلغيون يقدم من الكلام ما له كبير اهتمام.، وكما أمر الله أنبياءه ورسله بأن يطيبوا عيشهم ويحل رزقهم، أمر بذلك عباده المؤمنين فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
عضو بالأزهر للفتوى: الأراضي التي خصصتها الدولة للعاملين بالخارج ليست سبوبة.. ويحرم التنازل عنها لأي جهة
وأضاف: ولأن أمر كون الرزق من حلال لم يقتصر الأمر به على رسل الله كما لم يقتصر الأمر به على المؤمنين بالله، صار جميع الناس مأمورين بذلك، فقال المولى سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)، وبمثل ذلك أمرت سنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكدت جميع ما جاء في الآيات السابقة.
وأوضح: تخصيص الدولة أراضٍ للبناء وبيعها لمن كان عمله خارج الديار، أمر روعي فيه الأشخاص الذين بهم حاجة أكيدة ورغبة ملحة لمثل هذه الأراضي للوصول من خلالها إلى توفير مسكن مناسب يكون مأوى لهؤلاء وذويهم، وهذا أمر شخصي لا يقبل التنازل فيه للغير على الإطلاق، إنه ليس سبوبة يتكسب الشخص من خلالها، بل روعي فيه تلبية ضرورة عند هؤلاء.
وأكد: ومن ثم، من كان في غنى عن هذه القطع فلا يحل له أن يتنازل فيها لأي جهة طبيعية أو معنوية، وإلا كان أكلًا حرامًا. كما أن الشركات العقارية ليس لها أن تقبل هذا التنازل والإقدام على الشراء، وإذا كانت هي الأخرى متعاونة على الإثم والعدوان، وهذا أمر نهى عنه القرآن. والله أعلم وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله.


