مأساة أسوان التي أبكت الحجر

في إحدى قرى محافظة أسوان، سقطت جدران الإنسانية، وانهارت كل معاني الرحمة، حين ارتُكبت جريمة لم تكتفِ بأن تُسجل في دفاتر القانون، بل دوّنها التاريخ في صفحات الألم، كوصمة عار في جبين من ضلّ طريقه، ومضى في دروب الظلام.

شاب، في عمر الزهور، لم يعد يرى من الحياة إلا نشوة زائلة خلف دخان المخدرات، ونزوات ضائعة لا تعرف حدود الدين ولا حرمة الدم، انساق خلف وساوس النفس المريضة، فغاب عنه العقل، وضاع منه الضمير، فانتهى به الطريق إلى ما لا يغتفر.

لم يكن يعلم ذلك الأب العجوز، وهو يحتضن طفله صغيرًا، ويمنحه عمره قطرة قطرة، أن يدًا رباها على صدره ستكون الخنجر المغروز في قلبه، ربّى ولده على الأمل، فإذا به يُنهي حياته بلا شفقة، بلا دمعة، بلا رجفة يد.

جريمة تُبكي القلوب قبل العيون، ليست فقط قتل أب على يد ابنه، بل اغتيال للأبوة، للرحمة، للإنسانية، جريمة تعاقب عليها كل القوانين، والأديان السماوية، لكنها أيضا تستدعي عقاب السماء، هذا الفعل ليس مجرد لحظة تهور، بل هو نتاج سنوات من الإهمال، من ترك السموم تعبث بعقول شبابنا، دون ردع، دون وعي، دون رحمة.

هذه الحكاية ليست حكاية عائلة واحدة، بل إنذار لكل بيت، ناقوس خطر يُدق على أبوابنا جميعًا، إنها لحظة الحقيقة التي يجب أن يفيق فيها المجتمع، وتتحرك فيها كل الجهات المعنية لمحاربة المخدرات التي لا تقتل الأجساد فحسب، بل تنسف القلوب والبيوت والعلاقات.

العدالة ستأخذ مجراها، لكن ماذا عن وجع الأم؟ عن صورة الأب المغدور؟ عن المجتمع الذي يودّع كل يوم أبًا أو أمًا أو ابنًا بسبب الإدمان؟

إنها ليست مجرد جريمة، إنها مأساة، والسكوت عنها.. جريمة أكبر.