من طالب مفصول إلى صاحب مستشفى كبير.. طبيب مزيف يخدع نجوم الفن والإعلام لمدة 9 سنوات | تحقيق
ذاع صيت طبيب بشري لأمراض الصدر يدعى م.ف، بين المستشفيات الخاصة بالقاهرة، وانتشار على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ومحرك البحث جوجل، معرفًا نفسه كأخصائي لـ أمراض الصدر والمناعة، وحاصلٍ على الدكتوراه والماجستير في أمراض الصدر والمناعة والحساسية، حتى تمكن من جني الأموال التي مكنته من افتتاح مستشفى خاص بالمعادي، قبل أن تثار حوله الشكوك، ويعثر على ملفات تكشف انتحاله لصفة طبيب بشري، وتزوير جميع الشهادات التي يملكها.
الطبيب المزور بالمعادي
في 49 شارع كورنيش المعادي القاهرة، افتتح م.ف، مستشفى خاص تحت مسمى مستشفى كايرو كير، لأمراض الباطنة والحالات الحرجة، عاونه في إنشائه طبيب آخر، وعمل بها بعض من أقاربه وأصدقائه، دون أن يحصل على التراخيص اللازمة، ليتم إغلاق المستشفى وتشميعه.
أثيرت الشكوك حول الطبيب م.ف، ومدى علاقته بمهنة الطب من الأساس، خصوصًا بعدما تسبب نتيجة إهمال طبي في أمراض خطيرة لبعض مرضاه، والتي أفقدتهم العيش بشكل سليم لمدة طويلة من الزمن، علاوة على كثرة الاتهامات التي وجهت له من قِبل زملائه وطاقم العمل والمرضى بخصوص سلوكه اللا أخلاقي والذي يتنافى مع مبادئ المهنة.

ضحية إهماله الطبي
في هذا الصدد، تروي إحدى ضحاياه لـ القاهرة 24-والتي تحفظت على ذكر اسمها- أنها أصيبت عام 2020 بفيروس كورونا، وتم حجزها بمستشفى الجزيرة فرع فيصل، وكان م.ف هو الطبيب المعالج لها، وبدأ في وضع خطة علاج لها بتناول كميات كبيرة من المهدئات، أفقدتها القدرة على النوم لأيام، مسببا لها صدمة عصبية حادة، لتكتشف فيما بعد من طبيب آخر أنه أخطأ في التشخيص.

تضيف ضحية الطبيب المزور بالمعادي، أن الطبيب استغل مرضها وحالتها النفسية وبدأ في التقرب منها، ثم نشأت بينهما علاقة عاطفية، غير أنه أجبرها على تناول الكحوليات لتخفيف آلامها، قبل أن يؤثر عليها بشكل سلبي بالغ الخطورة، لكن علاقتهما استمرت وتبادلا الصور الخاصة، والتقطتاها معا في بعض الأحيان، حتى اكتشفت زواجه من أخرى وإنجابه طفلين منها، فقررت الانفصال عنه.

ابتزاز بصور خاصة
تشير الضحية إلى أن منتحل صفة الطبيب بالمعادي، لاحقها عقب الانفصال، وهددها ببعض الصور الخاصة لها، وابتزاها للحصول على مبلغ 1000 دولار، قبل أن ترفض طلبه، فلم يتراجع فأرسل الصورة لوالدها من رقم دولي، مسببا لها أزمات عائلية بين أفراد أسرتها.
وتنوه الضحية إلى أنها خلال علاقتها بالطبيب المزور، قص عليها ارتكابه لأفعال لا أخلاقية مع المرضى والطاقم الطبي من زميلاته، وعرض لها بعض الصور الخاصة لهن ومقاطع الفيديو ملتقطة داخل منزله مع إحدى المريضات، علاوة على ادعائه أنه زار كبار الإعلاميين والشخصيات المهمة في المجتمع والفنانين داخل منازلهم لعلاجهم، متفاخرًا بالنظر إلى أجسادهن بطبيعة عمله طبيبا لحساسية الصدر، وذلك على مدار 9 سنوات.


تزوير كارنيه نقابة الأطباء
من بين الملفات التي عثر عليها ويمتلك القاهرة 24 نسخة منها، هي كارنيه نقابة الأطباء للدكتور م.ف، وبالدخول إلى موقع نقابة الأطباء على الإنترنت، وإدخال اسم الطبيب م.ف، لم يتبين ثمة نتائج تحمل اسمًا لهذا الطبيب، وبكتابة اسم الطبيب الحقيقي والمدعو م.ح، تبين وجوده بين قائمة الأطباء المقيدين بنقابة الأطباء، كممارس عام، بما يشير إلى انتحال الصفة والتزوير الأوراق.


تزوير شهادة التخرج
بالعودة إلى جامعة القاهرة طب قصر العيني، وسؤال مسؤولي الجامعة عن تخرج المدعو م.ف، من الجامعة بتقدير جيد، طبقا لشهادة تخرجه، أفادوا بأنه لا يتعدى كونه طالبا مفصولا التحق بكلية الطب، حتى فُصِل منها عام 2014، في السنة السادسة، ليستكمل مشواره في الطب عنوة، منصبا نفسه طبيبا ومديرًا لمستشفى خاص، تحمل واجهتها اسمه.


ملفات مزورة
تمكن الطالب المفصول من تزوير جميع المستندات، بدءًا من تزوير شهادة التخرج، والتي كانت تحمل اسم أحد أصدقائه، لكنه أزاله كما أزال معه صورته، ووضع اسما وصورة له، مدعيًا أنه تخرج في طب قصر العيني جامعة القاهرة، في يونيو 2015 بتقدير عام جيد، ليبدأ رحلته في تزوير باقي المستندات حتى يكون مؤهلًا للعمل في مهنة الطب، فزور كارنيه طبيب بشري يخص زميل له، وأدرج اسمه عليه بنفس البيانات وذات التواريخ، ثم زور شهادة من جامعة القاهرة كلية الطب، أنه أمضى فترة التدريب والامتياز بمستشفيات جامعة القاهرة لمدة عام واحد وأدرج عليها اسمه، وأعقبها تزوير إفادة من جامعة عين شمس كلية الطب، إدارة الدراسات العليا، كانت تخص زميله له تدعى س إلى اسمه، لتبقى أمامه تزوير بطاقة الرقم قومي، والتي صدرت سنة 2017 تحمل بيانات طبيب امتياز جامعة القاهرة، ليعدل الدرجة الوظيفية عام 2024، إلى أخصائي أمراض صدر ومناعة بمستشفيات جامعة عين شمس.




الالتحاق بكبرى المستشفيات
بدأ منتحل صفة الطبيب في العمل في مهنة الطب كطبيب أمراض صدر ومناعة، ليلتحق بكبرى المستشفيات العامة والخاصة منها، إذ عمل في مستشفى مصر الطيران، ومستشفى مجموعة كليوبترا فرع أكتوبر هيفن، ومستشفى الجزيرة فرع فيصل، ومجموعة عيادات برج الجزيرة بلازا الشيخ زايد في سيتي كلينك.
عيادة ومستشفى غير مرخصتين
لم يكتفَ الطالب المفصول من العمل داخل المستشفيات، بل امتد مشروعه غير المشروع إلى افتتاح عيادة رعاية صحية داخل مستشفى صحة بالبدرشين، وتم غلقها أكثر من مرة من العلاج الحر، ليصل إلى محطته الأخيرة وهي افتتاح مستشفى كايرو كير في 49 كورنيش المعادي القاهرة، من ملكيته الخاصة، والتي أغلقت أيضًا أكثر من مرة من العلاج الحر بسبب مشكلات في التراخيص.


