وشوش وحكايات

فيه حاجة غريبة قوي بتحصل لما بنقعد لوحدنا بالليل، في الهدوء اللي بعد دوشة اليوم، في اللحظة اللي بتقفل فيها النور.. وتلاقي نفسك قدام مرايا مش بتعكس ملامحك بس، لأ.. دي بتعكس كل اللي فات، وكل اللي كان ممكن يحصل.. ومحصلش.

بتفتكر المكالمة اللي ما رديتش عليها، المقابلة اللي اعتذرت عنها، الكورس اللي كنت ناوي تسجله وتحضره، الشخص اللي كان بيحبك ومشي من غير ما تقول له حتى كلمة تريح قلبه.

بتفتكر الضحكة اللي مشاركتهاش، والمكان اللي كنت عايز تزوره ومروحتش، والفرصة اللي جتلك وخوفت تاخدها… وتلاقي نفسك بتسأل: "لو كنت خدت الخطوة دي… كان زماني فين دلوقتي؟"

"لو كنت قلت الكلمة دي… يمكن كان الوضع اختلف؟" أو "لو كنت ماسكتش… يمكن كان حد لسه في حياتي دلوقتي؟"

الغريبة إننا ساعات بنكون عارفين إن الفرصة دي مش هتتكرر… ومع ذلك بنسيبها تفلت، ليه؟ يمكن خوف… يمكن كسوف… يمكن كسل… يمكن لأننا بنقول لنفسنا الجملة اللي بنضحك بيها على روحنا: "مش مهم… الجاي أحسن!"

بس الحقيقة؟.. فيه فرص مبتتكررش.. وفيه ناس.. ما بيرجعوش، وفيه لحظات… لو راحت، خلاص، بتبقى مجرد ذكرى.
بس بنفضل عايشين في وهم "كنت هعمل" و"كان المفروض" و"لو الزمن رجع".

تفتكر إيه اللي بيحصل جوانا لما بنضيع فرصة؟، ليه بنحس بالتعب أوي، رغم إن الدنيا كملت والناس كملت حياتها؟. لإنه مش بس إحساسنا إننا خسرنا حاجة، لكن كمان لأننا بنخسر جزء من نفسنا… بنخسر الصورة اللي كنا شايفين نفسنا فيها، الإنسان اللي كنا ممكن نكونه، الفرحة اللي كنا نستحقها، أو الدرس اللي كنا محتاجين نتعلمه.

أنا مش بكتب الكلام ده علشان أوجعك..

أنا بكتبه علشان افكر معاك وافتكر أنا كمان شخصيًا معاك وأقولك يا صديقي:
مفيش حد معافى تمامًا من الندم... حتى أكتر الناس إنجازًا، عندهم فرص ندموا إنها راحت منهم... وأكتر الناس اللي عندهم حكمة، عندهم لحظات بيتمنوا يرجعوا يعيشوها تاني.

بس الفرق الحقيقي بيكون في إحنا هنعمل إيه بالمشاعر دي.. هل هنقعد نلوم نفسنا، ونغرق في حزن ملوش آخر؟ ولا هنقرر نتعلم، ونبقى أصدق مع نفسنا، ونبطل نأجل، ونبطل نهرب، ونبطل نقول "مش وقتها"، و"هعملها بعدين"؟

الحياة مش دايمًا بتديك فرصة تانية. وأوقات، الفرصة التانية مش بتكون بنفس الطعم، ولا بنفس القيمة، ولا بنفس الأشخاص.. فيه ناس هتمشي… فيه حاجات هتتغير… وفيه أيام، مهما حاولت تعوضها، مش هترجع تاني... بس الحاجة اللي ممكن تبدأ فيها دلوقتي، هي إنك تبطل تعيش في الماضي.

تسامح نفسك على اللي راح، وتقرر إنك من اللحظة دي مش هتسيب فرصة نفسك فيها تروح… حتى لو هتخاف… حتى لو هتغلط… حتى لو الناس مش هتفهمك.

إوعى تعيش على الهامش... إوعى تسيب الدنيا تعدي وإنت واقف بتتفرج على غيرك بيعيش... قول الكلمة… خد الخطوة… جرب… حتى لو هتفشل.

لأنك مش هتندم على اللي عملته بنفسك قد ما هتندم على اللي سبت الدنيا تاخده منك.

في الآخر، يمكن مفيش وصفة سحرية للحياة… بس يمكن نقدر نقول لنفسنا "أنا مش هسمح لتاني يوم يجي وأنا لسه مأجل حاجة كنت عايز أعملها النهاردة".

عيش دلوقتي.. وحب دلوقتي.. وخاطر دلوقتي.. لأن مفيش ضمان إن بكرة جاي زي ما إحنا متخيلين. وإوعى تسيب فرصك تتحول لوشوش بتطاردك في المرايا… من غير ما تكون ليك قصة معاهم.