لماذا لا يسمع أحد صوت طلاب الأزهر؟
في كل عام، تبدأ امتحانات الثانوية الأزهرية وتنتهي دون أن تُحدث صوتًا يُذكر في المشهد الإعلامي، وكأنها لا تخصّ أكثر من 200 ألف طالب وطالبة، ولا تنتمي لمؤسسة تُعدّ الأعرق والأوسع تأثيرًا في العالم الإسلامي بأسره، دون تسليط إعلامي يواكب انطلاقها، ولا تقارير موسمية تحكي معاناة الطلاب أو ترصد تحدياتهم، رغم أن تلك المعاناة تفوق بأميال ما يواجهه أقرانهم في التعليم العام.
طالب الثانوية الأزهرية لا يخوض مجرد اختبار عبور إلى التعليم الجامعي، بل يختبر في منظومة معرفية عريضة تمتد على مساحة 17 مادة، تجمع بين بحور علوم الدين واللغة والعلوم الطبيعية، في وقتٍ لا يزيد فيه عدد المواد في التعليم العام عن 7 مواد، بعضها اختياري.
وبينما يُختبر طالب التعليم العام في الفيزياء أو الجغرافيا وحدها، يُطالب طالب الأزهر بإجادة الفقه والنحو والصرف والتفسير والحديث والتوحيد، إلى جانب الكيمياء والفيزياء والرياضيات، وغيرها، فلماذا يغيب هذا الصوت؟
لا يمكن لطالب في السابعة عشرة من عمره أن يُجبر على حفظ وفهم وتطبيق هذا الكم من المواد، دون أن يُوفر له مناخ داعم نفسيًا واجتماعيًا وإعلاميًا، بل إن كثيرًا من طلاب الأزهر يشعرون بأنهم مظلومون حتى في التقييم المجتمعي؛ إذ يُنظر إليهم على أنهم خارج "سباق التفوق" الذي ترصده الكاميرات وتتناقله القنوات، في حين أن تفوقهم في الحقيقة قد يكون أكثر رسوخًا واتساعًا من غيرهم.
بل إن خريجي الأزهر في مجالات عدة من الطب والهندسة والبحث العلمي والأدب والإعلام والفن والفكر الإسلامي، أثبتوا كفاءات مرموقة لا تقل بأي حال عن خريجي أي منظومة تعليمية أخرى، بل تفوقهم في تخصصات عدة، لما هو معروف عن الأزهري من تحمل للضغط.
فما الذي يمنع أن يخرج الإعلام يومًا عن نمطه المألوف، ويوجه الضوء الأكثر على هؤلاء؟ إن ما نحتاج إليه اليوم ليس إعادة النظر في مناهج التعليم الأزهري، ولا تطوير طرق التقييم والامتحانات، فذلك مسار طويل بدأ بالفعل ويتطلب سنوات حتى يُؤتي ثماره، لكننا بحاجة ماسة إلى الاهتمام بالدعم المعنوي وتسليط الضوء على الطالب الأزهري بنفس اهتمامنا بطلاب التربية والتعليم، خاصة بعد ظهور نتيجة الثانوية، فطالب التعليم العام يستحوذ على نصيب الأسد، بينما طالب الأزهر الذي يدس 17 مادة يأتي في المرحلة الأخيرة من الاهتمام.


