مدينة بلا إسعاف.. وأهالي الباجور من يدفعون الثمن بأرواحهم
حالة من الغضب والاستياء تسود بين أهالي مدينة الباجور بمحافظة المنوفية، بعد أن بات مشهد تأخر سيارات الإسعاف عن الحوادث والمرضى أمرًا معتادًا، نظرا لعدم وجود إسعاف داخل المدينة، وسط صرخات الأهالي ومناشداتهم المتكررة بإيجاد حل جذري ينقذ الأرواح قبل أن تزهق على الأرصفة.
القصة لا تتعلق فقط بتأخر سيارة إسعاف عن حادث عرضي، بل هي سلسلة من القرارات والإجراءات التي تسببت في تفريغ المدينة من أهم عنصر في منظومة الطوارئ الصحية، لينتهي الحال بمدينة كبيرة بلا نقطة إسعاف واحدة مملوكة لها، وسط حديث عن تعثر تخصيص أرض لإقامة مقر دائم.
مصدر مطلع في هيئة الإسعاف أكد لـ القاهرة 24 أن مركز الباجور يضم 7 نقاط إسعاف، لكن المدهش أن أيا منها لا يقع في مقر ملك للهيئة، بل جميعها بالاستضافة، وهو ما يزيد من هشاشة الوضع القانوني واللوجستي لتلك النقاط، ويجعلها عرضة للطرد أو الإخلاء في أي وقت.
المدينة نفسها بحسب شهادات الأهالي، تخلو حاليًا من وجود سيارة إسعاف ثابتة، بعد أن تم نقل النقطة الرئيسية إلى وحدة صحية في قرية بي العرب، ما يعني أن الاستجابة لأي حادث أو حالة طارئة داخل المدينة أو في القرى البعيدة تتأخر بسبب الزحام والمسافات.
من كورونا إلى اليوم.. الإسعاف بلا مأوى
أحمد رزق، أحد شباب المدينة، يؤكد لـ القاهرة 24 أن الأزمة بدأت تتفاقم مع جائحة كورونا، حين تم إخراج نقطة الإسعاف من مستشفى الباجور بعد نقل تبعيتها إلى أمانة المراكز الطبية المتخصصة، مضيفًا: تم استضافة الإسعاف مؤقتًا في مركز شباب الباجور، لكن مع تحويل المركز إلى مركز تنمية شبابية وتطويره، طُلب منهم إخلاء المكان، ومن يومها والإسعاف في تنقّل دائم.
ويتابع رزق: لا يعقل أن مدينة بحجم وتعداد الباجور لا تملك نقطة إسعاف دائمة، ولا قطعة أرض صغيرة 300 متر لبناء وحدة طوارئ، والأرواح أصبحت تدفع ثمن هذا الإهمال.
فيما وصف هاني سمير، من أهالي الباجور، الوضع بأنه كارثي، قائلًا: كيف تكون سيارات الإسعاف في قرية بي العرب؟ والحوادث لا تحدث في مكان واحد، وإذا وقع حادث في الجهة المقابلة من المركز، تتأخر الإسعاف بسبب الزحام، خصوصًا أن المنطقة بها مدارس ومواقف سيارات وازدحام مروري شديد وقت الذروة.
ويضيف: الوضع الحالي لا يليق بمدينة كبيرة، والإسعاف يجب أن يكون في قلب المدينة لضمان سرعة الوصول.
محاولات للحل.. لكن دون تنفيذ
فيما كشف مصدر طبي رفض ذكر اسمه أن محافظ المنوفية اللواء إبراهيم أبو ليمون، كلّف رئيسة الوحدة المحلية لمركز ومدينة الباجور السابقة، مروة زهران، بالبحث عن قطعة أرض تخصص للإسعاف، وبالفعل نزلت لجنة مشتركة من مسؤولي الإسعاف والمحافظة، واستقروا على قطعة أرض، لكن سرعان ما تبخرت الآمال بعد أن تبين في الرفع المساحي أن الأرض بها أملاك خاصة ولا تصلح للتخصيص.
وأكد المصدر أن الهيئة تحتاج فقط إلى 300 متر مربع لإنشاء مقر دائم مجهز، يضم سيارات الإسعاف ومقرًا للطاقم الطبي، مشيرًا إلى أن غياب هذا المقر يعطل أداء المهمة الأساسية وهي إنقاذ الأرواح.
شاب يصارع الموت.. والإسعاف تصل بعد فوات الأوان
وفي مأساة جديدة كشفت حجم الأزمة، اشتكى عدد من الأهالي صباح اليوم الجمعة من تأخر وصول سيارة الإسعاف إلى منطقة كوبري عوض حسن بمدينة الباجور، حيث كان شاب في حالة حرجة يصارع الموت، لكن السيارة وصلت بعد وفاته، ما زاد من حدة الغضب بين المواطنين الذين جددوا مطالبهم بضرورة تدخل عاجل.
ويطالب أهالي الباجور بتخصيص قطعة أرض من أملاك الدولة داخل المدينة بشكل عاجل، أو إعادة السيارات إلى موقع استراتيجي قريب يخدم المدينة والقرى المحيطة لحين بناء المقر الدائم.
