روب التخرج المكرمش
مفيش شك إن كل واحد فينا فيه مجموعة مواقف مر بيها أو سمعها أو حصلت قدامه بتسيب فيه أثر بيفضل مكمل حتى لما بيفوت زمن الموقف نفسه.
مواقف أساسها وعنوانها العريض الرحمة واللُطف والإنسانية.. مواقف بتثبت لك إن الدنيا لسه بخير مهما شوفنا ناس كسر عقدونا بما فيه الكفاية.. زي اللي عملته الدكتورة "سلمى"!.
من سنتين كانت السيدة المحترمة اللي شبه معظم الأمهات الطيبين د. "سلمى عبدالمنعم" أستاذ اللغة والأدب العبري في كلية الآداب جامعة سوهاج بطلة حدوتة لطيفة.. فيه مركز لذوي الهمم اسمه "نور البصيرة" في سوهاج.
المركز كل سنة بيعمل حفلة تخرج للطلبة ذوي الهمم.. قبل حفلة السنة دي بيوم اكتشف د. "عماد الصوينع" مدير المركز إن اللي هيكوي الأرواب بتاعت الخريجين مش هيكون متاح!.. والنتيجة؟.. أكتر من 35 روب هيفضلوا بدون مكواة والاحتمال الأقرب إن الطلبة يلبسوهم مكرمشين لإن حتى فرصة المرواح لمكوجي هتبقى صعبة بسبب عنصر الوقت.. فورًا وبدون تفكير قررت زوجته الدكتورة "سلمى" إنها تكوي الأرواب بنفسها!.
بدون ما تقول طب وأنا مالي وإيه يعني مايتلبسوا مكرمشين!.. لأ.. أنا اللي هكويهم.. شوف كل روب أخد وقت قد إيه وأضربهم في عدد 35 سهرت تعملهم بدون تعب وبمنتهى التركيز.. بس كده؟.. لأ برضه.
كمان ساعدت الخريجين في لبس الأرواب، واشترت دبابيس عشان تثبت لهم الكابات والوشاح عشان يبقى المنظر متكامل بنسبة 100%.. دكتورة "سلمى" بتقول في حوار مع الصحفية "أمنية سعيد": (دول ولادي مينفعش أسيبهم، واحنا بالنسبة لهم الأب والأم وهو ولادنا، وكان نفسي يطلعوا في أحسن صورة).
بالمواقف اللي زى دي، وبالناس اللي زي الدكتورة "سلمى" الحياة بتبقى أكتر لطفًا، وبهجة، وقدرتنا على تحمل أى سخافة بنشوفها بتبقى أكبر.. ربنا يديها الصحة ويجبر بخاطرها زى ما فرحت وأسعدت الـ 35 طالب وخلّت يومهم مختلف.
• ولأن الأمر مش مقتصر على سن معين ولا هو قائم على أي نوع من أنواع الفروق خصوصًا لما نكون بنتكلم عن تصرفات نبيلة ماكنش غريب اللي عمله الطالب الشاب "هشام محمد" هو كمان!.
أ. "هشام" من مركز "نقاده" محافظة قنا.. شاب بيدرس في الفرقة الثالثة كلية التمريض جامعة جنوب الوادي.. بيحكي في حواره مع الصحفية "سمر مكي" في موقع"القاهرة 24" إنه رجع بالليل متأخر من بره وكان النور قاطع عندهم في البيت.. يادوب ريح جسمه على السرير وقال لك ألحق أنام كام ساعة عشان عندي امتحان بكره الصبح وفجأة سمع صوت صراخ جارته ووالدتها من البيت اللي جنبهم!.
طبيعة المنطقة الهادية اللي هما عايشين فيها خلّت أول انطباع ييجي في باله إن فيه مصيبة بتحصل معاهم!.. فورًا وبدون تفكير وبشهامة ولاد البلد خرج بهدومه عشان يشوف فيه إيه.. خبط بسرعة على بيت جيرانه وفتحت له والدة جارته السيدة المسنة واستنجدت بيه إنه يلحق بنتها اللي بتولد!.. دخل لقى جارته بتولد!.
بتولد اللي هو بتولد فعلًا مش مجرد ألم حمل وخلاص.. مع صراخ الجارة الحامل ووالدتها وصعوبة الوضع ورأس الجنين اللي كانت ابتدت تبان كان لازم يتدخل ومفيش فرصة ولا وقت ينقلها للمستشفى!.. فقرر يولدها!.
الشيء العبثي في الموضوع إن النور قاطع، وطبعًا مفيش أدوات فرجع "هشام" على بيته تاني جاب موبايله ونوّر الكشاف وبدأ يستخدمه في الرؤية!.. بحكم دراسته هو عنده معلومات نظرية عن التوليد بس التطبيق العملي أخباره إيه!.
كمل في اللي بيعمله وبقى بين كل لحظة والتانية يبعت بنفس الموبايل على الواتساب يسأل زمايله عن الخطوات عشان يتطمن إنه ماشي صح!.. حتى مرحلة قطع الحبل السُري نفذها بالقياس بإيده وباستخدام موس وبعدها ربطه بخيط وبمشبك غسيل بشكل يمنع حدوث تلوث قدر الإمكان!.
ربنا كرم وبعد شوية وقت صعبين وبُلطف ربنا وكرمه الجنين -(اللي طلعت بنوتة)- نزلت بالسلامة ولما النور رجع طلعوا جرى بالأم على المستشفى وهي وطفلتها في صحة تامة الحمدلله.. أسرة الطفلة صممت إن "هشام" هو اللي يسميها، وسماها "غادة".. اللي تستغرب لما تعرفه إن "هشام" أصلًا وقبل الموقف ده بشوية كان بيذاكر مادة نسا وتوليد عشان كان عنده امتحان فيها الصبح بعد كام ساعة!.
"هشام" هيدوب وسط ملايين المصريين الجدعان اللي حكايات جدعنتهم بتظهر وتختفي في الضل بعد ما بتعلمنا إن فيه ناس تستحق وزنها دهب.
• تدابير ربنا دي فوق كل اعتبار وأكبر من أي حسابات.. كل واحد له دور في حياة غيره ومتعرفش مين هيعمل إيه إمتى بس يقينك في حُسن تدبيره بيخليك مطمئن إنك لما بتحتاج مدد رباني هيسخرلك الكون كله وبالناس اللي فيه عشان طلبك يُجاب.


