القومي لحقوق الإنسان عن تكريم مسلسل ولاد الشمس: عمل درامي ناضج.. وعالج مشكلات حقيقية لفئات مهمشة
ينظم المجلس القومي لحقوق الإنسان، من خلال لجنة تحكيم الحقوق الثقافية، حفل توزيع جوائز الإنتاج الدرامي لموسم رمضان لعام 2025، وجاء من أبرز تلك الأعمال مسلسل ولاد الشمس.
حيث جاء في حيثيات اختيار لجنة التحكيم لمسلسل "ولاد الشمس" الآتي:
- عمل درامي ناضج وجريء، يعالج مشكلة حقيقية لفئات مهمشة تعرضت للانتهاك والمعاناة، ينحاز للدفاع عنهم، ويختار حكايات إنسانية مؤثرة، ويكمل قصته بتقديم نماذج واقعية، تحكي أمام الكاميرا تفاصيل ما عاشته من ظروف صعبة.
نجح المسلسل أيضا بجدارة في تقديم مواهب شابة ممتازة، في أدوار لا تنسى، جنبا إلى جنب مع أستاذية نجم كبير، مما منح العمل تكاملا وتميزا مستحقا.
-عناصر النجاح والتفوق كثيرة، وتتمثل في كتابة متقنة سواء من حيث رسم الشخصيات، محورية وثانوية، وإحكام الصراع من أول حلقة، وتحديد أطرافه، وضبط بناء كل حلقة، وضبط بناء الحلقات كلها، وضبط التوازن والثقل الدرامي بين الأولاد من ناحية، وشخصية بابا ماجد من ناحية أخرى، وتحويل مادة يسهل معالجتها "ميلودراميا" من باب الاستسهال، الى "تراجيديا إنسانية" تثير التأمل، مع الابتعاد عن الصراخ والمبالغات، والعمل على الشخصيات داخليا، وعبر ذاكرتها الماضية، وتفاصيلها، ونفسيتها، بنفس قوة الصراع الخارجي الموجود أيضا.
هناك تفوق واضح للعناصر الفنية والتقنية في إطار فهم عظيم للدراما، وترجمة ذلك أدائيا وبصريا، وثراء كل مفردات العمل ومكوناته، وعلى سبيل المثال فقط، فقد كان اختيار الممثلين وتسكينهم في أدوارهم مذهلا من فرط دقته، ومن درجة نجاح رهان المخرج الموفّق للغاية على ممثليه الشباب، بالإضافة الى عنصر هام هو خلق الجو العام للعمل كله، أو في أماكن بعينها، وخصوصا دار الأيتام، فليست المسألة مجرد مكان، ولكن الأهم هو فهم طبيعة المكان ودوره ومغزاه في الدراما.
-الدار اسمها ظاهريا "دار الشمس"، والمسلسل اسمه "ولاد الشمس"، ومع ذلك فإن الدراما المكتوبة تتحدث عن "وكر" تمارس فيه أنشطة غير مشروعة، أو "سجن" لا يمكن الإفلات منه، بل إنه أقرب إلى مكان مغلق على مآسيه، الظلال ومساحات السواد تحتل مساحات كبيرة في المكان، وعلى الوجوه أيضا، والبشر يبدون أحيانا مثل أشباح، بأنوار شحيحة قادمة من النوافذ، ويتم التصوير أحيانا عكس اتجاه الضوء، فتبدو أجساد الشخصيات معتمة، وسور المكان الذي تطوف حوله الكاميرا يذكرنا بسور السجن، ولا ينقصه إلا أبراج المراقبة.
تركز المعالجة أيضا على فكرة إساءة استغلال السلطة الأبوية، وهي فكرة ثرية جدا، يمكن أن تحمل مجازات كثيرة، كما أنها تحمل في النهاية الأمل بقدرة جيل شاب على تصحيح مساره بنفسه.
لا ننسى الإشادة بالفيلم التسجيلي المميز الذي تم تقديمه بعد الحلقة الأخيرة، ودوره الكبير في دعم الدراما، ومضاعفة تأثيرها، ونلفت النظر هنا بشكل خاص الى جرأة الشهادات في الفيلم التسجيلي، دون تجميل أو تزييف، وهو ما يتسق مع منهج التناول الدرامي في المسلسل أيضا.
" ولاد الشمس" عمل يلامس حدود الواقع المؤلم، منحازا للضحايا، ومدينا للجلادين، ويفتح في الجدار نافذة للأمل والنور والحياة الجديدة، رغم كل المتاعب والآلام.


