بُص في ورقتك !!
لبيت دعوة صديقي الموسيقار الكبير زياد الطويل وذهبت معه للعشاء في أحد مطاعم الزمالك الشهيرة، وفوجئت بصوت ما يناديني يجلس إلى طاولة قريبة من طاولتنا، وبالتدقيق اكتشفت أنه الصديق الفنان التشكيلي والكاتب وجيه وهبه صافحنا بعضنا البعض، ومرَّ أمامي شريط من الذكريات يعود إلى العام 2005 عام تعييني في وزارة الثقافة، والذي كان لوجيه فضل كبير في اتمامه.
فوجيه كان أحد المقربين من الفنان فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك، وفي الوقت ذاته كان وجيه صديقا مقربا من والدي ووالدتي رحمها الله، وقد اكتشف في شخصيتي شيئًا ما لم يلفت انتباهي وقتها، يكمُن في أنني امتلك موهبة الإدارة فكانت كلماته عني للوزير مع ترشيح الدكتور سمير سرحان رحمه الله لهما مفعول السحر وتوليت إدارة قصر السينما بجاردن سيتي، وبدأت مرحلة جديدة في حياتي من خلال مشوار سنوات ومواقع توليتها في هذا الكيان الكبير حتي يومنا في هذا.
جلس معنا وجيه وهبة وتجاذبنا أطراف الحديث وناقشنا قضايا ثقافية وفكرية وكعادته طرح وجهات نظر مغايرة ومختلفة على كل موضوع طرحناه، وفي لحظة تجلي وجه وجيه كلامه للطويل وقال له نصًا وهو يشير إليَّ: «عارف ليه الراجل ده نجح في تجاربه بالوزارة ؟» وكانت المفاجأة: «لأنه سمع بنصيحتي وبَص في ورقته وماشغلش باله بغيره ولا شغل نفسه بهجوم واستفزاز كتير تَعَّرض له».
تأملت كلمات الرجل المخضرم وما تحمله من معاني وإشارات وبالفعل مسألة الانشغال بأوراق الغير لا تجني ثمارا حسنة بل لا تجني ثمارًا من الأساس، والتجارب عديدة وتخطي الأفراد مرورا بالمؤسسات والوزارات والدول نفسها !! بُص في ورقتك يحتار عدوك فيك، بُص في ورقتك ولا تشتت تركيزك من أجل إتمام المهمة، بُص في ورقتك حتي لا تتشتت رؤيتك وتتأخر نتائجك وتُفسد خططك، بُص في ورقتك تعبير بسيط ويبدو سهلًا إلا أن تنفيذه وتطبيقه على أرض الواقع يحتاج إلى إرادة وإصرار وقناعة ومن قبلهم تصالح مع النفس ورضا تاااااااام.
بُص في ورقتك كما قالها المخضرم وجيه وهبة قبل أن تهلك نفسك، وتصبح مجرد واحد من البصاصين…


