الخميس 12 يونيو 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

حتى لا ننسى 30 يونيو ضرورة حتمية

الثلاثاء 10/يونيو/2025 - 11:34 ص

نقترب من ذكرى ثورة 30 يونيو، تلك الأيام التي انتفضت فيها جموع الشعب المصري ضد جماعة الإخوان المتغطرسة، ورفضت حكم المرشد وتابعه في قصر الاتحادية، وهتفت ارحل، ويسقط يسقط حكم المرشد، وأقسمت أنها لن تعود إلا بعودة وطنها إلى أحضانهم.


كان حكم الإخوان عامًا مليئًا بالمآسي والقهر والصخب، لم يستسلم فيه المصريون، ولم يتوقفوا عن المطالبة بحماية وطنهم، من جماعة لا تعرف قيمة الوطن والمواطنة، من رئيس تخلّى عن كل وعوده بأن يكون رئيسًا لكل المصريين، فكان رئيسًا لجماعته، وسعى إلى أَخْوَنة الدولة، وتفكيكها للسيطرة على مفاصلها كاملة، دخل في عداء مع جميع المؤسسات، وتعدى على الدستور والقانون.

أكتب هذا الخطاب إلى صديق قرر مقاطعتي وقت سقوطهم إلى تلك اللحظة، واتهمني بأن يدي ملوثة بالدماء، وأنني وقفت ضد رئيس شرعي جاء بصندوق الانتخابات.


أتمنى أن يرى هذا المقال، لأذكره ببعض خطاياهم، وأننا لم نكن يومًا ضد الشرعية، وأن الشرعية تُستمد من الشعب، وأننا رضخنا لحكم الصندوق، لكن إن انتهك هذا الحق، فمن حق الشعب أن يسحب تلك الشرعية الأصيلة له وفقط.

ولقد تمّت مطالبتهم أكثر من مرة عن طريق الوسطاء والمؤسسة العسكرية، والقوى السياسية المعارضة لسياسته، أن يقبل بالصندوق ويذهب للاستفتاء على شعبيته، أو أن تكون هناك انتخابات رئاسية مبكرة، لتجنب البلاد الفوضى، لكنه كان أصم وأعمى، وكذّب كل من حاول أن يقول له الحقيقة، ولم ينصع إلا لتعليمات المرشد ومكتب الإرشاد.

كانت أولى خطاياه عندما قامت المحكمة بحل مجلس الشعب لعدم دستورية قانون الانتخابات، وعودة سلطة التشريع للمجلس العسكري، فتغوّل على القانون والدستور، وليقوم بإلغاء الإعلان الدستوري المكمّل والذي أصدره المجلس العسكري، ويتجرأ على حكم القضاء، ولم يحترم الدستور والقانون بدعوى ممارسة صلاحياته كاملة.

ثم استغلاله حادث رفح الذي راح ضحيته 16 شهيدًا من أبناء القوات المسلحة، والذي بدا مخططًا له من زبانيته، ليطيح في مهانة بالغة بالمشير طنطاوي والفريق عنان، واللواء مراد موافي، وحمدي بدين، ومحافظ شمال سيناء، وبعض من قادة المجلس العسكري الذين تم نقلهم إلى وظائف أخرى، وهتف الإخوان لقراراته بينما قُبضت قلوب الخائفين على هذا الوطن من تلك التجاوزات في حق قادة الجيش، وكأنهم جاءوا لتصفية الحسابات مع من يقف في طريقهم، مثلما فعلوا مع رئيس الرقابة الإدارية محمد فريد التهامي واتهامه بالتستر على الفساد، والترويج لشائعات تتهم قادة الجيش والمجلس العسكري والمشير على وجه الخصوص بتهم تمس سمعتهم وشرفهم.

هل تتذكر يا صديقي وقت احتفالات مرسي بنصر أكتوبر العظيم؟ غياب قادة أكتوبر لم يكونوا في المشهد، بل كان قتلة السادات، عبود الزمر، وطارق الزمر، متصدري المنصة بجوار مرسي، ووسط غياب قادة الجيش.

لم يكتفِ مرسي بالتعرض للمؤسسة العسكرية وقادتها، بل تعرض للمؤسسة القضائية وأقال النائب العام عبد المجيد محمود، في تعدٍّ صارخ على قانون السلطة القضائية، وأعلنه سفيرًا للفاتيكان، فانتفض رجال العدالة، ورفض النائب العام ترك منصبه، أو قبول منصب السفير، واستخدم الطرق القانونية حتى عاد قبل رحيل مرسي بحكم قضائي إلى منصبه.

وقامت الجماعة بمحاصرة المحكمة الدستورية وعدم السماح بدخول أعضائها لممارسة أعمالهم.


وما زاد الطين بلة هو إعلانه الدستوري المجحف، الذي صدم الجميع ونزل كالصاعقة عليهم، فقد تجبّر وأصبح إمام الديكتاتوريين بما فعل دون أن يُبالي بكل التحذيرات التي نبهته إلى خطر تلك الخطوة، ولكنه كعادته لم يُبَالِ، فكان سببًا لمظاهرات دائمة تطالبه بالعدول عن قراره، حتى وصلت إلى المطالبة بالرحيل.

هل تتذكر وقت التظاهرات أمام الاتحادية؟ كان موقف الشرطة والجيش مشرفًا بعدم قمعهم تلك المظاهرات السلمية، ودفع ثمن مواقفه اللواء الوزير أحمد جمال الدين بإقالته، ودخلت بلطجية الجماعة لتفض المظاهرات بالقوة، تحرق الخيام، وتخطف المتظاهرين، بل وتعاقبهم وتحقق معهم، بعد أن أراقت دماء البعض منهم، في وقاحة وبلطجة لم نجد لها مثيلًا.

لقد وعد مرسي بأن يكون الدستور توافقيًّا بين كل القوى السياسية، لكنه في ليلة سوداء طويلة أمرهم بسرعة إعداد الدستور الذي جاء إخواني الهوى، ثم طرحه للاستفتاء دون الوفاء بوعده، ولم يحدث التوافق الوطني الذي وعد به القوى السياسية.

هل ما زلت تتذكر حصار مدينة الإنتاج الإعلامي، والتهديدات بالقتل والسحق والحرق للمدينة والتعرض لمذيعيها وإرهابهم، ودخول المثقفين والفنانين في اعتصام داخل وزارة الثقافة ضد تعيين علاء عبد العزيز وزيرًا للثقافة، وسط اعتراض من المثقفين لاتهامه بتهم تمس الشرف والأخلاق.

لقد سعت الجماعة دائمًا إلى الاستحواذ على السلطة، وإقصاء متعمد للقوى السياسية المخالفة لمنهجهم، حتى من كانوا حلفاءهم لم يسلموا من بطشهم والتشهير بهم، فاستقال غالبية مستشاري الرئيس، ولم يتوقف نهجهم القائم على الترهيب والتهديد والتشهير بكل من يخالفهم، فدخلوا في صدامات كما ذكرت لك مع المؤسسة العسكرية، ووزارة الداخلية والتدخل السافر في عملها بدعوى إعادة هيكلتها، والاعتداء على مقرات أمن الدولة، ووصل إلى محاولة التدخل في جهاز المخابرات العامة، والتشهير بهم أنهم من يقودون البلطجية في الميادين ضد حكمهم، وانتهاك المؤسسة القضائية، واتهام القوى السياسية المشكلة لجبهة الإنقاذ بالخيانة والعمالة بل والتكفير، وتوغّلوا في انتهاك الدستور والقانون، ونجحوا في تضخيم الانقسام المجتمعي، وأصبحنا شعبًا وأنتم شعب آخر.

يا من كنت صديقي ولم تُصغِ لصوت العقل، لقد نجحت الجماعة في استغلال الدين في التفرقة بين أفراد الأسرة الواحدة، بل بين الآباء والأبناء، بل نجحوا في صنع عداء مع الشعب الذي ملّ وعودهم، ولم يعد يصدق تصريحاتهم، وعاش في وضع اقتصادي سيئ، ولم تستطع الحكومة الإخوانية الوفاء حتى في توفير العيش الكريم للمواطنين، وتركته في صراع على رغيف الخبز، وأزمات لا تنتهي من السولار، والبنزين، والكهرباء، والبطالة، وانهيار الجنيه، وتوقف عجلة الإنتاج، وهروب الاستثمارات، نظرًا للظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها البلاد، واستمرار المظاهرات والاعتصامات، والدخول إلى حالة فوضى دائمة، صنعها عناد مكتب الإرشاد ومندوبهم في الاتحادية.

لقد كانت 30 يونيو ضرورة حتمية لعودة الوطن إلى هويته الحقيقية، واسترداده من جماعة تآمرية، سعت إلى تقويض الوطن، وهدم مؤسساته، وتفكيك ترابطه، ومعاناته تحت وضع اقتصادي صعب، وفوضى أمنية جعلت الكثيرين يهاجرون هربًا من مصير سيئ، من قتلة وضعت قائمة بالاغتيالات لمن يقف في طريقهم.

هل يكفيك هذا؟ فقد كان عامًا كل لحظة فيه بها مآسٍ، وأحداثه كثيرة لا تنتهي، فكان لا بد من تمرد لمواجهة تجبر، ليصدح الشعب الثائر بالحق وينتصر على الباطل، فقد كذبت أعينكم الملايين بالشوارع، وما زلتم تعاندون، فاعلموا أن زمانكم قد انتهى بغير رجعة.
وأتذكر في نهاية خطابي قول الراحل الكبير محمد حسنين هيكل عندما قال: إن كان مبارك قد جرف مصر، فمرسي قد عراها، وتجاوز حدود الأمن القومي.

تحية مجد وشرف لأحرار ثورة 30 يونيو.

تابع مواقعنا