ربك خالق مش مخلوق
الله سبحانه وتعالى هو الخالق الوحيد في الكون على مر الزمان وبكل العصور السابقة منها والآتية ولا جدال أو نقاش في هذه الحقيقة الواقعة وعدا ذلك فالكل مخلوقات؛ والله سبحانه وتعالى أرسل للبشرية الأنبياء والرسل وأنزل الكتب السماوية وعبدته وأطاعته بلايين ومليارات الكائنات وهو سبحانه ليس في حاجة لأحد ما كان بل إن العكس تمامًا هو الصحيح فالجميع دون استثناء يحتاجون إليه دائمًا وأبدًا.
كتبت هذه المقدمة المختصرة فقط من أجل تذكير (البعض) أنهم مخلوقات مثلنا يخطئون ويصيبون ويجتهدون من أجل المعرفة يأكلون ويشربون ويمرضون ويموتون بل وما هو أكثر من ذلك أنهم يدخلون مثلنا تماما إلى دورات المياه ويقضون حاجاتهم!!.
فوجئتُ مؤخرًا بحملة شعواء ضد المطرب أحمد سعد، الذي أدى مؤخرًا فريضة الحج وسط صخب إعلامي صاحبه جدل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، جعلني أتشَكك للحظات أن من أدى فريضة الحج ليس المطرب أحمد سعد، وإنما أبو لهب ذاته عاد من جديد وأعلن إيمانه. !!
لماذا كل الأخبار التي نُشرت تضمنت عبارة توبة أحمد سعد !!!؟ الموضوع باختصار كالآتي: ( رجل مسلم قام بفريضة الحج وصادفه مقابلة مجموعة من الدعاة فصاحبهم أو صاحبوه في (الدعوة) وأعلن ندمه على رسم الوشم)، إلى هنا كل الأمور على ما يرام؛ ما دخل التوبة بحج الرجل وإزالة الوشم؟؟ ماذا فعل سعد بغنائه كي يتوب؟!
لماذا الإصرار الشديد من جانب السادة الدعاة (مدفوعي الأجر) على الدعوة إلى تحريم الفن!؟ ومن وكَّل هؤلاء لينوبوا عن العليم القدير في الأرض ليحّرموا الفن ويحّرموا المعايدة على المسيحيين في أعيادهم ويحّرموا المصافحة ويحّرموا الزمالة ويحّرموا الحب ويحّرموا الكرة ويحّرموا العمل ويحّرموا حضن الأم لابنها ويحرّموا حب المواطن لجيشه وشرطته وقضاءه وحاكمه ويحرّموا التماثيل والصور والآثار ويحّرموا العيشة واللي عايشينها !؟!؟.
الفن جميل، والفنان أصبح فنانًا بنعمة الموهبة التي منحَه الله تعالى إياها، والفنان مكانه الطبيعي شاشات التلفاز والسينما والمسرح، بينما أماكنكم أيها المُحرِّمون ليست بهذه الأماكن بالمرة كما هو سائد منذ سنوات؛ أنت شيخ أو قس أو حاخام، ولك احترامك ولزيك قدسيته، لكنك يا عزيزي مخلوق مثلنا من صنيعة الخالق العظيم الواحد الأحد، ولا يحب أبدًا أن تُحرِّم أو تُكفِّر أحدًا، باختصار لأنها ليست من اختصاصاتك؛ والزي الذي ترتديه لا يمنحك أبدا حق الألوهية ومفاتيح الجنة والنار ليست معك فهي بيد الله تعالى وحده عالم الغيب.
أخيرًا وليس آخرًا: ما دفعني لكتابة السطور السالفة هو تجرؤ أحد الدعاة على مطرب أقام فريضة الحج ( بمحض إرادته ) ولمجرد أنه عاد لعمله بعد انتهاء المناسك هاجمه الداعية وأوشك على تكفيره بفزاعة التحريم للغناء والفن !!.
أخيرًا: لا أعلم لماذا قفزت إلى أذني الآن تلك الأنشودة الخالدة ( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ) التي تغنت بها الأمة الإسلامية بمناسبة قدوم سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وكانت السيدات والأطفال يدقون الدفوف بالمناسبة !!.
إلي بعض دعاة التحريم ؛ استفيقوا واعلموا أن الله سبحانه وتعالى خالق وليس بمخلوق وأنكم مخلوقات مثلنا تماما فلا داعي أيها الداعي لتقمص دور الخالق لمجرد أنك ارتديت الزي وخرجت علينا من شاشة او انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي؛ وتذكروا موقف الأزهر الشريف الحريص للغاية في مسائل التحريم والتكفير ولا أتصور أن هناك سلطة دينية في الإسلام تعلوا على صوت الأزهر الشريف صاحب الأفكار والمبادئ والرؤية الصحيحة بعيدًا عن الفرقعات الإعلامية والتلميع إياه والنجومية الزائفة.


