تقارير: إيران تواجه أخطر أزماتها منذ حربها مع العراق
تعيش إيران لحظة مفصلية في تاريخها، توصف بأنها الأخطر منذ الحرب العراقية - الإيرانية في الثمانينيات، فمع تعرض طهران لهجمات جوية مكثفة من إسرائيل، تشير التحليلات بحسب تقرير نُشر في صحيفة فايننشال تايمز، إلى أن النظام في طهران بات هشًّا ومعرّضًا للانكشاف، على غرار النظام العراقي في الفترة ما بين 1991 و2003، عندما بدا صدام حسين مسيطرًا ظاهريًا، بينما كانت الدولة منهارة من الداخل.
الحرب بين إسرائيل وإيران
وفي مقارنة تاريخية، بعد أن جرّ صدام حسين القيادة الإيرانية إلى حرب عام 1980، خاضت طهران صراعًا دام ثماني سنوات بجيش تقليدي يعاني الفوضى، ودعم خارجي محدود، وقد اضطر النظام الإيراني حينها لاستجداء أبسط الإمدادات من حلفائه القلائل، إلى أن قبِل آية الله روح الله الخميني شرب كأس السم معلنًا وقف إطلاق النار في 1988.
وحسب التقرير الذي نشرته صحيفة فايننشال تايمز، يبدو الآن أن الجمهورية تواجه تهديدًا وجوديًا جديدًا، مع تعرضها لقصف إسرائيلي غير مسبوق يستهدف البنية التحتية العسكرية والنووية، وقيادة الحرس الثوري، وسط اختراقات استخباراتية عميقة.
وتقول سانام واكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، إن هذه "اللحظة الأهم في حكم آية الله علي خامنئي"، مشيرة إلى أن المرشد البالغ من العمر 86 عامًا يواجه أكبر اختبار منذ توليه السلطة عام 1989، وأضافت: "الأولوية الآن هي بقاء النظام.. هم يرون أنفسهم كداود في مواجهة جالوت، والبقاء وحده يُعد نصرًا".
ووفق التقارير، نجحت إسرائيل خلال أيام في اغتيال قيادات عليا في الحرس الثوري، وضرب مواقع نووية، وشلّ منظومة الدفاع الجوي الإيراني، وصولًا إلى إعلان السيطرة الجوية الكاملة على سماء طهران، وتشير وزارة الصحة الإيرانية إلى مقتل أكثر من 200 مدني جراء الغارات.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي قصفه لمقر فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري، وتدمير قواعد إطلاق صواريخ، ما أضعف قدرة إيران العسكرية بشكل غير مسبوق.
وبحسب محللين، تبدو طهران اليوم أضعف من أي وقت مضى منذ عقود، خصوصًا مع تصاعد النقمة الشعبية داخلها بسبب سنوات من القمع والركود الاقتصادي والعقوبات، الأمر الذي فاقم هشاشة النظام داخليًا. ومع ذلك، دفع القصف الإسرائيلي حتى بعض معارضي النظام إلى تأجيل مطالبهم السياسية لصالح قضية الأمن القومي.
ورغم استثمار إيران طويل الأمد في برنامجها النووي، يتساءل البعض عن سبب فشله في ردع الهجوم، بينما يرى محللون أن بقاء النظام لا يتوقف على القنابل الإسرائيلية فقط، بل على الديناميكيات الداخلية، في ظل غياب بديل حقيقي للنظام سواء في الداخل أو الخارج.
ويقول محمد عطريانفر، سياسي إصلاحي وسجين سابق: لا يوجد بديل قابل للتطبيق... الإصلاح الداخلي هو السبيل الوحيد، في وقت تعتبر فيه المعارضة في الداخل مفككة، والمعارضة في المنفى غير شعبية.
ويرى علي واعظ، الخبير في الشأن الإيراني بمجموعة الأزمات الدولية، أن "النظام لن ينهار كما حصل في العراق 2003، بل قد يتحول إلى كيان مجوّف كما كان حال بغداد بعد 1991".
ويضيف: لا خيارات جيدة أمام النظام سوى الاستمرار في تبادل الضربات، على أمل زعزعة الأسواق العالمية وإجبار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وقف الدعم لإسرائيل.
وعقب الضربات الإسرائيلية، سارعت إيران إلى الرد بإطلاق صواريخ باليستية، بعضها أصاب مناطق إسرائيلية استراتيجية مثل مجمّع دفاعي في تل أبيب، ومنشآت طاقة في حيفا. وأعلنت إسرائيل عن مقتل 23 مدنيًا في هذه الهجمات.


