لا مجال للتراخي يا أهلي
في ليلة كروية لا تقبل القسمة على اثنين، يصطدم النادي الأهلي اليوم مع بالميراس البرازيلي في واحدة من أشرس مواجهات كأس العالم للأندية، وسط طموحات كبيرة تعانق السماء لتحقيق فوز طال انتظاره.
ورغم الأداء الراقي الذي قدّمه الأهلي أمام إنتر ميامي، خاصة في شوط أول أذهل فيه الجميع بفنيات عالية وانضباط تكتيكي يليق بـ"نادي القرن"، فإن صفارة النهاية لم تحمل معها الفرحة، بل كشفت عن جانب آخر أكثر قسوة، تمثل في حفلة "جلد إلكتروني" مارسها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بحق اللاعبين والجهاز الفني.
فبدلًا من التحليل المنطقي والتقييم الموضوعي، انحدر البعض إلى مستوى من السخرية والتنمر لا يليق بجمهور يُفترض أنه يناصر فريقه في السراء والضراء، البعض تناسى أن الأهلي ليس ناديًا محليًا يخوض مباراة دوري، بل هو ممثل رسمي للكرة المصرية والعربية في المحافل العالمية، وواحد من أضلاع المثلث الذهبي لأكثر الأندية مشاركة وتأثيرًا في تاريخ كأس العالم للأندية.
لغة الأرقام لا تكذب
من يتحدثون بلغة "التريندات" عليهم أن يراجعوا دفتر الأرقام؛ الأهلي شارك في البطولة 9 مرات (بما فيها نسخة 2025)، حقق 3 ميداليات برونزية في أعوام 2006، 2020، 2021، وخاض 22 مباراة مونديالية، فاز في 8، وتعادل في 3، وخسر 11، متفوقًا على معظم أندية آسيا وأمريكا الشمالية في سجل الحضور والنتائج.
فهل يُعقل أن يتحول فريق بهذا التاريخ إلى مادة لـ"ميديا" والتعليقات الساخرة؟ هل يُعقل أن يتحول الحُكم على فريق إلى "ترند" لمدة 24 ساعة يُحدد فيه مصير لاعبين ومدربين وجماهير؟
الجمهور بين الوفاء والعقوق
كما هناك أبناء عاقون، هناك أيضًا جماهير لا تليق بكيان بحجم الأهلي؛ السخرية والشماتة والتهكم لم تكن يومًا من سمات جمهورٍ واعٍ، بل هي من خصال المتربصين الذين ينتظرون لحظة إخفاق ليبصقوا سمومهم الخبيثة.
الأهلي لا يحتاج من يحكم عليه من خلف الشاشات، بل يحتاج لمن يقف خلفه في الميدان، يُشجع ويُحفز ويُؤمن أن كل مباراة لها ظروفها، وكل بطولة لها طقوسها، وأن طريق المجد لا يُفرش بالورود، بل بالعزيمة والإصرار والمجهود.
الرد سيكون في الميدان
المعركة لم تنتهِ، واليوم يملك الأهلي فرصة جديدة ليُخرس كل الألسنة، لا بالكلام بل بالأداء والنتيجة.. المباراة أمام بالميراس ليست مجرد مواجهة كروية، بل معركة شرف كروي تُثبت فيها القلعة الحمراء أنها ما زالت تُرعب الكبار، وتُلهم القارة، وتُسكت المشككين.
رسالتي للاعبين: لا مجال للتراخي.. أنتم تمثلون أمة، وتحملون اسمًا أثقل من أن يهتز بـ"بوست" أو "تغريدة".
رسالتي للجماهير: من لا يدعم فريقه في لحظة ضعف، لا يستحق لحظة انتصار، والكلمة الأخيرة والفيصل في تاريخ الشياطين الحمر في الملعب.


