مشروع قانون الإيجار القديم وشبهة عدم الدستورية
تقدمت الحكومة فى السابع عشر من يونيو بمشروع قانون لتعديل قوانين إيجارات الأماكن الاستثنائية المعروفة إعلاميًا بقانون الإيجار القديم، وكان من المفترض أن يكون مشروع القانون منصفًا لفئة من المواطنين عانت من بخس حقوقها فى أملاكها لمدة 78 سنة منذ صدور القانون 121 لسنة 1947.
وأثبت حكم المحكمة الدستورية فى القضية 24 لسنة 20 دستورية، والصادر فى جلسة 9 نوفمبر لسنة 2024، أنها قوانين ظالمة تمثل عدوانًا واضحًا على قيمة العدل وإهدارًا أكيدًا لحق الملكية.
ولكن للأسف جاء مشروع القانون مجحفًا بحقوق الملاك وبه شبهة عدم دستورية فى جزئية تقدير القيمة الإيجارية، حيث إن حكم المحكمة الدستورية الأخير طالب المشرع بأن تكون القيمة الإيجارية مبنية على أسس موضوعية، وأن يفاضل المشرع بين البدائل المتاحة استنادًا إلى الدراسات والإحصائيات. كما ذكر الحكم أن سبب عدم دستورية تثبيت الأجرة هو عدم تعديلها تماشيًا مع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية للقيمة الإيجارية.
لذلك أطرح هنا بعض الأرقام الرسمية لكى تساعد المشرع فى تحديد قيمة إيجارية عادلة لا تبخس من حق المالك مجددًا.
حسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء:
• فى التعداد العام لسنة 2017 كان هناك 4 ملايين وحدة سكنية مغلقة و9 ملايين وحدة سكنية خالية، أى أن أزمة الإسكان انتهت وزالت مبررات القوانين الاستثنائية، ومقابل كل أسرة مقيمة إيجار قديم فى مصر يوجد 8 وحدات سكنية خالية أو مغلقة جاهزة للسكن.
• حسب نشرة الإسكان فى 2023 جدول رقم 1، فيه متوسط تكلفة الوحدة مليون و90 ألف جنيه، ويختلف على حسب نوعية البناء، ويمكن أن تكون القيمة الإيجارية السنوية 7% من قيمة الوحدة، وبالتالى القيمة الإيجارية الشهرية يجب أن تتراوح حول 6360 جنيهًا (ستة آلاف وثلاثمائة جنيه شهريًا).
• بمقارنة القيم الإيجارية لوحدات الإيجار القديم فى محافظة القاهرة بين تعداد 1996 و2017، يتضح أنه فى تعداد 1996 كان هناك 31 ألف وحدة إيجارها يتعدى 100 جنيه شهريًا، ولكن فى تعداد 2017 زاد الرقم وأصبح هناك 248 ألف وحدة إيجارها يتعدى 100 جنيهًا شهريًا، ولكن لم تحدث أى زيادة فى القيمة الإيجارية القانونية خلال هذه الفترة، مما يدل على أن بعض هذه الوحدات هي عقود إيجار جديد 59 سنة اصطلح على تسميتها مجازًا إيجار قديم، أو قد تتضمن هذه القيمة الإيجارية مصاريف أخرى كأجرة البواب والصيانة. فى جميع الأحوال لا يمكن الاعتماد على القيمة الإيجارية من تعداد 2017.
• حسب التعداد العام لسنة 1996:
القيمة الإيجارية الوسيطة على مستوى الجمهورية هى 18 جنيهًا
10 % من الوحدات السكنية فى محافظة القاهرة إيجارها القانوني أقل من 4 جنيهات شهريًا
34 % من الوحدات السكنية فى محافظة القاهرة إيجارها القانوني أقل من 10 جنيهات شهريًا
45 % من الوحدات السكنية فى محافظة القاهرة إيجارها القانوني أقل من 15 جنيهًا شهريًا
82 % من الوحدات السكنية فى محافظة القاهرة إيجارها القانوني أقل من 50 جنيهًا شهريًا
• نصيب الفرد من الدخل القومى تضاعف 1566 مرة منذ عام 1960 حتى نهاية عام 2024، بينما تضاعفت الأسعار 502 مرة فقط منذ عام 1960 حتى نهاية عام 2024، أى أن متوسط الدخل زاد 3 مرات أكثر من زيادة الأسعار، وفى حالة مضاعفة الإيجار حسب الجدول لن تمثل عبئًا على المواطنين وستمثل ثلث العبء الذي مثلته عام 1960
• أما عن معدل التضخم التراكمي الرسمي من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حتى نهاية 2024 فهو:
منذ العام 1960 الأسعار تضاعفت 502 مرة
منذ العام 1965 الأسعار تضاعفت 490 مرة
منذ العام 1970 الأسعار تضاعفت 382 مرة
منذ العام 1975 الأسعار تضاعفت 302 مرة
منذ العام 1980 الأسعار تضاعفت 182 مرة
منذ العام 1985 الأسعار تضاعفت 88 مرة
منذ العام 1990 الأسعار تضاعفت 37 مرة
منذ العام 1995 الأسعار تضاعفت 19 مرة
• أما ما قبل عام 1947 فقد ورد فى كتاب شرح قانون إيجار الأماكن للدكتور سليمان مرقص أستاذ ورئيس قسم القانون المدنى بجامعة القاهرة، الطبعة التاسعة، صفحة 6، أن تقرير لجنة العدل بمجلس الشيوخ أثناء مناقشة القانون 121 لسنة 1947 ذكر أن ما بين عامى 1941 و1947: الأسعار تضاعفت 3-4 مرات
• وما بين عامى 1947 و1965: فقد تم تخفيض القيمة الإيجارية إلى النصف
• إجمالى خسارة مالك لوحدة سكنية واحدة بعقار تم بناؤه عام 1960 هى 2،264،061 جنيهًا، وذلك نتيجة لتثبيت الإيجار لعقود طويلة وعدم تعديله بما يناسب انخفاض القوة الشرائية للجنيه
• إجمالى قيمة ما تحصله المالك منذ تاريخ الإنشاء حتى اليوم حسب القوة الشرائية للجنيه المصرى فى سنة البناء لعقار فى القاهرة شرع فى بنائه سنة 1967 وانتهى بناؤه وسكن وتم تقدير إيجاره سنة 1968، المالك استرد 81.52% من رأس ماله فقط، وذلك بعد 56 سنة، وذلك دون حساب أى مصاريف ودون تحقيق أى أرباح
فى النهاية، أتمنى أن يصدر قانون يقدر القيمة الإيجارية خلال الفترة الانتقالية بناءً على أسس موضوعية كما طالبت المحكمة الدستورية، وليس أرقامًا اعتباطية يشوبها عدم الدستورية.


