الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

فشل الأهداف المعلنة والسرية.. نتائج 12 يومًا من المواجهات الإسرائيلية- الإيرانية

الحرب بين إسرائيل
سياسة
الحرب بين إسرائيل وإيران
الأربعاء 25/يونيو/2025 - 10:54 ص

قبل التهدئة الهشة، التي أعلنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اندلعت الحرب المباشرة الأولى بين إسرائيل وإيران في سياق إقليمي مشحون، حيث سعت إسرائيل إلى تحقيق أهداف معلنة تمثلت في القضاء على التهديد النووي الإيراني وقدراتها الصاروخية الباليستية، بينما راهنت سرًا على انهيار النظام الإيراني عبر هجوم مركب ومباغت بدعم أمريكي في عهد ترامب.

الحرب بين إسرائيل وإيران 


واستمرت الحرب 12 يومًا فقط، لكنها كشفت عن تحولات استراتيجية عميقة في موازين القوى، حيث فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة والسرية، بينما نجحت إيران في فرض توازن ردع غير مسبوق، مما أعاد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة.


الأهداف الإسرائيلية

 

منذ البداية، صيغت الأهداف الإسرائيلية المعلنة بدقة لتبرير الحرب أمام المجتمع الدولي، وكان التهديد النووي الإيراني، الذي طالما روجت له إسرائيل كخطر وجودي، الهدف الأبرز، واستهدفت العمليات العسكرية الإسرائيلية مواقع نووية إيرانية حساسة، بما في ذلك منشآت تخصيب اليورانيوم ومراكز أبحاث متقدمة.

وسعت إسرائيل إلى تدمير ترسانة الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي باتت تشكل تهديدًا مباشرًا بفضل دقتها المتزايدة ومداها الطويل، لكن النتائج على الأرض كانت مخيبة، إذ أظهرت إيران قدرة دفاعية متطورة، حيث نجحت أنظمتها المضادة للصواريخ في اعتراض نسبة كبيرة من الضربات الإسرائيلية. 
وأثبتت مرونة برنامجها النووي، الذي يعتمد على منشآت تحت الأرض وتوزيع جغرافي للمواقع الحساسة، مما جعل تدميره بالكامل أمرًا شبه مستحيل في إطار زمني محدود، فالصواريخ الباليستية الإيرانية، بدورها، لم تتأثر بشكل جوهري، حيث أطلقت إيران خلال الحرب رشقات صاروخية دقيقة استهدفت أهدافًا عسكرية إسرائيلية، مما عزز صورتها كقوة لا يمكن تجاهلها.

نجاح إيراني

في المقابل، نجحت إيران في تحقيق ما يمكن وصفه بـ"توازن الردع"، وهو إنجاز استراتيجي غير مسبوق في تاريخ الصراع مع إسرائيل، ولم تقتصر إيران على الدفاع عن أراضيها، بل دخلت في مواجهة مباشرة، حيث أظهرت قدرة على الرد السريع والمؤثر، وخلال الـ12 يومًا، تبادل الطرفان الضربات بشكل مكثف، لكن إيران تمكنت من الحفاظ على تماسك بنيتها العسكرية والسياسية.

وهذا التوازن لم يكن عسكريًا فقط، بل امتد إلى البعد النفسي والسياسي، فقد أثبتت إيران للرأي العام الإقليمي أنها قادرة على مواجهة إسرائيل، القوة العسكرية الأبرز في المنطقة، دون أن تنهار، وهذا الإنجاز ساهم في إنهاء الحرب سريعًا، حيث أدركت إسرائيل وحلفاؤها أن استمرار الصراع قد يؤدي إلى استنزاف أكبر دون تحقيق اختراق استراتيجي.

الأهداف السرية

على صعيد الأهداف السرية، كانت إسرائيل تعول على دعم إدارة ترامب لشن هجوم يهدف إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني. استندت هذه الاستراتيجية إلى فرضية أن هجومًا مركبًا، يجمع بين الضربات الجوية والسيبرانية والاقتصادية، سيخلق حالة من الصدمة تؤدي إلى انهيار النظام من الداخل.

وكانت المراهنة تعتمد على وجود ضعف هيكلي في إيران، سواء بسبب الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات أو الاستياء الشعبي من الأداء الحكومي، لكن هذه الفرضية سرعان ما تبددت خلال ساعات من بدء الهجوم، أظهر النظام الإيراني قدرة استثنائية على امتصاص الصدمة، وتمكنت القيادة الإيرانية من حشد الموارد بسرعة، وتنشيط دفاعاتها، والدخول في حرب استنزاف مفتوحة.
هذا التحول أربك الحسابات الإسرائيلية-الأمريكية، حيث لم تتوقع إسرائيل أن يتمكن النظام الإيراني من استعادة توازنه بهذه السرعة بدلًا من الانهيار، وعززت الحرب من تماسك النظام، حيث استغلها لتعبئة الدعم الداخلي وتصوير الصراع كحرب دفاعية ضد العدوان الخارجي.

الضغوط الداخلية

في الولايات المتحدة، لعبت الضغوط الداخلية دورًا حاسمًا في إنهاء الحرب، مع تصاعد التكاليف البشرية والاقتصادية، وتزايد الانتقادات لتورط إدارة ترامب في صراع غير محسوب، بدأت الأصوات الداخلية تطالب بوقف العمليات العسكرية.

كانت الولايات المتحدة، التي قدمت دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا لإسرائيل، تواجه تحديات داخلية، بما في ذلك الاستقطاب السياسي ومعارضة الكونجرس لتوسيع الصراع، هذه الضغوط دفعت إدارة ترامب إلى إعادة تقييم موقفها، مما أدى إلى قرار وقف الحرب بعد 12 يومًا، وهذا القرار عكس إدراكًا أمريكيًا بأن استمرار الصراع قد يؤدي إلى تعميق الأزمة دون تحقيق أهداف ملموسة.

تداعيات عميقة

وتحمل هذه الحرب تداعيات عميقة على المشهد الإقليمي والدولي، فبالنسبة لإيران، عززت الحرب من موقعها كقوة إقليمية صاعدة نجاحها في فرض توازن ردع أمام إسرائيل قد يشجعها على تعزيز تحالفاتها مع أطراف مثل حزب الله وحركات المقاومة في العراق وسوريا.

وتدفع هذه الثقة الجديدة إيران إلى تسريع برامجها العسكرية، بما في ذلك تطوير صواريخ أكثر دقة وأنظمة دفاع جوي متقدمة، وفي الوقت ذاته، قد تستغل إيران هذا الإنجاز لتحسين صورتها في العالم الإسلامي، حيث قدمت نفسها كقوة تقاوم الهيمنة الإسرائيلية-الأمريكية.

أما بالنسبة لإسرائيل، فإن فشلها في تحقيق أهدافها يمثل تحديًا استراتيجيًا كبيرًا، فقد تجد نفسها مضطرة لإعادة بناء استراتيجياتها العسكرية، مع التركيز على تحسين دفاعاتها ضد الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي أثبتت إيران تفوقها في استخدامها.

كما قد تسعى إسرائيل إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية، خاصة مع دول الخليج، لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد، وعلى الصعيد الداخلي، قد تواجه الحكومة الإسرائيلية انتقادات حادة بسبب سوء تقديرها لقدرات إيران، ما قد يؤدي إلى تغييرات سياسية أو إعادة تقييم للقيادة العسكرية.

مغامرات عسكرية

في السياق الأمريكي، كشفت الحرب عن حدود التزام الولايات المتحدة بدعم المغامرات العسكرية الإسرائيلية، فالضغوط الداخلية التي أدت إلى إنهاء الحرب تشير إلى أن إدارات مستقبلية قد تكون أكثر حذرًا في تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل في صراعات مماثلة، هذا قد يدفع الولايات المتحدة إلى السعي لتفعيل قنوات دبلوماسية لاحتواء التوترات مع إيران، ربما عبر إحياء مفاوضات الاتفاق النووي أو صيغ تفاهم جديدة.

وعلى المستوى الإقليمي، قد تؤدي الحرب إلى فترة من التهدئة الحذرة، حيث يسعى الطرفان إلى إعادة تقييم استراتيجياتهما، لكن هذه التهدئة قد تكون مؤقتة، إذ يحمل المشهد بذور تصعيد محتمل، فإيران، التي خرجت من الحرب بثقة متزايدة، قد تتبنى سياسات أكثر جرأة في دعم حلفائها أو مواجهة خصومها.

في المقابل، قد تلجأ إسرائيل إلى عمليات سرية أو هجمات محدودة لاستعادة هيبتها العسكرية. هذا التوتر المستمر قد يجعل المنطقة عرضة لجولات جديدة من الصراع إذا لم تتدخل قوى دولية لاحتواء الأزمة.

وكشفت الحرب الإسرائيلية- الإيرانية عن تحولات عميقة في تفاعلات القوى الإقليمية، فإيران، التي نجحت في فرض توازن ردع وصمود أمام هجوم مركب، عززت موقعها كلاعب لا يمكن تجاهله. إسرائيل، التي فشلت في تحقيق أهدافها، تواجه تحديات استراتيجية وسياسية معقدة.

الولايات المتحدة، بدورها، أظهرت حدود التزامها بالصراعات الإقليمية، مما قد يعيد تشكيل تحالفاتها في المنطقة. هذا المشهد المعقد يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة لمنع الانزلاق إلى دوامة صراع جديدة، مع ضرورة إدراك أن توازن القوى الجديد قد يفرض واقعًا إقليميًا مختلفًا لسنوات قادمة.

تابع مواقعنا