أمين الفتوى: الهجرة النبوية دعوة مستمرة إلى النور والارتقاء.. وليست مجرد ذكرى
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الهجرة النبوية ليست مجرد حدث تاريخي نحتفي به كل عام، بل هي نقطة تحوّل روحية يمكن أن تتجدد داخل الإنسان في كل مرحلة من حياته، مشددًا على أن المطلوب من كل مسلم أن يحول الهجرة إلى منهج حياة دائم لا يعرف التوقف عند حدود الزمان أو المكان.
الهجرة النبوية دعوة مستمرة إلى النور والارتقاء.. وليست مجرد ذكرى
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تليفزيونية، أن كل نهاية في حياة المسلم يجب أن تكون بداية، وأن الهجرة الحقيقية تبدأ بخطوة أولى يسميها "الانتهاء"، وهي التوبة والانفصال عن كل ما يجعل الإنسان بعيدًا عن جوهر الحياة، من معاصٍ أو قلق أو استسلام للألم، ثم تليها "الابتغاء" لوجه الله تعالى، وهي نية خالصة يعيش بها المسلم حياته، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة وعيون أعدائه مفتوحة، لكنهم لم يروه، لأنه خرج في حالٍ نوراني لا تدركه الأبصار.
وأشار الورداني إلى أن المسلم لا بد أن يصل إلى مرحلة "الاكتفاء" بالله عز وجل، مستشهدًا بقول الله تعالى: "أليس الله بكافٍ عبده؟"، وأن هذه الثقة بالله تمنح المؤمن حالة من السكينة والثبات، ويأتي بعد ذلك "الاقتداء"، وهو السير على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل قول وعمل، فهو النموذج الذي لا يتكرر، والقدوة التي تفتح أبوابًا من الفهم والرضا، ويختم هذا المسار بـ"الارتواء"، حيث يعيش المسلم حالة من الشبع الروحي بالإيمان، والذكر، والعلم، والسكينة في حضرة الله، وهنا تتحول الهجرة إلى نور دائم في القلب والعقل.
وشدد الدكتور عمرو الورداني على أن الهجرة ليست فقط انتقالًا ماديًا، بل معنويًا حقيقيًا، فهي هجرة من الجهل إلى العلم، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن القلق إلى الأمان، ومن الضيق إلى السعة، مؤكدًا أن كل من يتمسك بهذا المعنى يكون قد دخل دائرة النور، وهاجر إلى الله بحق، فالهجرة بداية لا تنتهي، ووجهتنا دائمًا حضرة الرب المعبود.
عمرو الورداني: النبي صلى الله عليه وسلم بنى حضارة تبدأ من التنوير
فيما قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عند وصوله المدينة المنورة هو بناء المسجد، مشيرًا إلى أن ذلك لم يكن مجرد بناء مادي، بل كان إعلانًا أن الدعوة التي جاء بها هي دعوة تنوير.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن المسجد كان رمزًا للهداية والنور، ولم يكن الهدف منه فقط أداء العبادات، بل ليكون مركزًا للحياة، مؤكدًا أن الأرض كلها صارت مسجدًا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، وبالتالي فهناك مفهوم أشمل للمسجد يتجاوز حدود البناء إلى أن يكون الحياة كلها مسجدًا.
وتابع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بتنوير الناس، بل جمعهم على هدف واحد رغم اختلافاتهم، فكان حريصًا على تأسيس مجتمع متماسك يعيش فيه الجميع بسلام.
وأكد أن الرحمة والتيسير كانت من أبرز ملامح النموذج النبوي، حتى في التعامل مع من أساءوا، فلم يكن هدفه تفكيك المجتمع بل الحفاظ على نسيجه باللين والرفق.
وأشار الدكتور الورداني إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبنِ دولة فقط، بل أسس حضارة، حضارة تستوعب كل زمان ومكان، وحياة تنبض بالقيم والمبادئ العالية، مؤكدًا أن المدينة التي أسسها النبي كانت نموذجًا إنسانيًا راقيًا في كل تفاصيلها.
وأكد أن المساجد اليوم يجب أن تعود لدورها الحقيقي، بأن تكون منارات نور ورحمة، تهدي الناس إلى ما فيه الخير والنور والاستقرار.


