الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

"شهيدات المنوفية" والمائة جنيه التي أزهقت أرواحهن!

السبت 28/يونيو/2025 - 10:53 ص

منذ أن وقع الحادث، ومنذ أن رأيت الصور ومقاطع الفيديو... منذ أن رأيت جثث الفتيات البريئات ملقاة على جانب الطريق، وأنا أعجز عن الكتابة. أكتب فأشعر أن كلماتي لا تسعفني، لا تليق بحجم الألم... فأمحوها.

كلما هممت أن أكتب عن وجع أمهاتهن، عن قلوب الآباء التي انكسرت، أجد نفسي متوقفًا أمام سؤال واحد:

كيف كانت أحلامهن؟
هل انتهت قبل أن تبدأ؟
هل كانت حياتهن كلها كابوسًا متنكرًا في صورة أمل؟
هل كان يوم الجمعة بالنسبة لهن يوم راحة، أم موعدًا مع التعب؟
هل تخيلن أن المائة جنيه التي خرجن من أجلها ستكون آخر ما حملنه في هذه الحياة؟

نعم... مائة جنيه فقط، كانت السبب في أن تصعد أرواحهن إلى السماء.
مائة جنيه كانت دافعًا لينزلن إلى العمل مبكرًا، ويقابلن طريقًا لا يرحم... طريقًا يُسمى منذ أكثر من عام بـ"طريق الموت".
لكن الحقيقة أن المائة جنيه لم تكن السبب وحدها...
السبب هو هذا الطريق الذي يلتهم أرواحًا بريئة كل يوم،
السبب قوانين لا تُطبَّق، ومسؤولون لا يرون، لا يسمعون، لا يشعرون.

هل تعرفون ما الذي قُتل؟
قُتل الأمل في عيون صغيرة كانت تحلم...
قُطفت الثمار قبل أن تنضج...
مات الحلم، وماتت الروح، واحترقت القلوب خلفهن.

إحداهن... كانت عروسًا.
تعمل كي تجهز نفسها قبل الفرح بأيام.
قُتلت لأن مجتمعًا كاملًا ألقى على كاهلها مسؤولية تجهيز نفسها، وكأن الزواج صفقة تجهيز لا حياة.
مجتمع لا يرى أن ما نطلبه من بناتنا فوق طاقتهم، بل فوق إنسانيتهم.

أخرى... كانت تحلم أن تدخل سنتها الدراسية وهي تملك "مائة جنيه".
تراها مالًا وفيرًا.
فتاة قتلها الفقر، وقتلها مجتمع غير عادل، لا يرحم، لا يعين، لا ينظر إلا لنفسه.

أنا لا أكتب الآن لأنني أملك كلمات…
أنا أكتب لأنني لا أملك إلا الكلمات.

أنا أسير على هذا الطريق كثيرًا… أرى الحفر، وأرى التريلات، وأرى الإهمال يتجسد في كل متر منه.
فيا معالي وزير النقل، قل لي:
هل استطعت أن تنام في ليلة الحادث؟
لا أطلب منك إجابة… فقط أطلب منك إجراء.
أرجوك، قبل أن تقتل "مائة جنيه" أخرى زهرةً جديدة… حلمًا جديدًا… حياةً أخرى لا ذنب لها سوى أنها فقيرة وتحلم.

تابع مواقعنا