الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

هل أصبحت السينما المصرية ضعيفة لأسباب رقابية؟

محمود علي
مقالات
محمود علي
الإثنين 30/يونيو/2025 - 05:47 م

شاهدت منذ عدة أيام فيلم "كشف المستور" للنجمة الكبيرة نبيلة عبيد، وتدور قصته حول "سلوى شاهين" التي تعمل لفترة في أحد الأجهزة السيادية في فترة مراكز القوى وتستغل جمالها في الإيقاع بالشخصيات المهمة، ثم تعتزل هذا العمل وتتزوج من طبيب شهير وأستاذ جامعي مرموق وتحيا حياة سعيدة، ولكن بعد 20 عامًا يحتاج رئيس الجهاز لخدمة من نفس النوع ويهدد سلوى بشريط قديم حتى تستجيب لطلبه، وبعد محاولات رفض منها ومحاولات ضغط من رئيس الجهاز، ينتهي الفيلم بمقتلها برصاصات أسلحة رشاشة في الشارع أمام منزلها.

ورغم ثقل كاتب الفيلم ومخرجه وهما الأستاذان العظيمان الراحلان وحيد حامد وعاطف الطيب، إلا أن جرأة العمل وطريقة عرضه في عام 1994 وهي فترة اشتهرت بالإرهاب، وخاصة الموجه ضد السياحة، جعلتني اندهش من موافقة الرقابة والأجهزة الأمنية على عرض فيلم بهذه الحساسية وبهذه النهاية خلال ظرف أمني لم تشهده مصر من قبل، خاصة أن طريقة السرد لا تشير إلى حكاية حدثت في عصر "السادات" وانتهت، وإنما سار على دربها نفس الجهاز في نظام "مبارك" أيضا الذي سمح بعرض الفيلم!

ليلة كاملة قضيتها في التفكير في أسباب تمرير هذا الفيلم الجريء سياسيا، صحبها عشرات من الأجوبة التي تمثلت في قوة وحجم الكاتب الكبير الراحل وحيد حامد وتاريخه في كتابة أعمال تفوق جرأتها هذا العمل، وأقواها على الإطلاق "البريء" مع نفس المخرج الراحل عاطف الطيب، أيضا قفزت إلى ذهني إجابة أخرى قد يكون "حامد" و"الطيب" استخدماها لإقناع الرقابة، وهي أن فكرة الفيلم قد تعتمد على "الفانتازيا" أو الخيال وليست هناك حوادث قريبة الصلة تربط الفيلم بالواقع، بالعكس كان الجميع متعاطفا مع أجهزة الدولة بسبب "إرهاب التسعينات".

ثمة إجابة أخرى مقنعة وهي أن وحيد حامد قدم للسينما في نفس العام 1994 فيلم الإرهابي، الذي وضعت الجماعات الإرهابية الزعيم عادل إمام على قائمة الاغتيالات بسببه، وبالتالي ليس هناك شيء يدعو لمنع عرض "كشف المستور" في هذه الفترة، خاصة مع غزارة الإنتاج السينمائي والفني بصفة عامة خلال هذه الحقبة.

إلا أن سببا أقوى وأخطر قفز إلى ذهني وهي أن هذه الفترة لم تشهد وجود "السوشيال ميديا"، صحيح كان الإنترنت موجودًا، لكن لم يكن هناك "فيسبوك" ولا "تويتر" المسمى حديثا بـ "إكس" ولا غيرها من التطبيقات واسعة الانتشار الآن، وربما لو كانت هذه التطبيقات موجودة لكان عرض الفيلم المشار إليه من رابع المستحيلات.

نعم قد تكون "السوشيال ميديا" عائقا كبيرا أمام الموافقة على فيلم جريء سياسيا في الوقت الحالي، خاصة مع الانتشار الكبير للذباب الإلكتروني والكتائب المغرضة، التي لا تهتم بالإبداع ولا بازدهار السينما، وإنما كل هدفها التحريض والتشكيك والبلبلة، وللأسف هي الأكثر تمويلا وانتشارا على السوشيال ميديا، ومن وجهة نظر أي عاقل إذا تعارض الإبداع مع الأمن، فالأمن مقدم بالتأكيد على الإبداع.

قد أتفهم هذا الأمر لبعض الوقت أو لظرف معين، لكن لا أتفهم استمراره مع زوال أسبابه، بمعنى أنه خلال السنوات الحساسة التي لحقت ثورة 30 يونيو 2013 والتي نحتفل بها اليوم وما تلاها من محاربة الدولة للإرهاب، ومواجهة سيل كبير من الشائعات الهدامة، أصبح من الضروري -مؤقتا- تجنب أي أعمال قد يستخدمها "الإخوان" وأعوانهم وكتائبهم في هدم الدولة، لكن الآن وبعد السيطرة الكاملة على هذا الوضع منذ سنوات فلماذا لا تستأنف السينما عملها ونرى أعمالا قوية تهز المشاهد من ناحية وتنبه المسئولين من ناحية أخرى؟

من وجهة نظري أنه لا توجد حاليا أعمال قوية أصلا تنتظر الموافقة الأمنية أو الرفض، لأن مشكلة السينما الآن هي مشكلة ورق، وهذا ما يؤكده كبار الفنانين في كل حواراتهم الصحفية والتليفزيونية، وبالتالي وصلت السينما المصرية إلى هذه الحالة التي لا تحسد عليها.

تابع مواقعنا