الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

من الأهداف العسكرية إلى الأثمان السياسية.. ترامب يُرغم نتنياهو على إعادة ترتيب أولوياته

الأربعاء 02/يوليو/2025 - 08:00 م

في سياق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المستمر، تظهر حكومة بنيامين نتنياهو كمحور للجدل والانتقادات، لا سيما فيما يتعلق بإدارتها للحرب في قطاع غزة والمفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.

تكشف التطورات الأخيرة بحسب مصادر عدة، عن نهج حكومي يتسم بالتردد والمناورة السياسية، مما يعكس أولوية نتنياهو في الحفاظ على بقائه السياسي على حساب تحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الصراع، فما السياسات والمواقف التي اتخذتها حكومة نتنياهو؟، وعلاقتها بالضغوط الداخلية والخارجية؟، وتأثيرها على الأزمة في غزة، والتحديات القضائية والسياسية التي تواجهها حكومة الاحتلال.

منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي واحتجاز 250 أسير - تم الإفراج عن معظمهم - واجهت حكومة نتنياهو انتقادات حادة بسبب ما وُصف بأنه أكبر إخفاق أمني في تاريخ إسرائيل.

هذا الفشل ألقى بظلال كثيفة على شعبية نتنياهو، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تراجعًا ملحوظًا في دعم الجمهور له، مع توقعات بأن يخسر حزب الليكود الذي يقوده عددًا كبيرًا من المقاعد في حال إجراء انتخابات مبكرة.

رغم ذلك، يواصل نتنياهو التمسك بموقفه العسكري المتشدد، معلنًا أهدافًا مثل القضاء التام على حماس، وهي أهداف وصفها محللون بأنها غير واقعية، فيما الخسائر الكبيرة التي تتكبدها إسرائيل والتكلفة الاقتصادية للحرب ستجبر الحكومة عاجلًا أم آجلًا على إعادة تقييم استراتيجيتها.

سياسيًا، تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا داخلية متصاعدة، خاصة من عائلات الأسرى وزعماء المعارضة، الذين يطالبون باتفاق شامل لإطلاق سراح الأسرى المتبقين، والذين يُعتقد أن 20 منهم لا يزالون على قيد الحياة.

تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، التي أكد فيها تحقيق الجيش لأهدافه المحددة وتحذيره من تدهور أوضاع الأسرى، كشفت عن انقسامات داخل المؤسسة العسكرية والسياسية.

هذه التصريحات، التي قوبلت بهجوم من وزراء اليمين المتطرف، تشير إلى محاولة للتمهيد لوقف إطلاق النار، لكن نتنياهو يظل مترددًا، مدركًا أن مثل هذه الخطوة قد تهدد ائتلافه الحاكم، الذي يعتمد على دعم أحزاب اليمين المتطرف مثل حزبي إيتمار بن غفير وبيتسيليل سموتيريتش.

الضغوط الدولية

دوليًا، يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة لإنهاء الحرب، لا سيما من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعرب عن نيته اتخاذ موقف صارم جدًا مع نتنياهو خلال زيارته المرتقبة لواشنطن.

تصريحات ترامب، التي أشارت إلى موافقة إسرائيل على هدنة لمدة 60 يومًا، تعكس رغبة الإدارة الأمريكية في دفع عملية السلام الإقليمي، لكن نتنياهو يبدو متمسكًا باستراتيجية المناورة، فقد أشار إلى أن إسرائيل لن تمضي قدمًا في أي اتفاق دون تلقي قائمة بأسماء الرهائن المفرج عنهم، وهو شرط يعكس محاولته إلقاء المسئولية على حماس في حال فشل المفاوضات. 

هذا النهج يتماشى مع سلوكه السابق، حيث كثيرًا ما قدم عروضًا للأمريكيين تبدو داعمة للسلام، بينما يضع شروطًا صارمة تهدف إلى إفشال الاتفاق.

في غزة، تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية في إلحاق الدمار، حيث أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 56.500 فلسطيني، غالبيتهم مدنيون، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.

تقارير أشارت إلى استمرار إسرائيل في قصف المدنيين حتى خلال الصراع مع إيران، يعكس تجاهلًا للضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.

هذا التصعيد أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث حذرت الأمم المتحدة من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، مع تدمير 95.4% من الأراضي الزراعية في غزة، مما يهدد بمجاعة متفاقمة. 

هذه السياسات العسكرية، التي تُنفذ تحت إشراف نتنياهو، أثارت انتقادات دولية واسعة، بما في ذلك من حلفاء تقليديين مثل الولايات المتحدة، حيث وصف البيت الأبيض مقتل المدنيين بأنه مزعج للغاية ومضر سياسيًا.

تحديات داخلية

على الصعيد القضائي، يواجه نتنياهو تحديات كبيرة تهدد استقرار حكومته، إصراره على تعيين دافيد زيني، المرشح المثير للجدل، على رأس جهاز الشاباك، يعكس محاولته لتعزيز سيطرته على الأجهزة الأمنية.

تصريحات زيني، التي وصفت القضاء الإسرائيلي بـ الديكتاتورية وأكدت خضوع الشاباك لرئيس الحكومة وليس للقانون، أثارت قلقًا واسعًا بشأن تهديد الديمقراطية الإسرائيلية.

هذه الخطوة تأتي في سياق حملة أوسع لنتنياهو ضد المؤسسة القضائية، التي تضمنت محاولات لتقييد استقلاليتها عبر ما يُعرف بـ الإصلاح القضائي. 

الحملة، التي تصاعدت منذ بدء الحرب، شملت استهداف المستشارة القضائية غالي بهرَف-ميئار، وتخويف القضاة من خلال اقتحام نشطاء اليمين لجلسات المحكمة العليا.

تصرفات نتنياهو القضائية، بما في ذلك محاولاته تأجيل محاكمته الجنائية بتهم الفساد، تعكس استراتيجية مدروسة لتعزيز سلطته الشخصية. 

استدعاؤه لرئيس الموساد ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية لتبرير تأجيل استجوابه، على الرغم من موافقة القضاة على تأجيل لأسبوع واحد فقط، يكشف عن محاولته استغلال الأزمات الأمنية لتجنب المساءلة القانونية. 

هذه المناورات، إلى جانب زيارته المرتقبة للولايات المتحدة، التي تزامنت مع تأجيل المحاكمة، تُظهر كيف يستخدم نتنياهو الظروف السياسية والأمنية لتعزيز موقفه الداخلي، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح إسرائيل الأوسع.

نهج متشدد

في المفاوضات مع حماس، تظهر حكومة نتنياهو نهجًا يتسم بالتشدد والمماطلة، على الرغم من تقدم المحادثات في القاهرة والدوحة، التي أفادت مصادر إسرائيلية بإحراز تقدم فيها، إلا أن نتنياهو وضع شروطًا صارمة، مثل نزع سلاح حماس وعدم وجود دور لها في إدارة غزة مستقبلًا، مما يعقد التوصل إلى اتفاق.

حماس، من جانبها، تطالب بضمانات أمريكية لضمان عدم إفشال إسرائيل للاتفاق في مراحل لاحقة، وهو مطلب يعكس انعدام الثقة في نوايا نتنياهو، هذا التردد يعكس حسابات نتنياهو السياسية، حيث يخشى أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى انهيار ائتلافه الحاكم، خاصة مع معارضة وزراء اليمين المتطرف لأي تنازلات.

الضغوط الدولية، بما في ذلك قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت بتهم جرائم حرب، تضيف طبقة أخرى من التعقيد.

هذه المذكرات، التي أثارت تخبطًا في إسرائيل، قلصت من حرية نتنياهو في السفر إلى دول أوروبية ملتزمة بتنفيذ القرار، مما جعله زعيمًا منبوذًا دوليًا.

هذا الوضع يزيد من اعتماده على الدعم الأمريكي، لا سيما من ترامب، الذي يرى فيه نتنياهو فرصة لتعزيز موقفه السياسي، سواء من خلال صفقة تبادل الأسرى أو عبر استغلال النجاحات العسكرية المزعومة ضد إيران.

تكشف سياسات حكومة نتنياهو عن نهج يعطي الأولوية للبقاء السياسي على حساب تحقيق الاستقرار في غزة أو استعادة الرهائن. 

تردده في قبول وقف إطلاق نار دائم، وإصراره على شروط صارمة في المفاوضات، يعكسان خوفه من فقدان دعم حلفائه المتطرفين.

على الصعيد الداخلي، تسعى الحكومة لتقويض استقلالية القضاء وتعزيز سيطرة نتنياهو على الأجهزة الأمنية، مما يهدد أسس الديمقراطية الإسرائيلية. 

سياسات نتنياهو، إلى جانب استمرار العمليات العسكرية التي تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، تجعل حكومة نتنياهو محط انتقادات واسعة، سواء من الداخل الإسرائيلي أو من المجتمع الدولي، وتثير تساؤلات حول قدرتها على تحقيق أهدافها المعلنة دون المزيد من الخسائر البشرية والسياسية.

تابع مواقعنا