طب بالنسبة للمؤجر؟
على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، لم تهدأ صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تزال حتى الآن متحدثة عن قانون الإيجار الذي حُسم أمره قبل ساعات من كتابة تلك السطور، إذ أقرّه مجلس النواب، وأصبح أمرًا واقعًا، وحقيقةً على المؤجر، ومن قبله المستأجر، أن يتعامل معها.
تابعت معظم ما كُتب، وكانت الأغلبية الساحقة في صف المستأجر، الذي ظل منذ ستينات القرن الماضي، جيلًا بعد جيل، مستفيدًا من قرارات الرئيس جمال عبد الناصر بتخفيض الأجرة إلى النصف مرة، ثم مرة أخرى إلى النصف!! لتصبح شقة في أحياء مثل مصر الجديدة، ومعادي السريات، والدقي، والزمالك، وجاردن سيتي، بخمسة جنيهات شهريًا، لم تزد إلى يومنا هذا مليمًا، علمًا أن مساحات تلك الشقق والمحلات التجارية تتراوح بين 150 و250 مترًا! وقد وصل الأمر في قانون الإيجار القديم إلى فيلات ضخمة تتراوح مساحاتها بين 200 و800 متر!!
أي هراء هذا الذي تدافع عنه تلك الصفحات والأقلام!؟ هل من المنطق أن تحصل على الأشياء بثمن بخس؟! وهل من المنطق أن يدافع الجميع عن المستأجر المستفيد، هو ووالده ومن قبلهما جده، من أملاك الغير؟! وهل من المنطق أن تكون نسبة الشقق المستأجرة والمهجورة - بسبب سكن أهلها في المدن الجديدة والكومباوندات - 25٪ من إجمالي العقارات الخاضعة لقانون الإيجار القديم؟!
لماذا تهاجمون الحكومة؟! لماذا فتحتم الأبواب أمام أعداء الوطن ليشيعوا الفوضى، ويطلقوا الأكاذيب والشائعات، ويثيروا الفتن في البلاد؟! ألا تعقلون؟! أم أنها مزايدات من تلك التي هرمنا منها منذ 2013؟! هل قرأتم مشروع القانون، أم أن "سياسة القطيع" قد سيطرت عليكم؟!
لمن لا يعرف، دعوني أخبركم: إن الحكومة قد درست القضية من جميع الجوانب، وأعطت فرصة خمس سنوات للمحلات التجارية، وسبع سنوات للعقارات السكنية من أجل الإخلاء.
بمعنى أن ترويج شائعة أن المستأجر سيُطرد إلى الشارع "غدًا" بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية، كذبة أو جهل بالقانون.
لقد شَكّلت الحكومة لجانًا برئاسة المحافظين، ستبدأ عملها من الغد ولمدة ثلاثة أشهر، قابلة للتمديد لثلاثة أخرى، لحصر كافة العقارات الخاضعة لقانون الإيجار القديم.
وعليه، ستقيم هذه اللجان سعر الإيجار الشهري وفقًا لثلاث شرائح، خلال فترة الخمس سنوات للمحلات والسبع سنوات للعقارات السكنية، علمًا بأنها حددت ثلاث فئات مبدئية تتراوح بين 250 و1000 جنيه شهريًا.
هذا فضلًا عن تصريح الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، بأن الدولة ستتيح بدائل سكنية خلال تلك الفترة في المدن الجديدة، وبأسعار في المتناول.
حينما تدافع، دافع عن الحق، حتى وإن كنت مؤجرًا وستتضرر من الزيادة، التي هي زيادة منطقية، وأنت تعلم ذلك تمام العلم. ولا يعني أبدًا أن تأخر طرح المشروع أنك - كمستأجر - كنت على حق!
أخيرًا، رسالتي إلى من يروّجون ويصرّحون ويتساءلون:
"هل هذه هدية الدولة للمستأجر بمناسبة احتفالات ثورة 30 يونيو؟!"
طيب، لماذا لا تقول إنها هدية للمؤجر؟ ولماذا لا تقول إنها انتصار للعدالة الاجتماعية وتصحيح للمسار؟!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


