الجمعة 11 يوليو 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الإيجار الجديد قبل القديم

السبت 05/يوليو/2025 - 11:15 ص

لطالما سمعنا خلال السنوات الماضية عن النية لمناقشة قانون الإيجار القديم داخل مجلس النواب، وهو الأمر الذي تم بالفعل حتى تم إقرار تعديلات على القانون منذ أيام من قبل مجلس النواب، جاء ذلك وسط ترقّب أصحاب العقارات الذين يأملون في استردادها، خصوصًا بعد أن أصبحت قيمتها بالملايين، نظرًا للارتفاع الكبير في أسعار العقارات، والذي تجاوز حدود المنطق.

نعم، الإيجار القديم معضلة كبيرة تستدعي الحل العاجل، لا لأن أصحاب المنازل يتعرضون للظلم، فذلك أمر فيه نظر، إذ إن معظمهم قد تقاضوا مبالغ تُعرف بـ "الخلو" كانت تُعد كبيرة وقتها، إلى جانب سنوات من تقاضي إيجارات كانت ملائمة في حينها. ولا ننسى أن شقة محترمة منذ سنوات قليلة فقط كانت تُؤجر بمبلغ 300 جنيه حتى في ظل قانون الإيجار الجديد، لكن ما نعيشه الآن هو وضع استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ولكن منطقيا، فإن السبب الأهم لضرورة نظر ملف الإيجار القديم هو الحفاظ على أرواح الأسر المقيمة في مبانٍ أصبحت متهالكة، وتعرضهم للخطر في ظل عجزهم عن تحمل تكلفة الإيجارات الجديدة التي وصلت إلى آلاف الجنيهات، في وقت يعاني فيه كثيرون من دخول متدنية بالكاد تكفي للطعام والشراب.

لذا، فإن أي حل يجب أن يراعي هذه الفئة ويوفر لها مساكن مناسبة، تمنحها الدولة بمقدم رمزي وأقساط لا تتجاوز 500 جنيه شهريًا، من خلال فكرة "الإسكان الشعبي" التي كانت متوفرة قديمًا والأهم أن تكون في نفس محيطهم الاجتماعي.
فالإسكان الذي يُطرح حاليًا في بعض المناطق لا يمكن الحصول عليه إلا من قِبل الأثرياء، نظرًا لارتفاع مقدماته وأقساطه مقارنة بدخل الفرد الفعلي، حيث ما يزال هناك من يتقاضى 2000 جنيه فقط شهريًا بالتعاقد اليومي، في أعمال حكومية وليست خاصة وهو الأمر الذي لا يتماشى مع المنطق أبدا ويفترض تعديله أيضا.

أما المساكن الجيدة، فلا يجب إخلاؤها أو طرد سكانها بأي حال من الأحوال، خصوصًا بعد أن استقرت حياتهم فيها لسنوات طويلة، وهو الأمر الذي تضمنته التعديلات بكل أسف، حيث سيكون المستأجر مجبرًا على إخلاء العين بعد 7 سنوات من إقرار القانون. 

وكان من الممكن بدلًا من ذلك رفع قيمة الإيجار تدريجيًا بمعدل معقول، مع اقتصار توريث العقد على أبناء المستأجر الذين هم أغلب من يقيمون في الشقق الآن فعليًا، وذلك بالنسبة للسكن فقط نظرًا لاعتبارات اجتماعية عديدة، فالمسكن ليس مجرد حوائط يعيش الإنسان بداخلها في أي مكان.

وفيما يخص العقود التجارية، فلا مانع من إنهائها بعد 5 سنوات كما هو مقرر، ولكن مع إبرام عقود جديدة بقيمة إيجارية عادلة، بالإضافة إلى منح فترات طويلة للمستأجرين حفاظًا على بعض المشروعات التاريخية المقامة بها، ومراعاة هذا في التقييم. 

فالمسألة هنا مختلفة؛ لأنها تتعلق بمشروعات تجارية تدر دخلًا، وليست مساكن تؤوي أسرًا لا يجوز حرمانها من حق السكن الذي يكفله الدستور،  ومراعاة البعد الاجتماعي خلال تنفيذ ذلك.

لكن، ورغم أهمية كل ما سبق، إلا أنني أرى أن مراجعة قانون "الإيجار الجديد" أولى من القديم، لأنه خلق فوضى حقيقية جعلت الإيجارات تصل إلى مستويات جنونية لا تتناسب مع الدخول، فتحول الإيجار إلى عبء ضاغط على كثير من الأسر، وأصبح عائقًا كبيرًا أمام إقدام الشباب على الزواج، وهذه مشكلات لها تداعيات خطيرة على المجتمع.

لابد من وضع حد لفوضى الإيجارات والسوق العقاري الحالية، حيث صار امتلاك وحدة سكنية حلمًا بعيد المنال حتى على أصحاب الدخل المتوسط، وليس الفقراء فقط، وعند التوجه للإيجار، تُفاجأ الأسر بأسعار لا تتناسب مع دخولها، وبعقود قصيرة الأجل جدًا تبدأ من سنة واحدة تتضمن زيادات دورية لا سقف لها أو تهديدًا بالطرد.

ولهذا أقول: إن ضبط قانون الإيجار الجديد بما يضمن حقوق المستأجر ويحميه من استغلال أصحاب العقارات، أولى وأهم - حاليًا - حتى من مراجعة قانون الإيجار القديم الذي نتمنى أن يعيده الرئيس السيسي إلى مجلس النواب للمناقشة مرة أخرى، حتى يتم إلغاء فقرة الطرد بعد 7 سنوات لأنها ستكون سببًا في أزمة اجتماعية كبيرة ومن غير المنطق أن تتم معالجة خطأ بخطأ أكبر.

وعن قانون الإيجار الجديد فهل نجد من ينظر فيه لحماية المستأجر من جشع المالك الذي لم يعد يتوقف الآن مما جعل حياة كثير جدًا من الأسر غير مستقرة؟

تابع مواقعنا