مأتم عاشوراء
حين ترفرفُ الروحُ فوق سحائب الإيمان فإنَّها تهفو إلى كل من يتصل نسله بالنبي صلى الله عليه وسلم، روابط الحب الإيماني تضع في سويداء قلوبنا الشوقَ لهم، نتذكر كيف كان حفيد النبي يجالسه، يحتضنه، الأيدي الشريفة تمسح على شعر الصغير، يُزرع الإيمان في قلب الحسين، يكبر على نبته الهداية، يسير بعمله وحكمته في الأرض، ثم يُقتل قتلة شنيعة.
كيف لنا أن نضع في كفّتي الميزان فعْلة القتل في موازاة نبتة النبي، ثم نغوص في جدل حول سؤال أحمق مفاده: منْ المخطئ، ومنْ يستحق الإشادة؟.. هل عاقلون من يعقدون المقارنة؟ هل مدركون أن ما حدث هو قتل ريحانة رسول الله؟
لسنا في موضع التفتيش والتدقيق في التاريخ، بقدر ما نعي جيدًا أنا ما حدث هو فعلُ قتلٍ، ليس قتلٍ وحسب، بل تنكيل بنسل النبي صلى الله عليه وسلم. كل البشر بطبيعية الحال – دون النبي – ليسوا معصومين من الخطأ أو تقدير الموقف، لكن أليس من الأجدى أن يعي المهللون بدولة بني أمية أن هؤلاء وغيرهم على أقل تقدير أخطأوا في إدارة المشهد السياسي لدولة الإسلام آنذاك.
منْ يحق له الآن ألا يغضب بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن ابنته فاطمة الزهراء) مع 18 من أهل بيته، هذا الذي قال فيه النبي: "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا".
في كربلاء فواجع كثيرة- في العاشر من شهر مُحَرَّم - يعتصر القلب حزنًا على مآلات الأمور، وكأن الحكم وتدابيره أطغى وأثقل من الدم، قتلوا الحسين وهو عطشان، هؤلاء الذي لم يتذكروا وصيّة جده، ولم يكتفوا بقتل أطفال بيت النبوة، بل وصلت الأفعال الخبيثة إلى أشكالٍ من السادية، داسوا على جسده الشريف بحوافر خيولهم، وبعدما سلبوه ملابسه نحروا رأسه، ووضعوها أمام ابن زياد، هذه كربلاء الفاجعة يا من ترون في مسالك بني أمية الرشد.. هداكم الله.