الجمعة 11 يوليو 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الدائري الإقليمي.. شريان يربط الموت بالحياة

السبت 05/يوليو/2025 - 06:11 م

لا تزال دموع الأمهات تسبق سيارات الإسعاف على الطرق، ولا تزال مشاهد الحداد تُزهر بالسواد في القرى والأرياف، بعد كل حادث طريق يعصف بالأمل ويخطف الأرواح.

اليوم، تُضاف مأساة جديدة إلى سجل الأسى الطويل، فبعد "فتيات السنابسة"، بدائري أشمون، تتكرر نفس المأساة في دائري منشأة القناطر، أحلام بسيطة، وآمال معلقة، تنتهي على قارعة طريق أصبح سكة سريعة إلى الموت ولسان حال السائرين فوقه توديع ذويهم قبل المرور عليه.

الطريق الإقليمي.. شريان حيوي ومهم من المفترض أن يربط عدة محافظات ومناطق صناعية كبرى، أصبح يربط الموت بالحياة، ويصنع الفاجعة تلو الأخرى، ويطرح تساؤلًا مهمًا يستصرخ الجميع: إلى متى سيستمر هذا النزيف؟ من المسؤول؟ وكيف نوقف هذا النزف الوطني؟

عندما تصبح الرعونة قاتلًا بلا وجه، الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن غالبية الحوادث القاتلة ليست قَدَرًا، بل هي نتاج مباشر لمجموعة من الكوارث المتعمدة والقتل مع سبق الإصرار على السرعة الجنونية التي تسبق الموت بثوانٍ، وتناول المخدرات أثناء القيادة، في جرأة شيطانية لا تُغتفر، والاستهتار بأرواح الآخرين، وكأن الطريق ملك خاص، وتهالك بعض الطرق وعدم صلاحيتها، أو العمل على تطويرها دون خطة فعلية بديلة للحركة فوقها.

انعدام الرقابة الذاتية، وسلوكيات "أنا مش هتأذى" التي تحوّل السيارة إلى نعش متنقل، سبب مباشر، في وقت تواجه وزارة الداخلية وحش الطريق فالأرقام لا تكذب ففي النصف الأول من هذا العام فقط، أعلنت وزارة الداخلية عن تحرير أكثر من 18 مليون مخالفة مرورية، هذا الرقم الضخم يعكس حجم الجهد المبذول في الميدان، لكنه أيضًا يعكس حجم الأزمة المتصاعدة للرعونة والاستهتار وأخطاء القيادة والسلوكيات البشرية التي جعلت من مصر الأكثر حوادث على الطرق.

الرقابة وحدها لا تكفي، ما لم يقابلها وعي ومسؤولية من السائق والمواطن والمؤسسات كافة على حد سواء، وفي الوقت الذي نُقدّر فيه جهود الدولة في تطوير شبكات الطرق، ونعترف بأنها إحدى أبرز خطوات الجمهورية الجديدة، لكن ليس من المقبول أن يستمر طريق في حصد الأرواح تحت مبرر أنه تحت التطوير إذ يجب على القائمين عليه أن تكون هناك قرارات صارمة بإغلاق أي طريق غير مؤهل للحركة، أو على الأقل إيجاد بدائل آمنة، حتى لا يتحوّل التطوير إلى شماعة يعلق عليها البعض أرواح الضحايا.

مثل كرة الثلج تماما، كل حادث كبير يتم تسليط الضوء عليه يُجرّ خلفه عشرات مثله، ويزرع الخوف، ويصنع جرحًا نفسيًا في وجدان المجتمع، كأنه مسلسل متعدد الحلقات، الفقرة التالية منه مجرد حادث جديد في نشرات الأخبار ومواجيزها.

عزيزي سائق السيارة رجائي منك ورسالتي إليك، لا تقُد إن كنت مرهقًا أو غاضبًا، فالطريق لا يرحم، لا تخاطر بحياتك وحياة غيرك من أجل دقائق توفيرها، من يقود تحت تأثير المخدرات يقودنا جميعًا إلى الموت و" مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، صدق الله العظيم

سيدي المسؤول: راقبوا الطرق بكاميرات ذكية على مدار الساعة، طوّروا البنية التحتية، ولكن وفّروا بدائل آمنة خلال التطوير، أطلقوا حملات توعية حقيقية تصل إلى القرى قبل المدن، أوقفوا النزيف.. فالسرعة لا تساوي الحياة.

تابع مواقعنا