الغرور الإداري قاتل صامت للشركة
في إدارة الشركات، ليس الفشل دائمًا نتيجة لظروف السوق والمنافسين أو نقص الفلوس أو نقص مبيعات الشركة، أحيانًا تكون مصيبة الشركة من داخلها، من داخل غرفة الاجتماعات، أو من خلف المكاتب المغلقة، حيث يسكن داخل الشركة الخطر الحقيقي: الغرور الإداري.
الغرور الإداري ليس صوتًا عاليًا أو تهور، بل غالبًا ما يكون صامتا، يتسلل في شكل ثقة زائدة بالنفس، ويظهر على شكل قرارات قاطعة لا تقبل المناقشة، أو خطط تتجاهل كل التحذيرات، وثقة مفرطة تتحول تدريجيًا إلى إنكار ومكابرة ثم إلى سقوط إداري.
الغرور الإداري
الغرور الإداري تضخم في الثقة بالقرارات الإدارية، وتعصب للرأي وعدم قبول النقد والتحليل.
ويظهر على شكل تجاهل للبيانات والأرقام، وتقليل من آراء الموظفين، وتفضيل الرأي الشخصي عن آراء الموظفين وبيانات السوق
لا أحد كبير على الفشل
فالغرور الإداري لا يقتصر على الشركات الصغيرة أو الناشئة بل يطال أقدم الشركات في العالم، لا يوجد أحد يتعامل مع التليفون المحمول لا يتذكر شركة نوكيا! كانت تهمين على سوق الهواتف المحمولة ليس في بلدها إنما في العالم، لكنها تجاهلت الثورة التكنولوجية وصمّت آذانها عن تغيرات السوق، ظنًا منها أن قوتها ومكانتها محفوظة... والنتيجة؟
خسرت كل شيء لصالح منافسين وشركات كل شيء تقريبًا لصالح الشركات المنافسة أكثر مرونة وتعامل مع الواقع.
أمثلة واقعية للغرور الإداري
في الولايات المتحدة الأمريكية انهارت شركات عملاقة بسبب ثقافة الإدارة التي كانت تمجد التوفق الأخلاقي المزعوم للإدارة العليا، كانت تعطي الإدارة العليا القرارات المتهورة والتوسعية بدون خطط أو مراجعة، انفصال تام عن الواقع، حيث انتهي الأمر بإفلاس لهذه الشركة العملاقة التي يتجاوز رأس مالها مليار دولار.
أسباب الغرور الإداري
الغرور لا يأتي فجأة إنما يأتي خلال ثلاثة محطات.
- المحطة الأولى نجاح سابق لم يتم تحليل أسبابه. لكن ينسب الإنجاز بالكامل إلى عبقرية الإدارة بدلًا من ظروف السوق أو الحظ أو التوقيت في تلك الفترة.
- المحطة الثانية هو عدم وجود أي معارضة للإدارة.. كلما زاد المنصب قلت المعارضة.
- المحطة الثالثة هو وجود مناصب إدارية شكلية ليس لها أي قرارات ومجلس أدارة صامت.
النتيجة بعد هذه المحطات الشركة تتجه للهبوط والفشل.
علامات الخطر للغرور الإداري
- قرارات تتخذ كبرى بدون دراسة.
- لا يوجد تقارير عن الأداء الفعلي للشركة.
- تعيين المقربين بدلا من الكفاءات.
- تجاهل السوق "بحجة مشهورة أننا نعرف أفضل منهم".
- التقليل من أهمية المنافسين الجدد.
- التقليل من تغيير سلوك المستهلك.
كيف نكسر الغرور الإداري
- وجود مجلس إدارة فعلي له سلطة لمراجعة ومحاسبة القرارات.
- وجود ثقافة مشاركة القرارات بين الإدارة العليا ورئيس القسم.
- من يبلغ عن خطر أو مشكلة يتم مكافأته بدلا من معاقبته.
- تواضع الإدارة العليا أو مدير الشركة لجميع العاملين.
- المكافأة المالية أو المعنوية لأصحاب المجهود.
الغرور الإداري ليس قرار خطأ.. الكل يخطئ حتى الشركات الكبرى تخطئ، لكن الغرور الإداري هو تفكير خاطئ، وإن لم يجد صاحب الشركة مراية أو أصحاب ضمير ناصحين.. سوف تضيع الشركة بسبب الغرور الإداري.



